Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشاكل الكهرباء والانترنت في السودان تعيق مشروع التعليم عن بعد

تعطيل الدراسة والامتحانات الرسمية يشكل ضغطاً كبيراً على الأهالي والطلاب

محطة كهرباء في السودان (مواقع التواصل)

في ظل الظروف التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا، لجأت معظم الدول إلى نظام التعليم عن بُعد لحل مشكلة تعطيل الدراسة بعد إغلاق المدارس بهدف محاصرة الوباء ومنع تفشيه. وكان السودان من الدول التي نفذت القرار وعلّقت المدارس في 15 مارس (آذار) الماضي، وشمل التعليق امتحانات الشهادة الثانوية التي تُعتبر من أهم الامتحانات التي تؤهل الطالب للانتقال إلى المرحلة الجامعية والتي كان مزمعاً اجراؤها في منتصف أبريل (نيسان) الحالي. وبات هذا التعطيل مصدر قلق وإرباك للأهالي والطلاب، خصوصاً أنهم كانوا على أتم الاستعداد للامتحانات، إلا أن وزارة التربية والتعليم أعلنت تأجيل امتحانات الشهادة الثانوية لأجل غير مسمى، الأمر الذي قابله الطلاب بالرفض، وتعالت المطالبات بضرورة تحديد زمن معين حتى إذا كان بعد سنة كاملة.

وفي هذا السياق، صرح مدير المكتب التفيذي لوزير التربية والتعليم عمر بابكر أن "تأجيل امتحانات الشهادة الثانوية لن يكون أكثر من شهرين على الرغم من إعلان التأجيل لأجل غير مسمى". وأضاف لـ"اندبندنت عربية" بخصوص التعليم عن بُعد أن الوزارة و"بالتعاون مع مبادرة أطفال السودان بأميركا تعمل على إطلاق مبادرة للتعليم عن بُعد، ويستعد الطرفان لإنشاء فصول افتراضية. يضم الفصل 100 طالب لتدريس المواد الأساسية وهي اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات والمواد الأكثر أهمية كالفيزياء والكيمياء والأحياء، أما المسار الثاني الذي سنتخذه هو تخصيص حصص في القنوات الرسمية والإذاعة القومية وإنتاج مواد تثقيفية للإستفادة من الإجازة".
أما في ما يخص امتحانات الشهادة الثانوية فقال إن "اللجنة الفنية لمكافحة وباء الكورونا أمرتنا بتأجيل امتحانات الشهادة الثانوية على الرغم من أهميته وحساسية تأجيله، لأن تنظيم الامتحانات في الوقت المُحدد يُشكّل خطراً على الطلاب، وتأجيلها يأتي لمصلحتهم والحفاظ عليهم. في حال استقرت الأوضاع الصحية في البلاد سنعلن تنظيم الامتحانات وسنعطي الطلاب وقتاً كافياً للمراجعة، مع احتمال افتتاح المدارس في سبتمبر (أيلول) المقبل".


ضعف الإمكانيات

يعاني السودان منذ سنوات من مشكلتين أساسيتين، هما الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي الذي قد يستمر لأكثر من عشر ساعات في اليوم، وانعدامه في بعض المناطق، وسوء الاتصال بشبكة الإنترنت وعدم توفرها في مناطق الأطراف. هذا الانعدام في وسيلتين أساسيتين قد يحول دون تنفيذ نظام التعليم عن بُعد الذي تريد وزارة التربية والتعليم تطبيقه. وقال مهندس شبكات الاتصال هشام مالك في هذا الخصوص، إن "الإنترنت وانقطاع الكهرباء وانعدامها في بعض المناطق، بالإضافة إلى الثقافة المحدودة لدى البعض في ما يخص الأمور التقنية، ليس لدى الطلاب فقط بل قد تمتد لتشمل الأساتذة لأن التعليم في السودان ما زال يعتمد على الأسلوب القديم ولم يتطور ليواكب التقنية الحديثة بعد. انقطاع الكهرباء في السودان مُجدوَلة وهذا أكبر عائق سيواجه الطلاب في حالة كانت الحصص تُبث عبر التلفزيون. أيضاً من المشاكل الكبيرة، ضُعف الخوادم (servers)، فهي لا تحتمل الضغط العالي، إلا أن التعليم عن بُعد يمكن أن ينجح في حال إنشاء تطبيق يتواصل من خلاله الأستاذ مع الطالب عن طريق الصوت والصورة، وفي حال تم بث الحصص مباشرةً عبر فيسبوك، ولكن شرط توفر شبكات الاتصالات الرسمية، شبكة إنترنت قوية وبسعر رمزي". ولفت مالك إلى أن "الجامعات أكثر تقدماً في هذا الشأن ويمكنها تنفيذ التعليم عن بُعد فوراً بعكس المدارس التي ما زالت متأخرة، إذ تملك الجامعات السودانية فرقاً تقنية متخصصة يمكنها إدارة تلك مسألة".

وعاد مهندس شبكات الاتصال ولفت إلى أنه "في حال أرادت وزارة التربية والتعليم تنفيذ التعليم عن بُعد عليها تسجيل فيديوهات تُنشَر في تطبيق مخصص يستطيع الطالب من خلاله مراجعة الدرس متى أراد. ويمكن استبدال الكتب الورقية التي في الغالب تكون غير متوفرة بكتب إلكترونية في متناول الجميع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مشاكل تواجه الأسر
 

في المقابل، تواجه الأسر السودانية بعامة والطلاب بخاصة مشاكل عدة، أهمها كما ذكرنا آنفاً، انقطاع الكهرباء وضعف شبكة الإنترنت، ومن المشاكل الأخرى، تراكم السنوات الدراسية في الجامعات وهذه المشكلة كانت منذ نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، حيث كانت الجامعات تُغلق أبوابها مراراً وتكراراً وتُعلّق الدراسة في حال قيام تظاهرات. ومن ثم أتت ثورة ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتم تعليق الدراسة منذ نهاية عام 2018 وحتى بداية عام 2020، وبعدما فتحت الجامعات أبوابها من جديد لم يتسنّ للطلاب التخرج أو حتى الانتقال إلى عام دراسي جديد بسبب جائحة كورونا، هذه الظروف المتتالية جعلت بعض الطلاب يخسرون سنتين من سنواتهم الدراسية بسبب الإقفال التام للجامعات وعدم وجود البديل كالتعليم عن بُعد مثلاً أو الدراسة والامتحان بواسطة الإنترنت.
وقال الطالب محمد عمر الذي خسر ثلاث سنوات دراسية بسبب إغلاق الجامعات المستمر وعدم وجود بديل في حالة أغلقت الجامعة أبوابها، "على الرغم من أنني أدرس في جامعة من أعرق الجامعات في السودان، لكن طوال السنوات التي قضيتها فيها لم تطرح الجامعة أي حلول على شاكلة التعليم عن بُعد ولا إمكانية توفير المواد الدراسية عن طريق الإنترنت، على الرغم من أن هذا الأمر ليس صعباً. بسبب تخاذل الجامعة فقدنا أن وزملائي 3 سنوات دراسية جعلتنا غير راغبين في المتابعة وترك عدد كبير منهم الجامعة واتجهوا إلى ممارسة أعمال هامشية".
في السياق، رأت المتخصصة النفسية سوزان خالد، أن" الأثر النفسي الذي يتركه تعليق الدراسة في الطلاب بالغ جداً، إذ يقود البعض إلى الانتحار والانطواء والاكتئاب الحاد، فليس سهلاً أن يرى طالب سنوات عمره ودراسته تُهدر من دون أن تتخذ الجهات المسؤولة حلولاً جادة، ما يجعل الطالب في حالة إحساس دائم بالضياع، وشعوره بأنه غير مفيد للمجتمع الذي حوله، خصوصاً أن بعض الأسر تُحمّل التلميذ المسؤولية وكأنه صاحب القرار في الجلوس في المنزل وعدم مواصلة الدراسة، وينتظر البعض الآخر الأبناء لحمل المسؤولية عنهم بعد التخرج، وهذا التأخير يحبطهم بسبب طول انتظارهم لحصد ثمار الجهود التي بذلوها في تعليم أبنائهم، لذلك يجب تقديم النصح للأهل أولاً الذين يشكلون ضغطاً على أبنائهم، وإخبارهم بأن الطلاب غير مسؤولين عن هذا الأمر، وتشجيع الطلاب على استثمار أوقاتهم في حال تم تعطيل الدراسة تحت أي ظرف من الظروف في قراءة الكُتب المفيدة أو تعلّم لغة جديدة أو إنشاء منصات على مواقع التواصل الاجتماعي لتبادل المحاضرات التي يوفرها الإنترنت وممارسة النشاطات الرياضية، المهم هو عدم تركهم للأفكار السلبية التي تقودهم إلى الإصابة بمشاكل نفسية يصعب التخلص منها".
أما في حال نجحت الوزارة في تنفيذ القرار في الخرطوم والمدن الرئيسية، فمصير القرى ومناطق النزاعات مجهول حيث تنعدم الإنترنت والكهرباء، ما قد يؤدي إلى تفضيل منطقة عن أخرى وحرمان البعض من هذه الامتيازات، وسيخلق ذلك رفضاً كبيراً من المنظمات الحقوقية والناشطين الحقوقيين.

المزيد من العالم العربي