Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قاضٍ بريطاني يشبّه حالة الإغلاق بسبب كورونا بالدولة البوليسية

موجة اعتقالات واتهامات للشرطة بـ"تجاوز تفويضها القانوني"

كاميرا طائرة وتوجيهات بوليسية زاعقة من الفضاء... صورة قاسية لليد الأمنية الثقيلة في زمن كورونا (أ.ف.ب.)

شبّه قاضٍ سابق في المحكمة العليا طريقة فرض بريطانيا حالة الإغلاق بسبب فيروس كورونا بالـ"الدولة البوليسية" بعد وقوع سلسلة من الاعتقالات.

واتّهمت بعض وحدات الشرطة بتجاوز صلاحياتها بموجب قوانين الصحة العامة التي أُقرّت الأسبوع الماضي، بعد استدعاء بعض الأشخاص للمثول أمام المحكمة بسبب تجوّلهم بالسيارة أو شراء "أغراض غير أساسية".

وتلقّت وحدة الشرطة في "ديربي شاير" انتقادات قاسية بسبب استخدامها طائرة مسيّرة لـ"إحراج" بعض أفراد المجتمع المحلي فيما كانوا يسيرون إلى جانب أعضاء من عائلتهم في أمكنة نائية.

وفي ذلك السياق، ذكر القاضي اللورد سَمتشون أن الوحدة "جلبت العار على تقاليد وحدات الشرطة لدينا"، إذ بدا أنها تطبّق توجيهات الحكومة عوضاً عن القانون نفسه. وأشار القاضي المتقاعد في حديث مع "برنامج العالم في الساعة الواحدة" ("ذا وورلد آت وان") الذي تبثّه إذاعة "بي بي سي الرابعة"، إلى أن "الشرطة لا تمتلك صلاحية فرض ما يفضّله الوزراء بل ما تمليه القوانين وحدها، وتلك لا تصل أبداً إلى الحد الذي تبلغه التوجيهات الحكومية".

وأضاف، "يجسّد ذلك شكل الدولة البوليسيّة... إنها دولة تستطيع حكومتها أن تصدر تعليمات أو تعبّر عن تفضيلها لأمر معين من دون سلطة قانونية، فتعمل الشرطة على تطبيق رغبة الوزراء. ولا شكّ بوجود ميلٍ طبيعي وإغراء كبير في صفوف أفراد الشرطة لتناسي وظائفهم الأساسية والتحوّل من مواطنين في لباس رسمي، إلى ما يشبه تلامذة مسؤولين عن تطبيق القانون في مدرسة".

وفي وقت سابق، أصرّ "المجلس الوطني لرؤساء الشرطة" على اللجوء إلى الاعتقال كحلٍّ أخير من أجل تطبيق "قانون الحماية الصحية 2020".

ويعطي القانون الذي دخل حيّز التنفيذ يوم الخميس الماضي، صلاحية لأفراد الشرطة كي يوقعوا غرامات تتراوح بين 30 و960 جنيه إسترليني لمن ينتهك القيود المفروضة على المؤسسات التجارية والحركة والتجمّعات.

وكذلك جاء فيه أن كل شخص يخالف شرطاً [من ذلك القانون] ولا يلتزم "بتعليمات منطقية" أو يعيق عمل شخص يؤدي وظيفة بموجب القانون الجديد، يكون قد ارتكب جرماً.

 وعلى نحو مماثل، أفاد رؤساء الشرطة بأن أفراد الوحدات سيشرحون القوانين للناس ويحثّونهم على الالتزام بها طوعاً قبل فرض غرامة عليهم أو اعتقالهم.

وكذلك أشارت سارة غلين نائبة رئيس الشرطة والمسؤولة في "الجمعية الوطنية لرؤساء الشرطة" للتسويات خارج المحكمة، إلى أن [الشرطة] "لا تسعى إلى تجريم الناس، لكن يجب أن تكون لدينا طريقة لتطبيق القانون. نحن نمارس عمل الشرطة في المملكة المتحدة بناءً على موافقة الشعب ولا نستخفّ بهذا الموضوع".

وفي إيجاز مماثل، نفى مارتن هيويت رئيس "الجمعية الوطنية لرؤساء الشرطة"، أن تكون وحدات الشرطة "ذراعاً للدولة" مشيراً إلى أنها مستقلّة، ولا نية لدينا بأن نكون قاسيين".

في مسار متصل، أعلنت قوات الشرطة الإقليمية عن توقيف عدد من الأشخاص منذ دخول القانون حيّز التنفيذ، ما أثار اتهامات بتخطي الشرطة حدودها.

وتناولت تغريدة كتبتها وحدة الشرطة في "وارينغتون" الأحد الماضي، مسألة استدعاء ستة أشخاص للمثول أمام المحكمة على خلفية ارتكابهم جرماً يتعلق بفيروس كورونا، ومن بينهم بعض ممن صاروا مشتبهاً فيهم بسبب الخروج "في جولة بالسيارة بأثر من الملل"، و"الذهاب إلى المتجر لشراء حاجات غير أساسية".

وعلى نحو مشابه، اعتُقل صبي عمره 13 سنة بموجب قوانين فيروس كورونا، بعد رفضه الإفصاح عن اسمه أو عنوانه لشرطي في منتزه ليدز يوم السبت الماضي، في حادثة انتشرت عبر وسائل الإعلام العالمية.

وقد أوضحت شرطة "ويست يوركشاير"، أن أفرادها قصدوا المكان بعد تقارير عن حدوث سلوك مرفوض اجتماعياً، وقد أعطى الصبي اسمه بعد احتجازه وجرى التعرف إليه باعتباره مشتبهاً فيه بقضية سرقة. واعتقل للاشتباه بضلوعه في السرقة. وأسقطت عنه التهم المتعلقة بـ"قانون الصحة العامة 2020"، لكن لم تتّخذ إجراءات في حقّه بعد استجوابه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الوقت نفسه، وجهت انتقادات إلى شرطة "ساوث ويلز" بعد تعليقها على تغريدة نشرها النائب عن حزب العمال ستيفين كينوك، وظهر فيها يتحدث إلى والديه أثناء وقوفه في حديقتهما بمناسبة عيد ميلاد والده الـ78.

وجاء في التعليق المنشور على الصفحة الرسمية للوحدة، "نعلم أن الاحتفال بعيد ميلاد والدك أمرٌ لطيف ورائع، لكنه لا يُعد تنقلاً ضرورياً. لدينا جميعاً دور نؤديه في هذه المسألة ونحثّك على الالتزام بالقيود الحكومية". وأجاب السيد كينوك أنه كان يوصل "لوازم ضرورية" لوالديه المسنين.

وفي ذلك الصدد، أثارت القيود [المتضمنة في قانون حماية الصحة الوطنية] ارتباكاً كثيراً لجهة امتدادها ونطاقها. وقد أدى ذلك إلى تلقي الرقم الهاتفي 101 المخصص للحالات غير الطارئة موجة اتصالات من أشخاص يبحثون عن نصيحة أو استشارة.

وأفاد أفراد من الشرطة في منتزه "راينز بارك" في لندن بأنهم تكلموا مع "أشخاص متعدّدين حول الجلوس في المنتزه" يوم الأحد. وأضافوا "أن التعليمات الحكومية واضحة... عليكم ألا تغادروا منازلكم سوى في حالات الضرورة القصوى أو مرة في اليوم لممارسة الرياضة".

وفي ذلك الصدد، لا يحدد القانون عدد المرات التي يُسمح فيها للناس بالخروج من منازلهم يومياً، ولا يبلغ الحد نفسه الذي بلغته الحكومة في حديثها عن الرياضة. وأشارت السيدة غلين إلى أن "القانون لا يتحدث عن مرة في اليوم ولا يحدد نوع النشاط". ووفق كلماتها، "لا يشرح القانون أبداً إن كان باستطاعة الأشخاص أن يقودوا سيارتهم إلى مكان ما كي يمارسوا التمارين الرياضية".

في المقابل، يتيح القانون مجالاً أمام بعض التأويل، إذ جاء فيه أنه "خلال فترة الطوارئ، لا يُسمح لأي شخص أن يغادر المكان الذي يسكن فيه، من دون عذر منطقي". 

وتتضمن الأعذار المقبولة "الحصول على اللوازم الأساسية، ومنها الطعام والمواد الطبية، وممارسة التمارين الرياضية إما وحيداً أو مع أفراد آخرين من العائلة"، أو تقديم الرعاية والمساعدة لشخص في وضعية هشّة. 

وعلى نحو مشابه، أثارت تقارير حول طلب موظفي المجلس من المتاجر أن تتوقف عن بيع بيض عيد الفصح، الجدال حول إمكانية أو ضرورة تحديد ماهية "اللوازم الضرورية". إذ اعتبر ناشطون من مجموعة "ليبرتي" [= "الحرية" حرفياً] أن هذه الصلاحيات لم تخضع لما يكفي من التدقيق البرلماني، وكذلك تبدو "فضفاضة وتعطي الشرطة نفوذاً أكبر بكثير [مما لديها فعلاً]".

وأضافت غرايسي برادلي مديرة القسم المعني بالشرطة والحملات، أنه "على الرغم من النطاق الواسع لهذه الصلاحيات، شهدنا تخطي الشرطة لهذه الصلاحيات في مناسبات عدة، ولقد تجاوزت تفويضها القانوني.... إن ذلك يجعل من المستحيل على الناس أن يعرفوا كيف يستطيعون الالتزام بهذه القواعد الجديدة، ومقاومة الشرطة عندما تتجاوز صلاحياتها... وكذلك أسهم في هذا الارتباك نقص الوضوح في البيانات الحكومية بشأن تلك القوانين".

وتخضع هذه التدابير لتدقيق من اللجنة البرلمانية المشتركة المعنية بحقوق الإنسان، التي أشارت إلى أن الخطر على الحياة بسبب فيروس كورونا ربما يبرّر تلك الانتهاكات.

وخلال إيجاز إعلامي حضره الصحافيون أخيراً، أورد المتحدث الرسمي باسم بوريس جونسون، أن "الشرطة ستتبع تقديراتها الخاصة لدى استخدامها الصلاحيات التي أعطيناها لها، وتتخذ الخطوات التي تعتبرها مناسبة من أجل تفريق المجموعات التي تخرق القوانين".

وخلص إلى القول إن "القوانين التي وقع عليها وزير الصحة الأسبوع الماضي، حددت بوضوح تعليمات الحكومة للشعب... وبما أننا طلبنا إلى الشرطة تطبيق القوانين، فنتوقع منها أن تستخدم تلك الصلاحيات وفقاً لتقديراتها الخاصة".

© The Independent

المزيد من سياسة