Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التعليم الجامعي عن بعد في بريطانيا... حل افتراضي لمشكلة واقعية

طلاب عرب وأجانب يروون لـ"اندبندنت عربية" تجاربهم في ظل الابتعاد القسري عن جامعاتهم

أصبحت ممرات الجامعات فارغة بسبب التعليم عن بعد (غيتي)

في الأسابيع الأخيرة، تحوّلت الجامعات البريطانية إلى التعليم عن بعد في ظل انتشار فيروس كورونا. وتبذل جامعات المملكة المتحدة جهودها للتأكد من أن الفيروس لا يمنع طلاب السنة النهائية من إكمال شهاداتهم. غير أن خبراء يحذرون من أن التحول المفاجئ إلى التعلم عبر الإنترنت يمثل "تحدياً كبيراً" لكل من المؤسسات التعليمية وطلابها.

وتتعامل جميع الجامعات مع حالة طوارئ كبرى منذ أسابيع عدة. وبعد انتهاء الفصل الدراسي في جامعة أوكسفورد نهاية الأسبوع الماضي، قالت نائبة رئيس الجامعة، لويز ريتشاردسون، في رسالة بالبريد الإلكتروني للموظفين والطلاب، إن الجامعة "ستستخدم فترة الإجازة للتحضير للانتقال إلى التدريس والتقييم عبر الإنترنت". وتحولت جامعة لندن للعلوم السياسية والاقتصادية  (LSE) إلى التدريس والامتحان عبر الإنترنت حتى نهاية العام الدراسي لمنح الطلاب والموظفين بعض اليقين.

تجارب عن بعد

وبينما يعترف العديد من الطلاب بجهود جامعاتهم لمواصلة تعليمهم، يقول آخرون إنهم لا يحصلون على الخبرة الجامعية التي وعدوا بها.

وفي حديثهم لـ"اندبندنت عربية"، عبّر العديد من طلاب الجامعات البريطانية عن تجربتهم في نقل دراستهم إلى الإنترنت.

وقالت جوهي كور، طالبة هندية تدرس الماجستير في السياسة الاجتماعية المقارنة، وممثلة الطلاب في جامعة أوكسفورد "طُلب من بعض الطلاب الأجانب المغادرة خلال 24 إلى 48 ساعة من الإشعار من سكنهم الجامعي، وهذا أمر غير مقبول. أنا أدرس في كلية سانت أنتوني، وقد تأكدنا أنه يمكننا البقاء في سكننا (في الوقت الحالي)، ولكن قد يتغير ذلك في أي يوم".

وأضافت "يجب على الجامعة تنفيذ استراتيجية متماسكة لضمان قدرة الطلاب في جميع الكليات على تأمين مكان آمن للبقاء فيه، بخاصة في سياق الوباء. ويجب تعويض الطلاب عن هذا الانقطاع لأننا لا ندفع فقط مقابل (الفصول)؛ نحن ندفع مقابل تجربة الوجود في هذه الجامعة المرموقة. ولا أعتقد أنه من الممكن إعادة نفس التجربة السحرية ومستوى النقاش الذي نشاركه في الفصل. وهناك الكثير من عوامل التشتيت في المنزل، بخاصة للطلاب الذين قد لا يتمكنون من الوصول إلى مساحة خاصة في منازل أسرهم".

وتابعت "لقد أرسلنا رسالة إلى إدارة القسم نطلب فيها النظر في التأثيرات المختلفة السلبية لهذا الوباء علينا جميعاً، وقد ابتكرنا حلولاً مختلفة ممكنة للمساعدة في التخفيف من الآثار السلبية. وبصفتي ممثلة للطلاب، لقد انخرطت تماماً في هذه العملية لأنني مسؤولة عن ضمان عدم تأثر الطلاب بشكل سلبي أكاديمياً".

تجربة غير ناجحة

من جانبه، قال إبراهيم النحيط، طالب سعودي في مرحلة البكالوريوس بتخصص القانون في جامعة "كينغز" في لندن، إن "التعليم عن بعد تجربة مختلفة وغير معتادة بالنسبة إليّ كطالب جامعي. مقارنةً بالتعليم التقليدي، هناك فروقات كبيرة، وللأسف التعليم عن بعد كان تجربة غير ناجحة بالنسبة إلى جامعتي، كينغز كولج، حيث تم استبدال المحاضرات بالنسخ المسجلة للسنة السابقة، وأصبح من غير الممكن تقديم تعليم تفاعلي بين الطلاب والمحاضر لكون المحاضرة مسجلة وليست مباشرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف "تغيرت طريقة تقييم جميع الاختبارات والبحوث إلى (ناجح- راسب). وهكذا ينحصر مجهود سنة كاملة على النجاح فقط، من دون الأخذ في الاعتبار مجهودات الطلاب الفردية. وفي بعض المواد، تم إلغاء أجزاء من المنهج بسبب عدم القدرة على تطبيق التعليم عن بعد، وبالتالي أصبح التعليم المقدم لي، كطالب، غير مكتمل. وبعض المواد المقدمة في السنوات المقبلة تتطلب معرفة الطالب بهذه الدروس المُلغاة".

وتابع "ولكن رغم العيوب الكثيرة بالتعليم عن بعد، فإنه من غير المنطقي لوم الجامعة عليه ومطالبتها بإعادة الرسوم الدراسية، كون ما يحصل هو جائحة عالمية غير متوقعة. فقد قدمت الجامعة مساعدة للطلاب المتأثرين من الأزمة، ومن ضمن هذه المساعدات تأخير مواعيد الاختبارات، وتقديم حواسيب، بالإضافة إلى خدمة متواصلة للطلاب القلقين من آثار الأزمة".

ودعا الاتحاد الوطني للطلاب الجامعات إلى إلغاء أو تأجيل امتحانات هذا الصيف لتجنب المزيد من الإجهاد والتشويش على حياة الطلاب خلال الوباء. وفي بيان للاتحاد، ذكر أن الطلاب المعاقين والوافدين والفقراء سيتأثرون بشكل كبير إذا اتبعت الجامعات خططاً لإجراء الاختبارات والتقييمات عبر الإنترنت.

صعوبات عملية

وتحدثت باولا مينديز، طالبة فرنسية تدرس التصميم الغرافيكي في جامعة ويستمنستر في لندن عن تجربتها، بالقول "في التعليم عن بعد، فإن التفاعل ليس متوفراً، بخاصة وأن 80 في المئة من دراستي هي عمل جماعي. ونظراً لأننا جميعاً في مناطق زمنية مختلفة، فقد أصبح من الصعب للغاية التواصل والعمل معاً. ونعلم بأن الجامعة تبذل قصارى جهدها، ولكن بإمكانها تغيير المواعيد النهائية لمراعاة ظروفنا. وهذا أقل ما يمكنهم فعله، نظراً لأننا لن نستعيد أموالنا من الرسوم الدراسية".

ضد الإغلاق الكامل

وقال مدير إحدى الجامعات، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إنه اختلف مع قرار الحكومة بإغلاق مرافق الجامعة بالكامل، موضحاً "نرفض أن نغلق بالكامل. ماذا نفعل بآلاف الطلاب الوافدين الذين لا يستطيعون العودة إلى ديارهم؟".

مشكلة الرسوم

وقالت ليلي سوليفان، طالبة أميركية تدرس دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكسفورد "كانت المبالغ المستردة من الإيجار والرسوم الدراسية هي الموضوع الرئيس للمناقشة بين الطلاب، ولكن الدعم والتواصل حول هذا الأمر غير متسق. ويجب أن نستردّ الرسوم الدراسية، ولو جزئياً، وبالتأكيد على الإيجار السكني. ولم تعد غالبية الخدمات الأساسية متاحة لنا، ويبدو أنه من الظلم الاستمرار في الدفع مقابل الحصول عليها. ولم تعطنا كليتي ومعظم كليات زملائي أي معلومات حول عمليات ردّ الأموال، ولكن قيل لإحدى الطالبات إنها إذا كانت تريد إلغاء عقد إيجارها، فستظل مضطرة إلى الدفع لمدة 8 أسابيع".

وأضافت "تمتلك أوكسفورد وقفاً بقيمة 6.1 مليار جنيه إسترليني، وأعتقد أن الطلاب سيحتجون إذا لم تقدم الجامعة بادرة تعويض، وسنتأثر بالركود الذي سيتبع هذه الأزمة. أنا أتخرج خلال شهرين ولا أعرف ما إذا كنت سأتمكن من الحصول على وظيفة. وإذا تمكنت من استعادة بعض المال من الجامعة من أجل مدخراتي، فقد يساعدني ذلك".

عبر سكايب

وعاد معظم الطلاب المحليين والوافدين إلى منازلهم حيثما أمكن ذلك بعد نصيحة جامعاتهم. وقالت آن كريستين نول، طالبة ألمانية تدرس القانون في أكسفورد "بسبب الوباء، حثتني كلية أوكسفورد (ترينيتي) على العودة إلى ألمانيا. وما وجدته مفيداً أثناء الدراسة من المنزل هو مواصلة مجموعة دراسة مع صديق. وعبر (سكايب)، نناقش دراساتنا بشكل يومي. وهذا يحفزني على التزام جدول زمني والحفاظ على الكفاءة في الدراسة. كما أجريت برامج تعليمية مع المدرسين عبر (سكايب)، وكان حلاً جيداً وبالكاد لاحظت اختلافاً".

وتابعت "ولكن ما يؤثر على الدراسة سلباً في الوقت الحالي هو أنني لا أعرف حتى ما أستعد له. هل ستكون امتحانات عبر الإنترنت، أو سأخوض امتحانات منزلية، أو شيء لم نمارسه أبداً مثل اختبار شفهي عبر الفيديو؟ هذا الشك يجعل الوضع أسوأ".

يذكر أن العديد من الطلاب كانوا قد تأثروا بأسابيع من إضراب الموظفين في وقت سابق من العام. وقبل وصول فيروس كورونا إلى المملكة المتحدة، شارك ما يقرب من 50 ألف من الأكاديميين والمحاضرين في 74 جامعة في ما مجموعه 14 يوماً من الإضراب بسبب ظروف عملهم والمعاشات التقاعدية والأجور، خلال شهري فبراير (شباط) ومارس (آذار)، وقد أثّر ذلك بشكل ملحوظ على نحو 1.2 مليون طالب من خلال المحاضرات والبرامج التعليمية المفقودة. وأعرب الكثير من الطلاب عن دعمهم للموظفين، لكنهم يضغطون للحصول على تعويض من مديري الجامعات. وكل هذا ينطوي على منحنى حاد يطال الأكاديميين والطلاب، على حدّ سواء.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات