Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا شيء يوقف مهربي المخدرات في جبل طارق... حتى كورونا

شبكات التهريب تحاول استغلال حالة الطوارئ الصحية بسبب انتشار الفيروس المستجد في إسبانيا والمغرب

مهاجرون أفارقة في حي الفرح أحد ضواحي الرباط خلال ساعات حظر التجول (رويترز)

إذا كان كل شيء توقف في زمن كورونا، فهذا الأمر لا ينطبق على تجارة الحشيش. فبعد أسبوعين تقريباً من فرض حالة الطوارئ الصحية في إسبانيا بسبب تفشّي الفيروس المستجد، أعلن الحرس المدني الإسباني بداية الأسبوع الحالي، حصيلة تدخلاته الأمنية ضد تجار المخدرات الذين ينشطون بين المغرب وإسبانيا.
ونقلت وكالة "أوروبا بريس" الإسبانية الخاصة للأنباء عن الحرس المدني قوله إن "حصيلة أسبوعين تكشف عن أن مهرّبي المخدرات من المغرب إلى إسبانيا، حاولوا حقيقةً استغلال حال الطوارئ الصحية في كل من المغرب وإسبانيا لتهريب أكبر كمية ممكنة من المخدرات". وأضاف المصدر ذاته أن "حصيلة التدخلات تشير إلى توقيف 58 شخصاً في مختلف مناطق الجنوب الإسباني خلال محاولات لإدخال كميات متفرقة من مخدر الحشيش، سواء على متن قوارب سريعة أو عبر شاحنات النقل الدولي".
 

عودة قوية لتهريب المخدرات


وتمكّن الحرس المدني الاسباني أيضاً من حجز أكثر من 5 أطنان ونصف الطن من مخدر الحشيش، وذلك عن طريق ضبط كميات متفرقة في السواحل الجنوبية ومدن الجنوب الإسباني طيلة الأسبوعين الماضيين، علماً أنّ هذه الكمّية تُعدُّ ضخمةً في هذه المدة القصيرة.

كما أسفرت حملات الحرس المدني عن حجز 9 قوارب تُستخدَم في تهريب الحشيش من سواحل المغرب الشمالية إلى السواحل الإسبانية الجنوبية، إضافةً إلى حجز 12 سيارة كان يستخدمها المهرّبون في نقل المخدرات من السواحل إلى المدن في الداخل الإسباني لتوزيعها على باقي المهربين والمروجين والزبائن.
وأشار بيان الحرس المدني إلى أن هذه حصيلة تدخلاته في مناطق الجنوب الإسباني مثل الجزيرة الخضراء وملقا وألميريا ومنطقة "كامبو جبل طارق" الواقعة بين الجزيرة الخضراء ولالينيا.


تهويل إعلامي

واعتبر الصحافي المتخصّص في الشؤون المغربية - الإسبانية محمد الغول أن "التقارير الإخبارية التي تتحدث عن عودة قوية لظاهرة تهريب المخدرات عبر مضيق جبل طارق واستغلال المهربين انشغال السلطات الأمنية المغربية بتدابير الحجر الصحي (المفروضة ضمن إطار حالة الطوارئ الصحية التي أعلنتها البلاد في مواجهة جائحة كورونا) تتجاوز حدّ التهويل الإعلامي لأسباب عدّة، أبرزها حالة الطوارئ الصحية ذاتها التي تتضمّن تقييداً لحركة التنقل بين المدن والمناطق المغربية". وأضاف أنّ "مراكز المراقبة الأمنية على الشواطئ ما زالت ثابتة في مواقعها على شكلها المعتاد"، مشيراً إلى أن "سوق الاستهلاك الأوروبية للمخدرات تشهد ركوداً بسبب تدابير الحجر الصحي التي تعيشها الأسواق التقليدية لمخدر الشيرا المغربي، بخاصة بلجيكا وهولندا وفرنسا واسبانيا، إذ تكشف الإحصاءات عن تراجع ملحوظ في استهلاك المخدرات في هذه الدول".
 

تجميد نشاط مافيا المخدرات

وكشف تقرير صدر في مارس (آذار) الماضي، عن الهيئة الدولية لمكافحة المخدرات عن قوة الأمن المغربي في مواجهة "بارونات المخدرات" والجماعات الإرهابية، وامتدادها الأفريقي والدولي في مساعدة دول أخرى على محاربة هذه الظاهرة. واستدلّت الهيئة بالكميات القياسية التي ضبطتها قوات الأمن والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في السنتين الماضيتين، ما كبّد أباطرة المخدرات خسائر كبيرة. وأشادت الهيئة الدولية لمحاربة المخدرات بيقظة الأمن المغربي وتحركاته وإجهاض مجموعة عمليات لتهريب المخدرات، ما أثّر في تغيير مسالك التهريب على الصعيد الدولي.


ارتفاع سعر المخدرات

ووسط تجميد نشاط مهرّبي المخدرات وتكبّدهم خسائر كبيرة بعد سلسلة عمليات أمنية مكثفة جرت في السنوات الأخيرة، يُحاول "أباطرة الحشيش" تعويض خسائرهم في هذه الفترة، وفق صحيفة "إلثييري ديجيتال". ففي ظل الظروف الحالية الصعبة وبحكم حالة الطوارئ المعلنة بين البلدين، كان سعر الغرام الواحد من الحشيش المغربي، يُباع ما بين 50 و60 درهماً (5 إلى 6 يورو) قبل الأزمة الحالية، ليصل إلى 150 درهماً و200 درهم أحياناً (15 إلى20 يورو) في بعض الأحياء الإسبانية في ظل حظر التجول. ورأت صحيفة "الباييس" الإسبانية أن الأمر لا يعود فقط إلى تراجع المخزون، بل أيضاً إلى انتهازية المروجين واقتناء المتعاطين كميات كبيرة تحسّباً لطول مدة الحظر.
 

مصائب البلدين فوائد لدى مافيا المخدرات

وقال الصحافي حميد البغوري إن "عودة عمليات تهريب المخدرات بين السواحل المغربية والإسبانية محتملة بقوة في ظل سعي شبكات تهريب المخدرات لاستغلال تراخي القبضة الأمنية على السواحل المغربية في ضوء انشغالها بمواجهة جائحة كوفيد-19، وتعويض خسائرها الفادحة في الأشهر الماضية، بخاصة أنّ الرباط تمكّنت من منع هذه العمليات بشكل كامل". وأضاف أنّ "هذه الشبكات الدولية لتهريب المخدرات تستغل أيضاً انشغال الأمن الإسباني بحالة الطوارئ الصحية المفروضة على البلد بسبب فيروس كورونا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مهربون لا تُرهبهم كورونا

ونشر موقع "صوت غاديس" الإسباني أول الأسبوع الحالي فيديو يظهر أشخاصاً يحمّلون كميات من الحشيش لتوضيبها في أحد المخابئ السرية، ورُصدوا بين كامبيامنتو وبوينتي مايورخا يفرغون حزماً وصلت عبر البحر. وعلّق الموقع على الفيديو بالقول إنّ "هؤلاء يستغلون وضع البلد المشلول ويخرقون القوانين". وسخر الموقع في الوقت ذاته من ارتداء المهرّبين قفازات وأقنعة، معتبراً أن "الهدف من وضعها ليس حمايتهم وإنّما تجنب إتلاف البضاعة أو ترك أثر فيها".


أساليب جديدة للتهريب

في السياق ذاته، قالت "إلباييس" إنّ المروجين والمتعاطين أصبحوا يلجؤون إلى أساليب جديدة كالاستعانة بالكلاب، إذ يتحيّنون فرصة ابتعاد الدوريات الأمنية، ثُمّ يطلقون هذه الحيوانات المدرّبة وهي تحمل المخدرات والمال في الاتجاهين، إضافةً إلى الاعتماد على مواقف السيارات داخل الفضاءات التجارية، حيث يتعلّل المتعاطون بذهابهم لشراء مستلزماتهم ثم يتجهون إلى نقطة معينة يكون المُروّج قد خبّأ فيها الكمية المتفق عليها. وأضافت أنه "في هذه الحالة، حتى الدفع أصبح يتم عبر تطبيقات الهاتف الذكي لتجنب اللقاء المباشر، تفادياً لخطر الإصابة بالعدوى".


الحشيش قبل الحياة

في أحد الأحياء القديمة في مدينة طنجة، بدت الحركة شبه معدومة بعد السادسة مساء، إلّا من قلّة من الشباب المدمنين الذين تجاهلوا تعليمات وزارتَيْ الصحة والداخلية بالتزام المنازل وتجنّب المخالطة، يتقاسمون تدخين سيجارة ويراقبون المارة ويرصدون دوريات الشرطة استعداداً للفرار، خوفاً من حملة أمنية أو مداهمة. وشرح عزيز وهو حارس سيارات، أنّ استهلاك الحشيش في هذه الظروف يُهوّن حالة الملل والروتين بعد إجراءات حالات الطوارئ، مشيراً إلى أن الإقبال على كل أنواع المخدرات في هذه الفترة رفع أسعارها إلى مستويات خيالية، فارتفع ثمن القرص المهلوس الواحد بشكل صاروخي من 25 درهماً إلى 80 (أي من 3 يورو إلى8  تقريباً)، وصار ثمن قطعة واحدة من مخدر الشيرا يتجاوز 120 درهماً (أي 12 يورو).

المزيد من العالم العربي