Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة تصريحات وسط حرب الإنتاج بين السعودية وروسيا

الرياض ردا على تصريحات "مغلوطة" من موسكو: أنتم من انقلبتم على اتفاق "أوبك"

أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان أن سياسة بلاده النفطية هدفها توازن الأسواق واستقرارها (أ.ف.ب)

يبدو أن روسيا التي فشلت في السيطرة على قرار "أوبك"، وأدخلت سوق النفط في "حرب أسعار"، بدأت تتنصَّل من موقفها بعد انقلابها على توصيات "أوبك" منتصف الشهر الماضي، وإعلانها عدم التزام سقف حفض الإنتاج الجديد الذي أقرته المنظمة، ما دفع المنتجين بقيادة السعودية إلى التصرف بشكل منفرد، في إطار تحركات تُعيد الجميع إلى "طاولة المفاوضات"، وهو ما حدث بالفعل.

وعلى مدار أسبوعين من الخسائر المتواصلة في سوق النفط، وبعد تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والحديث عن عودة المفاوضات، بدأت السوق تتعافى من أكبر خسائر أسبوعية في تاريخها.

وهبطت أسعار النفط إلى نحو 20 دولاراً للبرميل من 65 دولاراً في بداية العام، إذ يخضع أكثر من 3 مليارات شخص لإجراءات عزل عام بسبب فيروس كورونا، ما يقلّص الطلب العالمي على النفط بقدرٍ كبيرٍ يصل إلى الثلث أو 30 مليون برميل يومياً.

وخلال الساعات الماضية، شهد الموقف الروسي "ارتباكاً شديداً"، وهو ما اتضح من التصريحات التي ألقت اللوم على السعودية بشأن اتفاق "أوبك" الشهر الماضي، لكن سرعان ما جاء الرد السعودي على لسان وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان، الذي أكد أن تصريحات نظيره الروسي بشأن رفض السعودية تمديد اتفاق "أوبك +" وانسحابها منه، "عارية تماماً من الصحة"، مؤكداً أن سياسة بلاده النفطية "تقضي بالعمل على توازن الأسواق واستقرارها"، بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء.

وأوضح أن وزير الطاقة الروسي هو المُبادر إلى الخروج للإعلام والتصريح بأن الدول في "حلٍّ من التزاماتها" اعتباراً من الأول من أبريل (نيسان) الحالي، ما أدى إلى زيادة الدول في إنتاجها، لمقابلة انخفاض الأسعار وتعويض النقص في الإيرادات.

وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، إن التصريح المنسوب إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن انسحاب السعودية من صفقة "أوبك +"، "عارٍ من الصحة جملة وتفصيلاً"، ولا يمت للحقيقة بصِلة، وإن انسحاب بلاده من الاتفاق "غير صحيح"، بل إن روسيا "هي التي خرجت من الاتفاق".

ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن الأمير فيصل قوله، "موقف السعودية من إنتاج البترول الصخري معروفٌ، وإنه جزءٌ مهمٌ من مصادر الطاقة". وأوضح أن الرياض و22 دولة أخرى كانت تحاول إقناع روسيا بـ"إجراء مزيدٍ من التخفيضات وتمديد الاتفاق"، إلا أن روسيا "لم توافق" على ذلك.

إجراءات احتواء كورونا انتهت بـ"فاقد لا مثيل له" في الطلب

وأمس، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن بلاده تريد أن ترى "تحركاً مشتركاً" بشأن أسواق النفط العالمية، و"خفضاً لإنتاج الخام" بنحو "10 ملايين برميل يومياً"، مؤكداً أن بلاده "مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة".

وأضاف، "موسكو ستكون راضية عن سعر للنفط عند 42 دولاراً للبرميل"، مشيراً إلى أن أي تخفيضات في الإنتاج "يجب أن تكون من مستويات الربع الأول".

وكان رئيس وكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، قال في تصريحات أمس الجمعة، إن تخفيضات عميقة للإنتاج من أوبك ودول أخرى منتجة للنفط "لن تحول من دون تراكم هائل للخام"، مناشداً دول العالم ذات الاقتصاديات الأكثر ثراءً "مناقشة طرق أوسع نطاقاً"، لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح، وفقاً لوكالة "رويترز"، أن الإجراءات الهادفة إلى احتواء انتشار فيروس كورونا أدت إلى فاقد "لم يسبق له مثيل" في الطلب، ربما يصل إلى ربع الاستهلاك العالمي، مشيراً إلى أنه حتى مع خفض للإنتاج يصل إلى 10 ملايين برميل يومياً، الذي ربما تناقشه أوبك ومنتجون آخرون الأسبوع المقبل، سيظل هناك "تراكم يومي بمقدار 15 مليون برميل في الربع الثاني"، وهو ما يعني أنه "ستظل هناك ضغوط هائلة على أسواق النفط العالمية".

وأضاف بيرول، "يمكن أن يكون الاجتماع يوم الاثنين مع دول (أوبك +) بداية جيدة إلى حد كبير، لكن حتى الأرقام التي يتحدث الناس عنها ربما لا تكون كافية لإيجاد حل للمشكلة. ستساعد فقط في تخفيف الضرر الذي نشهده".

وحثَّ رئيس وكالة الطاقة الدولية السعودية، أكبر المنتجين في أوبك والرئيس الحالي لمجموعة العشرين للاقتصاديات الكبرى، على بحث سبل أوسع نطاقاً لوقف "انهيار" الاقتصاد العالمي.

وقال، "يمكن للسعودية، التي تحفظ استقرار أسواق النفط منذ سنوات عديدة، أن تلعب من جديد دوراً بنَّاءً، وبصفتها رئيساً لمجموعة العشرين، يمكنها أن تجمع كل الاقتصاديات الرئيسة في العالم والمنتجين والمستهلكين بهدف إيجاد حوارٍ لاتخاذ إجراءات، سعياً إلى تحقيق الاستقرار في أسواق النفط".

وأشار إلى أنه ليس على علمٍ بأي إجراءات تتخذها الإدارة الأميركية للحد من إنتاج النفط في الولايات المتحدة. مضيفاً أنه على الرغم من ذلك فإن الانخفاض في أسعار النفط "يؤدي إلى إغلاق كثيرٍ من الآبار هناك، وتقليص استخراج النفط الصخري".

وقلص بالفعل عدد من كبار منتجي النفط العالميين حجم الإنتاج في ظل التراجع السريع للطلب على الوقود والسرعة الفائقة لامتلاء المخزونات. ودفع التهاوي السريع للأسعار مُشرّعين في ولاية تكساس الأميركية، قلب إنتاج النفط بالبلاد، إلى "بحث تنظيم الإنتاج" للمرة الأولى في نحو 50 عاماً، في حين طلب منتجون في أوكلاهوما المجاورة من المشرعين التفكير أيضاً في التخفيضات.

اتفاق غير مسبوق بخفض ضخم بالإنتاج

في سياقٍ متصل، قالت مصادر بـ"أوبك"، إن المنظمة وحلفاءها يعكفون على اتفاق لخفض غير مسبوق يوازي نحو 10 في المئة من الإمدادات العالمية، وذلك بعد أن دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب الدول المنتجة إلى "وقف هبوط النفط" الناجم عن جائحة فيروس كورونا.

وقال ترمب، يوم الخميس الماضي، إنه تحدث إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واتفقوا على "خفض ما بين 10 إلى 15 مليون برميل يومياً" من إجمالي الإمدادات العالمية البالغة 100 مليون برميل يومياً.

وأوضح ترمب أنه "لم يقدم أي تنازلات للسعودية وروسيا"، مثل الموافقة على خفض الإنتاج المحلي الأميركي، وهي الخطوة التي "تحظرها قوانين مكافحة الاحتكار الأميركية".

ويشير بعض المسؤولين الأميركيين إلى أن الإنتاج الأميركي في طريقه إلى الانخفاض بشكل كبير على أي حال، نظراً إلى تدني الأسعار. وقال مصدر من "أوبك"، إن الولايات المتحدة تحتاج إلى المساهمة من النفط الصخري. وتُبدي روسيا منذ وقت طويل إحباطاً من أن تخفيضاتها المشتركة مع "أوبك" لا تدعم إلا منتجي النفط الصخري الأميركي الأعلى تكلفة.

وقالت المصادر، إن أي خفض يزيد على 10 ملايين برميل يومياً يجب أن يشمل منتجين من خارج "أوبك +"، وهو تحالف يضم أعضاء أوبك وروسيا ومنتجين آخرين، لكنه لا يضم دولاً منتجة النفط، مثل الولايات المتحدة وكندا والنرويج والبرازيل.

وأشارت إلى أن الاجتماع الافتراضي الطارئ لـ"أوبك" وحلفائها لن ينعقد يوم الاثنين، وسيؤجل على الأرجح إلى الثامن أو التاسع من أبريل الحالي، للسماح بمزيدٍ من الوقت للتفاوض بين منتجي النفط حول الحدَّ من إمدادات الخام.

ولفتت المصادر إلى أن منظمة "أوبك" تريد خفض الولايات المتحدة إنتاجها من أجل أن تخفض المنظمة إنتاجها، وخفّضت روسيا ودولٌ أخرى إنتاجها ثلاث سنوات في حين ارتفعت الإمدادات الأميركية إلى مستوى قياسي، ما ساعدها على كسب حصة سوقية من مبيعات النفط.

قفزات ضخمة بالأسعار في جلسات متتالية

وفي سوق النفط، قفزت العقود الآجلة لثاني جلسة على التوالي في تعاملات أمس الجمعة، وسجل عقود الخام الأميركي وخام برنت أكبر مكاسبهما من حيث النسبة المئوية منذ بدء تداول عقود الخامين القياسيين، بفضل آمال بأن اتفاقاً عالمياً لخفض الإمدادات حول العالم ربما يُتوصَّل إليه الأسبوع المقبل.

وسجَّل النفط أكبر قفزة ليوم واحد في تاريخ أسواق الخام، في جلسة الخميس الماضي، بفعل احتمالات خفض في المعروض يعادل ما يتراوح بين 10 إلى 15 في المئة من الطلب العالمي.

وجاء هذا التعافي الحاد من أسابيع من الخسائر بعد أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن روسيا والسعودية "ستتفاوضان" لإنهاء حرب أسعار دفعت أسعار الخام الشهر الماضي إلى الهبوط بأكثر من النصف. وأشار إلى أن الولايات المتحدة "لم توافق على خفض إنتاجها".

واستمر صعود الأسعار يوم الجمعة، إذ قفزت عقود خام القياس العالمي مزيج "برنت" بنحو 4.17 دولار، أو 13.9 في المئة، لتسجلعند التسوية 34.11 دولار للبرميل، وكانت عقود خام "برنت" قفزت بما يصل إلى 47 في المئة يوم الخميس، مُسجلة أعلى مكاسب من حيث النسبة المئوية في أثناء التعاملات في يوم واحد، قبل أن تغلق مرتفعة بنسبة 21 في المئة.

وأنهت عقود برنت الأسبوع مرتفعة 36.8 في المئة، وهي أكبر مكاسبها الأسبوعية من حيث النسبة المئوية في تاريخ عقود الخام القياسي العالمي، وأنهت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط جلسة التداول مرتفعة بنحو 3.02 دولار أو 11.93 في المئة، لتسجل عند التسوية 28.34 دولار للبرميل، وأنهت عقود الخام الأميركي الأسبوع على مكاسب 31.8 في المئة، هي أيضاً أكبر مكاسبها الأسبوعية على الإطلاق.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد