بالتوازي مع التصاعد المتوالي في عدد الإصابات بفيروس كورونا المُستجد في مصر ليتجاوز وفق ما هو معلن رسمياً الألف إصابة، وأكثر من 70 وفاة، انتاب القلق الأوساط الطبية، السبت، مع إعلان إصابة 17 شخصاً من الطاقم الطبي في المعهد القومي للأورام بالعاصمة (يتجاوز عاملوه الألف) بـ"كوفيد 19"، الذين تعدّهم السلطات "الجيش الأبيض"، وخط الدفاع الأول في "الحرب على الفيروس".
وعلى الرغم من التدابير الاحترازية المُشددة التي تنتهجها السلطات المصرية، التي شملت منذ الأسبوع الماضي حظر تجول ليلياً مدة أسبوعين، في محاولة لاحتواء تفشي الوباء، يدق إعلان ارتفاع الإصابات بالطواقم الطبية المصرية، التي ذكرت مصادر لـ"اندبندنت عربية" تجاوز عدد المصابين بينهم الـ100 شخص حتى الآن في تقدير غير رسمي، "ناقوس الخطر واختباراً صعباً" للمنظومة الصحية بالبلاد.
الفيروس يضرب معهد الأورام
وصباح السبت، أعلنت جامعة القاهرة، في بيان، إصابة 17 شخصاً من العاملين بالمعهد القومي المصري للأورام بفيروس كورونا موزعين بين أطباء وممرضين، وجرى عزلهم.
وقال البيان، "قررت جامعة القاهرة فتح تحقيق حول إصابة الأطباء والممرضين"، موضحاً أن الهدف "الوقوف على أسباب التقصير إنْ وجدت"، ومضيفاً أنه جرى "عزل الحالات التي ثبتت إصابتها والمخالطين لها".
ووفقاً لبيان الجامعة، سيُجرى "وقف العمل بالمعهد القومي للأورام مدة يوم واحد فقط، على أن يقتصر استقبال العيادات الخارجية خلال الفترة المقبلة على الحالات العاجلة والطارئة".
كما قررت الجامعة، التي يتبع المعهد اختصاصها، تشكيل لجنة فنية لمراجعة البروتوكولات الطبية المعمول بها بالقومي للأورام في مجالات مكافحة العدوى وضمان السلامة للأطقم الطبية والعاملين والمترددين من المرضى، والتأكّد من استيفائها كل الاشتراطات القياسية المقررة بالبروتوكولات الطبية لوزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبينما قال محمود علم الدين، متحدث الجامعة، إن الإصابات المعلنة في معهد علاج السرطان مشمولة ضمن إحصاءات وزارة الصحة، موضحاً أنه "لا يُعلن رقم إلا في إطار إحصاءات وزارة الصحة"، فإنّ مصادر طبية رسمية قالت لـ"اندبندنت عربية"، إن "التقديرات غير الرسمية إلى الآن لحصيلة المصابين بين الأطقم الطبية في مواجهة كورونا تتجاوز الـ100 إصابة، فضلاً عن وفاة طبيبين".
وبحسب علم الدين، فإن جامعة القاهرة قررت تعيين فريقين جديدين لمكافحة العدوى والجودة بالمعهد، لتولي إدارة الملف خلال المرحلة المقبلة في ضوء المتابعة مع اللجنة الفنية.
وأوضح أنه بعد إبلاغ المعامل المركزية لوزارة الصحة أُجريت التحاليل اللازمة للحالات المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا، إضافة إلى عزل الحالات التي ثبت إصابتها والمخالطين لها فور التأكد من الإصابة، مشيراً إلى أنه سيُجرى تعقيم المعهد تعقيماً شاملاً.
وكانت نقابة الأطباء في مصر أعلنت الاثنين وفاة أول طبيب مصري بالفيروس، وهو من بورسعيد، إحدى محافظات قناة السويس.
المنظومة الصحية تحت الاختبار
وفق مصادر تحدّثت إلى "اندبندنت عربية" فإن "تزايد عدد الإصابات بين العاملين في معهد الأورام جاء بعد الاشتباه في أحد العاملين بالمعهد الأسبوع الماضي بإيجابيته بالفيروس، الذي سرعان ما أسفرت مخالطته الطواقم الطبية والممرضين عن تفشي سريع للوباء".
وقال إبراهيم الزيات، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء المصريين، إن عدد الإصابات بين الفريق الطبي وصلت إلى نحو 100 إصابة بفيروس كورونا، وهو ما يعادل 10 في المئة من إجمالي عدد الإصابات الرسمية المعلنة.
وبحسب الزيات فإنّ عدد الـ100 إصابة "غير رسمي"، وإن النقابة خاطبت وزارة الصحة لإخطارها ببيانات الأطباء المصابين والحالة الصحية، لكنها "لم ترد" حتى الآن.
وأعلنت النقابة العامة للأطباء في مصر، ظهر اليوم، "أنها تلقت ببالغ الأسف صدمة إصابة عدد كبير من الأطباء وأعضاء الفريق الطبى من العاملين بمعهد الأورام بفيروس كورونا، ليضافوا إلى من أصيبوا بالعدوى سابقاً".
وذكرت أن "الفريق الطبى الذي يتصدّر الصفوف فى مكافحة الفيروس القاتل هو الأولى بالحماية، ليستطيع استكمال مهمته في التصدي للمرض، بدلاً من أن يتحوّل هو نفسه إلى مصدر للعدوى وتفشي الوباء".
ووفق إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء المصريين، فإن تزايد الإصابات في صفوف الأطقم الطبية يدق ناقوس خطر كبير على المجتمع كله، مشيراً إلى أن إصابة طبيب أو ممرض بالعدوى ربما يؤدي إلى تحوّله من تقديم المساعدة الطبية، ليصبح مصدراً لعدوى الآخرين.
وحتى مساء السبت، بلغت حصيلة المصابين بالفيروس 1070 شخصاً وتُوفِّي 71 آخرون، بينما ارتفعت حالات الشفاء إلى 241 حالة.
وقال متحدّث باسم وزارة الصحة المصرية، فقد سُجِّلت السبت 85 حالة إيجابية جديدة لفيروس كورونا، جميعهم من المصريين، بينهم عائدون من الخارج، إضافة إلى المخالطين للحالات الإيجابية التي اُكتشفت وأُعلنت سابقاً، وذلك ضمن إجراءات الترصد والتقصي التي تُجريها الوزارة وفقاً لإرشادات منظمة الصحة العالمية، لافتاً إلى "وفاة 5 مصريين".
تأجيل افتتاح مشروعات كبرى
إلى ذلك، أعلنت الرئاسة المصرية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أجَّل افتتاح مشروعات قومية كبرى، من بينها المتحف المصري الكبير، ونقل الموظفين الحكوميين إلى العاصمة الإدارية الجديدة، من العام الحالي إلى عام 2021 بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.
وكان من المقرر افتتاح المتحف الجديد هذا العام، ونقل المجموعة الأولى من الموظفين الحكوميين إلى الحي الحكومي بالعاصمة الإدارية الجديدة في يونيو (حزيران) المقبل.
وقال بيان الرئاسة، "وجَّه الرئيس بتأجيل فعاليات وافتتاحات المشروعات القومية الكبرى، التي كان من المفترض القيام بها خلال العام الحالي 2020 إلى العام المقبل 2021، بما في ذلك الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وكذلك افتتاح المتحف المصري الكبير ومتحف الحضارة المصرية، وذلك نظراً إلى ظروف وتداعيات عملية مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد سواء على المستوى الوطني أو العالمي".
والأسبوع الماضي، فرضت مصر حظر تجوّل ليلياً مدة أسبوعين، في محاولة لاحتواء تفشي الوباء. واضعة غرامة على المخالفين، تصل إلى أربعة آلاف جنيه مصري (250 دولاراً أميركياً)، وقد تصل العقوبة إلى السجن. كما جرى إيقاف الرحلات الجوية حتى الـ15 من أبريل (نيسان).