Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القطاع العقاري في أميركا... يقود الركود أم يتأثر به؟

فقاعة عقارية أميركية في السنوات الأخيرة على وشك الانفجار

انخفضت أرقام قروض الرهن العقاري في ولاية نيويورك الأسبوع الماضي بنسبة 18 في المئة عن الأسبوع السابق (أ.ف.ب)

أظهرت أرقام طلبات قروض الرهن العقاري في الولايات الأميركية الأكثر تضرراً من انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) هذا الأسبوع، شبه انهيار للطلب في السوق العقارية الأميركية ينذر بانفجار فقاعة عقارية، يرى عدد من المحللين والمراقبين أنها زادت خطراً في السنوات الأخيرة.

وحسب أرقام رابطة بنوك الإقراض العقاري (MBA)، انخفضت أرقام قروض الرهن العقاري في ولاية نيويورك الأسبوع الماضي بنسبة 18 في المئة عن الأسبوع السابق، وبمعدل سنوي يقل بنسبة 35 في المئة عن العام الماضي.

والصورة تقريباً مماثلة في ولايتي كاليفورنيا وواشنطن، اللتين تعانيان من انتشار الفيروس أيضاً بشكل كبير. ويتوقع كثيرون أن تلحق ولايات أخرى كثيرة بمنحنى انهيار أرقام طلبات القروض العقارية وتوقف الطلب تقريباً في السوق، ما قد يؤدي إلى انيهار القطاع الذي شهد في السنوات الأخيرة انتعاشاً استثنائياً.

ومن المؤشرات الهامة توقف شركات التسويق العقاري الرئيسة تماماً عن الشراء وإعادة البيع، وإن أعلنت أن السبب هو الحرص على موظفيها وعملائها في ضوء إجراءات الوقاية للحدّ من انتشار الفيروس، التي تعني صعوبة أو استحالة التسويق، حيث لا يمكن للزبائن الاطلاع على العقارات بسبب العزل وقيود التباعد الحالية.

لكن الواقع أن عوامل أساسية في الاقتصاد أدت إلى توقف الطلب بالفعل، في مقدمتها عدم اليقين لدى المستهلكين وارتفاع معدلات البطالة بالفعل وتوقعات استمرار ارتفاعها بنسب كبيرة. وعلى الرغم من الدعم الحكومي المباشر للأسر الأميركية العاملة، فإن ذلك لن يكون كافياً سوى لتدبير حياتهم الحالية على أقصى تقدير ولا يسمح بالمغامرة بشراء بيت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شركة "زيلو" مثلا، أوقفت شراء البيوت، التي غالبا ما تؤهلها وتعيد بيعها، وكذلك شركة "ريدفين"، وغيرهما من شركات تسويق العقارات الأميركية الرئيسة فعلت الشيء نفسه. وحسب تقديرات شركة "زيلو"، فإن الطلب على شراء البيوت لم يزد على 1 في المئة بداية مارس (آذار)، وانكمش بالسالب فيما بعد. ولوضع النسبة في سياقها يذكر أن الطلب كان يرتفع بنسبة شهرية تصل إلى 27 في المئة في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط).

وانخفضت مبيعات البيوت في أميركا بمعدل هو الأدنى منذ 29 عاماً، بعدما كانت وصلت ذروتها في 2019 بزيادة 11 في المئة بمبيعات البيوت التي يتراوح سعرها حول مليون دولار. وحسب أرقام "غنوورث" لتأمين قروض الرهن العقاري، فإن العام الماضي شهد أكبر عدد من المشترين للعقار للمرة الأولى منذ عام 1993.

توقعات متباينة

يرى المتشائمون أن القطاع العقاري الأميركي يعاني من فقاعة خطرة تكونت منذ 2012 نتيجة انخفاض أسعار الفائدة وضخ النقد في الاقتصاد عبر سياسة التيسير الكمي للاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي. وهؤلاء يتوقعون أن يقود القطاع العقاري ركوداً عميقاً في الاقتصاد الأميركي، وأن أزمة فيروس كورونا لم تكن سوى "الدبوس" الذي جعل الفقاعة تنفثئ.

لكن هناك من يرى أن أزمة فيروس كورونا، بآثارها الكارثية على القطاعات الأخرى وفقدان الوظائف وزيادة أعداد العاطلين عن العمل، ستؤثر سلباً على القطاع العقاري كبقية القطاعات. وبالتالي فالقطاع متـضرر من الأزمة ومن الركود الذي يبدو شبه أكيد، وليس السبب الرئيس فيه.

لكن الأغلبية تتفق على أن أسعار البيوت ترتفع في السنوات الأخيرة بمعدلات أسرع وأكبر من معدلات ارتفاع الأجور والإيجارات والتضخم عموماً. فهناك تقديرات بارتفاع أسعار البيوت في السنوات الثماني الماضية بنسبة 59 في المئة، وهو معدل مغالى فيه كان السبب في تضخيم فقاعة السوق العقارية الأميركية.

حتى التقديرات المتحفظة تخلص إلى أن أسعار البيوت في أميركا ارتفعت بنسبة 42 في المئة في الفترة من 2013 إلى 2019. لكن حتى هذا التقدير يظل أعلى من ضعف معدل الزيادة في الأجور في أميركا، والتي لم تزد في تلك الفترة بأكثر من 20 في المئة.

هناك تقدير مختلف تماماً من شركة "فيرست أميركان" المالية، التي تعمل في مجال تأمين القروض العقارية، يطمئن العملاء بأن القطاع الأميركي ربما يتمكن من تجاوز أزمة فيروس كورونا. في تقرير أخير للشركة قدّرت أن أسعار البيوت ارتفعت في العقد الأخير بمعدلات توازي ارتفاع متوسط دخل الأسر الأميركية.

لكن التدقيق في تقرير "فيرست أميركان" يكشف أنها تستخدم معايير تقدير مختلفة، حيث تستند في استخلاص النسب إلى "الأسعار الحقيقية" للعقارات. والواقع أن أسعار السوق فيها تضخيم واضح عن القيمة الحقيقية للأصول العقارية.

ويرجع البعض ذلك إلى زيادة عدد المستثمرين الذين يقومون بشراء عقارات بقروض ميسرة منخفضة الفائدة لتأجيرها على طريقة "المشاركة – إير بي إن بي". وتلك مشكلة أخرى، إذ إنه في ظل تراجع أو توقف السفر نتيجة القيود لمنع انتشار الفيروس لن يكون هناك إيجار لتلك العقارات، ولن يتمكن هؤلاء المستثمرون من سداد القروض.

ما يبدو مؤكداً أن القطاع العقاري في أميركا في بداية أزمة من الصعب قياس مداها بعد. وتقدر "غلوبال إيكونوميكس" في أحدث تقاريرها أن تتراجع مبيعات البيوت في أميركا خلال الربيع بنسبة 35 في المئة مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي.

يتسق هذا التقدير مع تقديرات كثيرة، رسمية وشبه رسمية، تتوقع معدلات بطالة قد تصل إلى 32 في المئة ما يعني فقدان 47 مليون وظيفة في الاقتصاد الأميركي.

وعلى أساس مدى انتشار وباء كورونا في ولايات أخرى في الأسابيع المقبلة سيظهر مدى عمق الأزمة في القطاع العقاري الأميركي، وإن كان سينهار بقوة أم سيتضرر كبقية القطاعات في ركود يعقبه انتعاش.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد