Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أندي ورهول: لماذا يعتقد رسام حركة فن البوب العظيم أن "ترمب رخيص نوعاً ما"؟

لقد تنبأ بثقافة المشاهير ووسائل التواصل الاجتماعي، واعتقد أنه يجب على الفنانين القيام بأمور تتجاوز حمل فرشاة الرسم

أندي ورهول (غيتي)

خلال مباراة السوبر بول العام الماضي، تلقى مليون مشاهد أميركي مكافأة مشهداً هو آخر ما يمكن توقعه ضمن أحد الفواصل الإعلانية. في ذلك المشهد الذي استمر لمدة 45 ثانية ظهر آندي ورهول ببساطة وهو يتناول بضع لقيمات من شطيرة برغر كينغ ووبر- ويضيف القليل من الكاتشب.

لم تكن هناك موسيقى مصاحبة للإعلان، ولا جملة اختتامية، بل مجرد خشخشة خفيفة تصدرها ورقة تغليف البرغر - في مشهد يتكشف ببطء ويظهر في نهايته هاشتاغ #EatLikeAndy كلوا مثل آندي. لقد كان بعيداً كل البعد عما يمكن للمرء أن يتخيله من الإعلانات ذات الميزانية الكبيرة التي تُعرض عادة خلال مباراة السوبر بول.

كان رد الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي سريعاً وواسعاً واحتوت التعليقات في الغالب على كلمة "غريب". لماذا يتم عرض مقطع بطئ يعود لعام 1982، لفنان توفي في عام 1987، ضمن حدث رياضي يجري في عام 2019؟ ما هو المغزى المالي الذي حققه الإعلان كذلك -  نظراً لأن الفواصل الإعلانية ضمن مباراة السوبر بول هي الأغلى في العالم بتكلفة 175000 دولار للثانية الواحدة؟

الإجابة هي أن ذلك المقطع أظهر فناناً أميركياً عظيماً يأكل طعاماً أميركياً رائعاً في سياق مناسبة أميركية عظيمة. وقالت برغر كينغ إن الإعلان كان احتفاء بأميركا بحد ذاتها.

يقول غريغور ميور، المشرف على معرض كبير لـ ورهول يُفتتح في متحف تيت للفنون المعاصرة هذا الشهر، "إذا أثبت هذا المقطع أي شيء، فهو أن آندي لا يزال موجوداً بيننا إلى حد كبير... إنه شخصية خالدة، وهدفنا من المعرض هو إظهار ذلك".

بعد عمله لمدة عقد من الزمن رساماً تجارياً في شارع ماديسون في نيويورك، بدأ ورهول حياته الفنية في مطلع الستينيات من القرن الماضي. وصعد إلى الشهرة كزعيم حركة بوب آرت (الفن الشعبي)، التي رفضت التقاليد الثقافية الرفيعة وقامت بتصوير مواضيع الحياة اليومية بدلاً من ذلك: في حالة ورهول، قام برسم زجاجات الكولا، وصناديق منظف بريلو، وعلب حساء كامبل.

وسرعان ما بدأ يرسم صوراً لمارلين مونرو وإلفيس بريسلي على الحرير أيضاً. وأشار ذلك إلى فنان في تناغم كامل مع الرجل الأميركي العادي. المفارقة بالطبع هي أنه وفي ظل إدارة الرئيس الحالي، ربما لم يكن السماح لوالدي ورهول بدخول الولايات المتحدة في المقام الأول أمراً ممكناً. تحدر أندريه وجوليا ورهولا من قرية صغيرة تسمى ميكوڤا على سفوح جبال الكارپات، في ما يعرف اليوم بسلوفاكيا (لكنها في أيامهما كانت جزءاً من الإمبراطورية النمساوية المجرية). وخلال بحثهما عن حياة أفضل، انتقلا إلى بيتسبرغ بعد الحرب العالمية الأولى، حيث عمل أندريه في البناء ووُلد آندي - واسمه الكامل أندرو ورهولا - هناك عام 1928.

في بداية مسيرته المهنية، اختار آندي تعديل كنيته وحذف حرف الألف من نهايتها. وعندما كان يُسأل عن جذوره العرقية، كان يجيب: "أشعر دائماً أنني أميركي: 100 في المئة". (من المثير للاهتمام، أن ورهول ودونالد ترمب قد التقيا بالفعل - في إحدى الحفلات في نيويورك عام 1981. حيث كلف الأخيرُ ورهول برسم صورة على الحرير لبرج ترمب، لكنه لم يقبل العمل النهائي ورفض دفع ولو سنتيم واحد، لأن ترتيب الألوان لم يعجبه. وكتب ورهول في مذكراته: "أعتقد أن ترمب رخيص نوعاً ما".

يهدف معرض تيت إلى إظهار مدى تأثير ورهول على الفنانين اللاحقين، لا سيما في الطريقة التي اعتنق بها وسائل الإعلام وأساليب التوزيع المختلفة. في منتصف الستينيات، وبعد الانطلاقة الأولى لأعمال البوب، توجه إلى صناعة الأفلام، مثل فيلم "سليب" (نوم)، الذي نرى فيه صديقه الشاعر جون جورنو نائماً لمدة خمس ساعات.

كما أسس مجلة إنترڤيو التي استمرت لمدة 50 عاماً قبل اختفائها في عام 2018 وأُجريت خلالها لقاءات مع المشاهير، من المغنية شير إلى مايكل جاكسون. ودعونا لا ننسى عمل "إكسپلودينغ پلاستك إنڤيتبل" (لا مفر من البلاستك المتفجر) العرض المسرحي متعدد الحواس قام بابتكاره من أجل فرقة "ڤيلڤت أندرغراوند" التي أدارها لفترة وجيزة.

باختصار، كان يعتقد أنه بإمكان الفنان، ويتوجب عليه، القيام بأكثر من مجرد حمل فرشاة الرسم. وهو نهج فني مستعرض يؤخذ اليوم كمعيار - ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى فضل المثال الذي ضربته مغامرات ورهول قبل عقود.

على كل حال، فإن تأثيره يمتد إلى ما هو أبعد بكثير من عالم الفن. يقول ميور: "إن ورهول كان سابقاً للمجتمع الذي نعيش فيه ومتنبئاً به". خلال المعرض الذي يقام في متحف تيت مودرن سيتم عرض 25 لوحة من سلسلة لوحات غير معروفة تعود لعام 1975 تحمل عنوان "ليدز آند جينتلمين" (السيدات والسادة). تصور المجموعة رجالاً ونساءً متحولين جنسياً كانوا يترددون على حانة غيلدد غريپ قبالة ساحة تايمز سكوير - ومن وجهة نظر ميور، "يمكن بسهولة اعتبار أن اللوحات رُسمت يوم أمس، من حيث الجدل الدائر الآن حول الهوية المتحولة وحقوق مجتمع الميم".

على الرغم من مرور 33 عاماً على وفاته، فإن ورهول توقع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي. خذوا على سبيل المثال مجموعة أفلامه القصيرة التي تحمل اسم "سكرين تيستس" (اختبارات الشاشة) والتي وصلنا منها 472 فيلماً طلب فيها من زوار الاستوديو الخاص به الجلوس على كرسي قبالة الكاميرا وتقديم "أداء" لمدة ثلاث دقائق أمام الكاميرا - وهو ما يشبه إلى حد كبير ما يقوم به مدونو يوتيوب في يومنا هذا.

هناك أيضاً كتابه الذي أصدره عام 1975 بعنوان "فلسفة آندي ورهول"، والذي يوصف عادة بأنه سيرة ذاتية مفككة ولكن يمكن فهمه بشكل أفضل على أنه حساب بدائي على موقع تويتر، نظراً لميل مؤلفه إلى تضمين التفاصيل الغارقة في اليومية (مثل حبه للخبز المحمص مع المربى) والجمل المختصرة الذكية (مثل "الشراء أكثر أميركية من التفكير") على حد سواء.

كما أنه كان يحمل معه كاميرا مينوكس صغيرة الحجم أينما ذهب، حيث التقط أكثر من مئة ألف صورة لأصدقائه والأطعمة وواجهات المباني وعلامات المتاجر وما شابه ذلك - في استقراء لمنشورات إنستاغرام المليئة بالصور في زماننا هذا. قال ورهول ذات مرة: "أنا لا أقرأ أبداً... أنا أنظر إلى الصور فقط". (يروي إلتون جون في سيرته الذاتية المنشورة أخيراً تحت عنوان "مي" (أنا) حادثة مضحكة وقعت عندما كان هو وجون لينون يستنشقان كميات كبيرة من الكوكايين في غرفة أحد الفنادق في نيويورك في وقت متأخر من الليل، عندما قرع ورهول الباب وذهب إلتون ليفتح الباب، ترجاه لينون قائلاً: "لا تدعه يدخل: ستكون كاميرته اللعينة معه".)

تُظهر هذه الحلقات الفردية ضمن مسيرة ورهول المهنية فهمه الفطري لتكنولوجيا الاتصالات، السرعة التي تتغير بها، والاتجاه الذي كانت تسير فيه.

كان مدركاً للصعود الحاد للتلفزيون، لا سيما مع انتشار قنوات الكيبل مثل "سي أن أن"، "إي أس پي أن"، "نيكلوديون" و "أم تي ڤي" أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات. أعلن ورهول في ذلك الوقت أن التلفزيون "كان الوسيط [الذي كان شخصياً] يود أن يتألق فيه الآن"، وفي الواقع قام بتقديم خمس حلقات من برنامج حواري على قناة "أم تي ڤي" كان يحمل عنوان "خمس عشرة دقيقة لآندي ورهول"- وهو عمل توقف بموته عن عمر يناهز 58 سنة بسبب مضاعفات إثر عملية جراحية في المرارة. يشير عنوان البرنامج إلى أشهر اقتباس له، حيث يقول: "في المستقبل، سيكون الجميع مشهورين على مستوى العالم لمدة 15 دقيقة".

بهذه الكلمات، تنبأ ورهول بقدوم نجوم تلفزيون الواقع والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي - حيث نمت المنصات بشكل كبير للوصول إلى الشهرة سريعة الانتشار.

يذكر ميور: "يُقال غالباً إن ورهول كان أهم فنان في النصف الثاني من القرن العشرين... لكن يمكن للمرء أن يجادل بأنه أهم فنان في أوائل القرن الحادي والعشرين أيضاً". فقد أدرك أن المشاهير ضمن المجتمع الاستهلاكي ينتشرون في كل مكان ويمكن التخلص منهم بعد الاستهلاك مثل علب الحساء وزجاجات الكولا وشطائر برغر كينغ ووبر.

© The Independent

المزيد من ثقافة