Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بيت التلي" مبادرة لإحياء فن تراثي من صعيد مصر

يستلهم مفرداته من البيئة المحيطة ويحكي حدوتة مصرية عن طرحة العروسة

الزي التقليدي من نسيج "التلي". (إندبندنت عربية)

يعد بيت التلي واحداً من المبادرات التي تسعي إلى الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري المصري وإلى إعادة إحيائه وتعريف الأجيال الجديدة بفن كاد يندثر، والتلي عبارة عن تطريز دقيق لوحدات زخرفية متكررة بشرائط معدنية رفيعة على نسيج رقيق يشبه التل يكون باللون الأسود في أغلب الأوقات، وهو تراث اشتهرت به نساء الصعيد لفترات زمنية طويلة، وشكّل جزءاً من الهوية المصرية والثقافة الشعبية.

صدفة أعادت إحياء التراث

الفنان سعد زغلول، القائم على إنشاء بيت التلي، قال لـ"اندبندنت عربية": "البداية جاءت بالصدفة، حينما كانت هناك سيدة إنجليزية في زيارة لسوهاج للبحث عن نسيج التلي، ولم تنجح في الحصول عليه نهائياً لأنه تقريباً كان انتهى ولم يعد أحد ينفذه، وتركت لنا قطعة التلي، وسافرت إلى بلدها".

 وأضاف زغلول: "ظللت أبحث عن أي خيط يقودنا إلى نسيج التلي لما يقرب من العام حتي وجدت سيدتين من كبار السن تعرفان كيفية تنفيذه، وبدأتُ بعدها في رحلة البحث عن الخامات المطلوبة حتى وجدتها، وطلبت من كل سيدة منهما أن تنفذ الوحدات الزخرفية التراثية التي تعرفها، حتى لا تندثر، ثم عهدت إليهما  بتعليم بعض الفتيات، وبدأت في إحياء التلي من جديد بعد أن حصلتُ على منحة من الصندوق الاجتماعي للتنمية، وتوسع المكان في تعليم البنات شغل التلي بشكل أكبر".

فرص عمل

ويضيف أنه "إلى جانب سعينا إلي إحياء التراث المصري القديم والحفاظ عليه نسعى من خلال بيت التلي إلى توفير فرص عمل للفتيات من خلال القطع التي يقمن بتنفيذها والتي نسوقها من خلال المعارض، وبالتالي نوفر مصدر دخل للعاملات في هذا المجال بصورة تناسب ظروفهن حيث يمكنهن العمل من منازلهن في الأوقات المناسبة لهن، فالأمر لا يحتاج إلا للإبر والخيوط والقماش".

ما التلي؟

 

  التلي هو تراث شعبي موروث نابع من البيئة المحيطة، يستلهم مفرداته ووحداته الزخرفية المميزة منها، ليقدم   في النهاية قطعة فنية متفردة تعكس ثـقافة المكـــان وتراثه الحضاري.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن هذا الأمر يقول الفنان سعد زغلول: "التلي عبارة عن لوحة فنية تحكي قصة من خلال "موتيفات" معينة، تمثل رموزا ومفردات قادمة من البيئة المحيطة والمخزون الثقافي مثل النباتات كالنخل والقصب والرموز الشعبية مثل الإبريق والفانوس إضافة إلى بعض الوحدات الزخرفية الهندسية".

التلي وطرحة العروسة

تابع:  "طرحة العروسة قديماً كانت تصنع من نسيج التلي، وتحمل رموزاً تحكى قصة، حيث تزين بوحدات متكررة تمثل العروسة نفسها، والشموع والورد والجمل الذي ستركبه في طريقها إلى منزلها الجديد، الذي سيمثل الوحدة الزخرفية الأخيرة في القصة المنفذة بشكل فطري، يدل على عبقرية المرأة المصرية الشعبية في حرفتها اليدوية البسيطة التي تحمل تاريخاً وثقافة لا تقدر بثمن".

ويضيف: "ينفذ التلي بنوع خاص من الإبر، وبخيوط معدنية رفيعة، وكانت النساء من الطبقات الغنية يحرصن على ارتدائه حتى أنه كانت أحياناً تستخدم خيوط من الذهب والفضة في تطريزه، وكان أوج انتشاره في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، إلا أنه بدأ في الانحسار حقبة الثلاثينيات حيث بداية انتشار الذوق الأوروبي في الملابس، وإقبال السيدات عليه إضافة إلى اتجاه الراقصات، أو ما كان يطلق عليه في هذا الوقت "الغوازي" إلى ارتدائه، مما جعل النساء من الأسر المحافظة تتجنبه، فقل الطلب عليه، ولم يعد هناك من يتقنه أو يسعي إلى تعلمه، وبالتالي بدأ في الاختفاء بشكل تدريجي إلى أن أوشك على الانقراض".

وعن أمنياته للمستقبل يقول الفنان سعد زغلول: "أتمنى أن تكون هناك مدرسة متخصصة لتعليم فن تطريز نسيج التلي، والاستفادة من هذا الفن التراثي في حياتنا المعاصرة بصورة أكبر، كما أتمنى من الطبقة المثقفة  والفنانين ومصممي الأزياء أن يسعوا لدعم أحد مفرداتنا التراثية والثقافية، باعتبارها عنوانا للمرأة المصرية، فعندما ترتدي الفنانات أزياء مطعمة بالتلي في مهرجان أو حدث عالمي كبير، أو ترتديه السيدات في المحافل الثقافية الكبرى فسيمثل هذا دعاية كبيرة، ودعما لفن مصري أصيل يجب أن نسعى جميعاً إلى لفت الأنظار إليه، وإلى الحفاظ عليه باعتباره أحد ثرواتنا الثقافية وتراثنا الحضاري".

المزيد من