Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يساعد الإغلاق العالمي في معالجة أزمة المناخ أم يعوقها؟

انخفض تلوّث الهواء في أنحاء العالم، لكنّ خبراء يحذِّرون من أنّ الاستراحة ستكون مؤقتة

صورة متحركة تُظهر انبعاثت نيتروجين الديوكسيد عبر أوروبا في يناير الماضي (رويترز)

فيما فرضت الدول حول العالم إجراءات العزل بسبب فيروس "كورونا"، أغلقت المصانع أبوابها، وأقفلت الشركات، وتبقى السيارات بعيدة عن الطرقات، بغية تطبيق مبدأ التباعد الاجتماعيّ. ويُلاحظ فعلاً الأثر الذي تتركه تدابير التباعد الاجتماعيّ تلك في البيئة.

في الصين، انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين، التي تطلقها السيارات والمصانع ومحطات توليد الطاقة، بنسبة تتخطّى 40 في المئة في أجواء كثير من المدن المغلقة في البلاد.

انخفض استهلاك الفحم في محطات الطاقة بنسبة 36 في المئة، وأدّت قيود العزل إلى تراجع بنسبة 25 في المئة في استخدام الطاقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وفقاً لـ"مركز البحوث والهواء النظيف" (كريا)، في فنلندا.

في شمال إيطاليا، كشف القمر الصناعي "كوبرنيكوس سنتينل- 5 بي" أنّ انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين انخفضت بمعدل 10 في المئة أسبوعيّاً، منذ منتصف فبراير (شباط) الماضي، بحسب "وكالة الفضاء الأوروبيّة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذا الصدد، قال كلاوس زينر، مدير مهمة القمر الصناعيّ، "إن "انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين فوق "وادي بو" في شمال إيطاليا واضح بصورة جليّة.

ووفقاً لزينر، "تزامن تقلّص الانبعاثات مع الإغلاق في إيطاليا، الذي أدّى إلى تراجع حركة المرور والأنشطة الصناعيّة".

في المملكة المتحدة، انخفضت كذلك مستويات التلوّث منذ أن أعلن بوريس جونسون رئيس الوزراء إجراءات صارمة جديدة سعياً إلى وقف انتشار الفيروس.

فضلاً عن تراجع مستويات ثاني أكسيد النيتروجين، تقلّصت بشدّة كثافة الجسيمات المعلقة الملوّثة (بي. إم 2.5) المنبعثة من المركبات. "في لندن، على سبيل المثل، تنخفض نسبة "بي. إم 2.5" على جوانب الطرقات بشكل ملحوظ مقارنة يالمعدلّ المُتوقّع سابقاً للوقت الحاليّ"، وفقاً لأليستر لويس، وهو بروفيسور في كيمياء الغلاف الجويّ في جامعة "يورك" البريطانيّة.

لكنّ من ناحية أخرى، ربما لا تُترجم مستويات الانخفاض في التلوّث أنباءً سارة دائمة بالنسبة إلى البيئة. تحدّث إلى صحيفة "الاندبندنت" في هذا الشأن إيان كولبيك، وهو بروفيسور في علوم البيئة في جامعة "إسيكس" البريطانيّة، وقال إنّ التراجع في الانبعاثات العالميّة سيكون على الأرجح مؤقتاً.

أضاف، "تجنح الانبعاثات إلى العودة بسرعة كبيرة، إلى حد ما، بعد أن تنتهي الأزمة بفترة وجيزة. يتلاشى توقّع ملاحظة آثار قصيرة الأجل في الطاقة والانبعاثات، مع تقديم الحكومات مجموعة حوافز بهدف زيادة الإنتاج الصناعيّ عند نهاية الجائحة (كورونا). في أعقاب الانهيار الماليّ العالميّ في 2008-2009، ازدادت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 5 في المئة نتيجة إقرار مثل تلك الحوافز".

يقول كثير من خبراء البيئة إنّ الوباء (كورونا) يمثِّل فرصة غير مسبوقة للحدّ من الانبعاثات العالميّة.

أخبر البروفيسور مارتن سيغرت، المدير المشارك في "معهد غرانثام لتغيّر المناخ" في "إمبريال كوليدج لندن"، صحيفة "الاندبندنت" أنّ لدى حكومة المملكة المتحدة "فرصة رائعة من أجل صياغة الاقتصاد بطريقة مختلفة قليلاً" عن طريق تحفيز الشركات على تبني نماذج أعمال منخفضة الكربون. تعهّدت حكومة حزب "المحافظين" جعل المملكة المتحدة خالية من الكربون في حلول عام 2050".

أضاف، "في الوقت الحاضر، ننفق الأموال على كل شركة تقريباً في البلاد. علينا أن نقول "يمكنك الحصول على هذا المال ولكن ينبغي أن تمتثل لمستقبل خالٍ من الكربون في حلول عام 2050".

وفقاً لسيغرت، يتطلّب الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون الاستثمار في تريليونات الجنيهات. ولكن في حال إنفاق ذلك كله في التصدّي لتفشي فيروس "كورونا"، لن نمتلك حينئذ القوة الماليّة الكافية للاستثمار في مستقبل منخفض الكربون"، على ما قال البروفيسور.

على المنوال نفسه، حذَّر الدكتور فاتح بيرول، المدير التنفيذيّ لـ"الوكالة الدوليّة للطاقة" (آي. إي. أيه)، من أنّ هذا الوباء ربما يعطِّل الجهود العالميّة الرامية إلى التحوّل نحو الطاقة النظيفة.

"يجب ألا نسمح لأزمة اليوم (كورونا) بتقويض جهودنا في سبيل مواجهة التحدي العالميّ المحتوم"، ذكر بيرول في تصريح في هذا الشأن.

في الحقيقة، توقّعت "الوكالة الدوليّة للطاقة" فعلاً أنّ الطلب العالميّ على النفط سينخفض بشكل حاد في عام 2020، بمقدار 435 ألف برميل يوميّاً في الربع الأول من السنة، نتيجة الوباء.

و"من الوارد أن يؤدي الانخفاض الحاد في سوق النفط إلى تقويض عمليات التحوّل إلى طاقة نظيفة عن طريق خفض الزخم اللازم لسياسات كفاءة استخدام الطاقة"، وفقاً للدكتور بيرول.

"تنتقص الطاقة الأرخص من جاذبية السيارات والمنازل والمكاتب الأكثر كفاءة ومراعاة للبيئة"، قال بيرول، داعياً الحكومات إلى خفض دعم الوقود الأحفوريّ. من المحتمل أيضاً أن يوقف فيروس "كورونا" إنتاج تقنيات الطاقة النظيفة، على غرار الألواح الشمسيّة وتوربينات الرياح، فيما كثير من أجزاء الصين تحت الإغلاق.

"يمكن الحكومات الاستفادة من الوضع الراهن من أجل تكثيف طموحاتها المناخيّة وإطلاق حزم تحفيز مستدامة تركِّز على تقنيات الطاقة النظيفة. عوض مضاعفة المأساة عبر السماح لها بعرقلة عمليات التحوّل إلى الطاقة النظيفة، ينبغي علينا اغتنام الفرصة للمساعدة على تعجيلها"، على ما ذكر بيرول.

© The Independent

المزيد من دوليات