Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في زمن كورونا... الملايين يفقدون أعمالهم حول العالم

توسيع شبكة الأمان الاجتماعي ودعم الأجور والقروض ذات الفوائد المنخفضة والإعفاءات الضريبية، لم تمنع الشركات من التخلّص من موظّفيها بوتيرةٍ متسارعة

عمال البناء يجلسون على مقعد في لندن (أ.ف.ب)

هدف تدخّل الحكومة من خلال مبادرات بقيمة تريليونات الدولارات، إلى تجنّب أزمة بطالة غير مسبوقة بعد الكشف عن أرقامٍ خطيرة تُظهر فقدان ملايين وظائفهم في غضون أسابيع قليلة منذ بدء وباء كورونا.

وأفادت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني في المملكة المتحدة، بأنّ 27 في المئة من الشركات تسرح موظّفيها بسبب انتشار فيروس كورونا. وعلى الرغم من أنّ بعض البيانات قد جُمعت قبل التدخّلات الحكومية الأخيرة، إلّا أنّه من المتوقّع أن تستمرّ وتيرة صرف الموظّفين مع نفاد السيولة من الشركات وعدم تمكّن المصارف من الإقراض كما سبق للعديد من الوزارات أن خططت في الأساس.

وفي هذا السياق، أكّدت أرقام وزارة العمل والمعاشات البريطانية ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الأشخاص الذين يعتمدون على نظام المساعدات. وبلغ عدد الذين تقدّموا بطلبات جديدة للائتمان الشامل خلال الأسبوعين الأخيرين رقماً قياسياً هو 950 ألف شخص أي بزيادة تسع مرّات عن المعدّل الطبيعي.

وأعلنت السلطات الإسبانية يوم الخميس، أنّ 900 ألف شخص فقدوا وظائفهم منذ بدء الإقفال التام في البلاد في 16 مارس (آذار) الماضي بسبب تفشّي فيروس كوفيد- 19.

وفي الولايات المتحدة، أصبح 10 ملايين شخصٍ عاطلين من العمل في غضون أسبوعين بعدما تضاعفت أرقام البطالة خلال الأيام السبعة الأخيرة. وعليه، صادق الكونغرس الأميركي الأسبوع الماضي على تخصيص تريليوني دولار كمساعداتٍ لتخفيف وطأة وباء كورونا وسيشمل هذا الدعم المتعاقدين وأصحاب الأعمال الحرة ممن باتوا عاطلين من العمل.

وفي غضون ذلك، أظهرت الأرقام بأنّ تعهّدات الحكومات بتقديم ضمانات أجور، وقروض ذات فوائد منخفضة، وإعفاءات ضريبية، لم تفلح كلها حتّى الساعة في معالجة الضرر الاقتصادي الذي لحق بالبلدان جرّاء جائحة كورونا وإجراءات التباعد الاجتماعي التي فُرضت للحدّ من انتشار الفيروس.

وأعلن وزير المالية البريطاني ريشي سوناك تخصيص 330 مليار جنيه استرليني (404 مليار دولار) من ضمانات القروض فضلاً عن برنامج لدفع رواتب 80 في المئة من الموظّفين المدرجين على جداول رواتب الشركات  ممن لا يعملون بسبب فيروس كورونا.

واستفادت بعض الشركات من هذه البرامج الحكومية، على غرار الخطوط الجوية البريطانية التي أوقفت 36 ألف موظّف يوم الخميس الماضي عن العمل، لكن عدداً منها عمدت على أية حال إلى الاستغناء عن بعض موظّفيها.

وفي هذا السياق، اعتبر ميلان بانديا، وهو شريك في شركة "بليك روثنبرغ " للاستشارات والضرائب أنّه يتوجّب على وزير المالية أن يفعل أكثر مما فعله  للحفاظ على الشركات والحرص على أن تتحرّك المصارف بشكلٍ سريع. وأضاف "الحصول على قروضٍ هو كابوس حقيقي. المصارف مقفلة والمواقع الإلكترونية مزدحمة ولا يمكنك الحصول على قرضك عبر الهاتف… هنالك حاجة ملحّة لتفكيرٍ مبتكر حقيقة بشأن هذه العمليّة ويتوجّب على المصارف أن تزيد قدرات الأنظمة الرقمية لديها، وأن تحسّن مراكز الاتصال. تحتاج العمليّة برمّتها إلى تبسيط لجعلها أسرع وأكثر فعالية… فحتّى وإن تخطّت تلك الإجراءات الأولية تحد نفسك أمام الكثير من الأوراق الروتينية. نحن لا نطالب بالإقراض العشوائي والفوضوي ولكن باعتماد طريقة بسيطة للتدقيق بالشركات".

واقترح بانديا أن تزوّد المصارف الشركات التي تستوفي بعض المعايير بقرضٍ قصير الأمد لا يتجاوز 20 ألف جنيه استرليني (24 ألف دولار) عوضاً عن إرغامها على إنجاز عملية تقديم طلب كاملة. ويصبح بإمكان المصرف بعد ذلك أن يقيّم المزيد من المعلومات المفصّلة لاتخاذ قرار بخصوص أيّ قرضٍ إضافيّ. وأردف أنّ "المصارف لا تلجأ إلى أساليب مبتكرة في تفكيرها. يتوجّب تأمين الأموال للذين يحتاجون إليها الآن بطريقةٍ تحافظ على الإقراض المسؤول".

كما انتقد نواب الفجوات الموجودة في تدابير الدعم التي أقرّتها الحكومة للأشخاص العاملين في القطاعات الإبداعية والثقافية. وفي هذا السياق، حذّرت "لجنة التكنولوجيا الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة" التابعة لمجلس العموم يوم الخميس الفائت من أنّ العديد من الموظفين والمتعاونين المستقلين قد يُحرمون أشهراً عدة من مداخيلهم لأنهم ليسوا مؤهلين للاستفادة من برنامج الاستبقاء الوظيفي.

وفي رسالةٍ وجّهها النوّاب إلى الوزير ستيف باركلي، كبير أمناء الخزنة عضو مجلس الوزراء، حذّروا فيها من أنّ العديد من المتعاونين المستقلّين منخرطين في العمل وفق عقود دفعٍ محدّدة المدّة على الرغم من كونهم من أصحاب المهن الحرة من الناحية التقنية لأنّهم وُظفوا للعمل في برنامجٍ معيّن قبل الانتقال إلى وظيفة أخرى في نهاية عملية الإنتاج.

ويعني هذا بأنّهم مسجّلون من قبل مكتب الموارد والجمارك الملكي على أنّهم موظّفون وبالتالي ليسوا مؤهّلين للحصول على دعم الحكومة في إطار برنامج دعم الأعمال الحرّة.

وفي هذه الأثناء، خلُصت التحليلات التي أجراها "معهد الدراسات المالية" إلى أنّ مليوني شخص ممن يحصلون على بعض الدخل من مزاولتهم أعمالاً حرة، لن يستفيدوا من هذا البرنامج.

واعتبر المعهد أنّ السرعة التي استُنبط من خلالها هذا النموذج تعني أنّه حتماً لم يكن موجّهاً "بالشكل الذي نتوقّع حدوثه في الأوقات الطبيعية".

وقدّر مركز البحوث هذا أنّ حوالى 1.3 مليون شخص لن يستفيدوا من برنامج مساعدات العمل الحرّ لأنّهم تلقّوا أقلّ من نصف دخلهم من عملهم الحر، في حين أنّ 225 ألفاً سيكونون غير مؤهلين لنيل المساعدة لأنّ أرباحهم تخطّت 50 ألف جنيه استرليني (61 ألف دولار) سنوياً. كما أنّ 650 ألفاً آخرين لن يكون بإمكانهم الحصول على الدعم المالي في إطار البرنامج الجديد لأنّهم بدأوا العمل بعد أبريل (نيسان) 2019.

© The Independent

المزيد من الأخبار