Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تظاهرات في الجزائر رداً على ترشح بوتفليقة للرئاسة

دعت المعارضة والمجتمع المدني إلى التظاهر، وبعد رسالة بوتفليقة انطلقت تظاهرات عدة في العاصمة ومدن أخرى

تعهد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الاحد 3 مارس (آذار)، في حال انتخابه مجدداً رئيساً في 18 أبريل (نيسان)، بعدم إنهاء ولايته والانسحاب من الحكم بعد تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة يحدد تاريخها إثر مؤتمر وطني، ولا يترشّح فيها.

وبعد رسالة بوتفليقة، التي قرأها مدير حملته الانتخابية عبد الغني زعلان، انطلقت تظاهرة في الجزائر العاصمة ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وفق ما نقلت "وكالة الأنباء الفرنسية".

وفجر يوم الاثنين 4 مارس (آذار)، ذكرت وكالة "رويترز"، بناء على شهود عيان ولقطات مصورة على الإنترنت، أن مئات الجزائريين تجمعوا في العاصمة ومدن أخرى في وقت متأخر للاحتجاج على استمرار بوتفليقة بالترشح. وقال سكان إن مئات الشباب تجمعوا في وسط الجزائر ورددوا هتافات مناهضة للحكومة. وأفادت مواقع جزائرية على الإنترنت بوقوع احتجاجات في البويرة وتيزي وزو وبوفاريك.

وتعهد بوتفليقة بإعداد دستور جديد يطرح على الاستفتاء من أجل ولادة "جمهورية جديدة". وتعهد أيضاً بـ"اعتماد اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية من شأنها ارساء أساس النظام الجديد"، وبالعمل على وضع سياسات "عاجلة كفيلة بإعادة التوزيع العادل للثروات الوطنية وبالقضاء على أوجه التهميش والاقصاء الاجتماعيين (...) بالإضافة إلى تعبئة وطنية فعلية ضد جميع أشكال الرشوة والفساد".

وقال بوتفليقة الذي يحكم الجزائر منذ 1999 ويواجه ترشحه لولاية خامسة احتجاجات شعبية واسعة، "نمت إلى مسامعي وكلي اهتمام هتافات المتظاهرين من آلاف الشباب الذين خاطبوني بشأن مصير وطننا".

أضاف "اني لمصمم (...) إن حباني الشعب الجزائري بثقته مجدداً على الاطلاع بالمسؤولية التاريخية وألبي مطلبه الأساسي أي تغيير النظام".

كذلك تعهد بمراجعة قانون الانتخابات مع التركيز على إنشاء آلية مستقلة تتولى دون سواها تنظيم الانتخابات.

وجاء ذلك بعدما قدّم زعلان أوراق ترشح بوتفليقة إلى المجلس الدستوري، في العاصمة الجزائر.

وقبل أن يصل زعلان إلى مقر المجلس الدستوري، قال عبد الوهاب دربال، رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات في الجزائر، الأحد، إنه يتعين على كل المرشحين في الانتخابات الرئاسية تقديم أوراق ترشحهم شخصياً.

وسبق ذلك، استخدام الشرطة خراطيم مياه ضد طلاب يتظاهرون، في محيط المجلس الدستوري، في العاصمة، حيث أُغلقت الشوارع ونُشرت تعزيزات امنية. وكانت الشرطة منعت الطلاب من مغادرة حرم الجامعات، إلا أن المئات منهم تمكنوا من التجمع في الشوارع المحيطة للمجلس الدستوري.

ويوم الأحد 3 مارس (آذار)، وهو المهلة الأخيرة لتقديم المرشّحين طلباتهم إلى المجلس الدستوري، تظاهر عشرات الآلاف من المحتجين على ترشح بوتفليقة الذي تجاوز الـ82 عاماً وتعرّض في العام 2013 لجلطة دماغية. ولم يظهر الرئيس بوتفليقة علنا إلا نادراً منذ العام 2013 ويتواصل على مدى سنوات من خلال خطابات يتلوها مساعدوه. ويشكّل الشباب دون الثلاثين عاماً نحو 70 في المئة السكان في الجزائر.

ويُنظر إلى رسالة بوتفليقة عبر مدير حملته الانتخابية، وكذلك فريقه السياسي، على أنها محاولة لاسترضاء الذين خرجوا إلى الشوارع خلال الأيام الماضية، منذ 22 فبراير (شباط)، للاحتجاج على اعتزام الرئيس البقاء في السلطة وأيضا للسماح له بترك السلطة بشروطه.

ويقول معارضون إن بوتفليقة لم يعد قادراً على مهمات الرئاسة، مشيرين إلى اعتلال صحته وما يقولون إنه انتشار الفساد وافتقار إلى الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لمعالجة مشكلة البطالة التي يتجاوز معدلها 25 في المئة بين الأشخاص دون الثلاثين من العمر.

لكن محللين يقولون إن الحركة الاحتجاجية تفتقر لقيادة وتنظيم في بلد ما زال يهيمن عليه المحاربون القدامى الذين شاركوا في حرب الاستقلال عن فرنسا بين العامين 1954 و1962.

وكانت المعارضة الجزائرية، التي تعاني من الضعف والانقسام، إضافة إلى جماعات المجتمع المدني، قد دعت إلى مزيد من الاحتجاجات إذا ترشح بوتفليقة.

وسعت الحكومة لاستغلال مخاوف الجزائريين من العودة إلى إراقة الدماء في التسعينات عندما قتل نحو 200 ألف شخص بعدما حمل الإسلاميون السلاح إثر إلغاء الجيش انتخابات كانوا على وشك الفوز فيها.

لكن موجة الاحتجاجات الجديدة اتسمت بالسلمية باستثناء يوم الجمعة عندما أسفرت اشتباكات مع الشرطة عن إصابة 183 شخصاً.

المنافسون

وبحلول مساء الأحد تقدم سبعة مرشحين بطلباتهم رسميا لمنافسة بوتفليقة. وفشلت المعارضة في الاتفاق على مرشح واحد. ما يجعل قيامها بحملة مهمة شاقة في بلد يهيمن عليه منذ الاستقلال حزب واحد هو حزب جبهة التحرير الوطني.

وكان العديد من الجزائريين يتجنبون النشاط السياسي على مدى سنوات خوفا من أجهزة الأمن أو بسبب اليأس من إمكانية تغيير القيادة في البلاد.

والأبرز بين المرشحين، الذين سجّلوا ملفاتهم، هو عبد العزيز بلعيد (55 سنة) الذي استقال من جبهة التحرير الوطني، حزب بوتفليقة، في العام 2011 ليؤسّس "جبهة المستقبل"، ونالَ 3 في المئة من الأصوات في انتخابات العام 2014.

وأعلن وزير السياحة السابق عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الإسلامية، أنه قدّم ملف ترشحه إلى المجلس الدستوري.

وتقدّم، صباح الأحد، اللواء المتقاعد علي الغديري، الذي دخل فجأة عالم السياسة في نهاية العام 2018، من دون أن يكون لديه حزب، بطلب ترشّحه إلى المجلس الدستوري، وهو كان قد وعد الناخبين الجزائريين قبل أسابيع بإقامة "جمهورية ثانية"، لكنه لزم الصمت في الأسابيع الماضية.

وهناك مرشّحان آخران غير معروفين، هما علي زغدود رئيس حزب صغيرٍ من "التجمّع الجزائري"، وعبد الكريم حمادي وهو مستقل. وسبق لهما الترشّح، لكن ملفيهما لم يقبلا.

وحاولت المعارضة الجزائرية، التي لم يُسمع لها صوت والغائبة عن حركة الاحتجاج المنبثقة من دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، الاتفاق على تقديم مرشّحٍ واحدٍ للانتخابات، لكن من دون جدوى.

وفي انتظار إعلان عبد الرزاق مقري، رئيس "حركة مجتمع السلم"، موقفه من خوض الانتخابات، يبدو أن رجل الأعمال رشيد نكاز، الحاضر بقوّة على شبكات التواصل الاجتماعي، والذي يجتذب حشوداً من الشباب المتحمّسين في تنقّلاته، لا يستوفي شروط الترشّح.

فعلى الرغم من تأكيده سحب جنسيته الفرنسية بناءً على طلبه، فإن القانونَ الانتخابيّ ينصّ على أنه لا يمكن للمرشّح لمنصب الرئيس أن يكون قد حاز في أيّ وقتٍ جنسيةٍ أخرى غير الجزائرية.

في الأثناء، قرر علي بنفليس أبرز منافسي بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية عامي 2004 و2014، عدم الترشح للانتخابات، حسب ما أفاد مسؤول في حزبه وكالة فرانس برس.

ووفق المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته، فإن حزب "طلائع الحريات" بزعامة بنفليس سيصدر بياناً يوضح فيه أسباب هذا القرار.

وكان بنفليس تولى منصب رئيس وزراء بوتفليقة بين العامين 2000 و2003 ثم منصب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، قبل أن يقطع مع بوتفليقة رافضاً دعمه لولاية ثانية.

وحصل بنفليس على 6,4 في المئة من الاصوات في 2004 و12,3 في المئة في 2014 ليحل في المرتين في المرتبة الثانية بعد بوتفليقة الذي أعيد انتخابه بلا انقطاع منذ 2004 بأكثر من 80 في المئة من الاصوات.

وبعد الانتهاء من تقديم ملفات الترشّح، سينظر المجلس الدستوري في الأيام العشرة التالية في مدى أهليّة المرشّحين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إقالة السلال

وكان بوتفليقة أقال، السبت، مدير حملته الانتخابية عبد المالك سلال، وعيّن وزير النقل عبد الغني زعلان بدلاً منه، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الجزائرية. لكن لم يصدر أي تبرير لهذا التغيير قبل ساعات من انتهاء مهلة تقديم طلبات الترشح.

ولم يعلّق أيّ مسؤول جزائري رسمياً، حتى الآن، على التعبئة الشعبية الكبيرة للجزائريين تعبيراً عن رفضهم ترشّح بوتفليقة إلى ولاية جديدة.

يُذكر أن بوتفليقة موجود في مستشفى في سويسرا، منذ ستة أيام، لإجراء "فحوص طبية دورية"، ولم يعلن بعد موعد عودته إلى البلاد، في حين أن القانون لا يلزم المرشح بتقديم طلب ترشّحه شخصياً إلى المجلس الدستوري.

وفي غياب بوتفليقة، الذي لم يخاطب الجزائريين منذ تعرّضه لجلطة دماغية في العام 2013، ولم يعد يظهر إلا نادراً، وجد سلال نفسه في خط المواجهة الأول لحركة الاحتجاج. ويمكن أن يكون "كبش فداء"، وفق ما قال مراقب لوكالة "فرانس برس"، طالباً عدم كشف هويته.

أضاف المراقب أن "إقالته قد تكون إجابة أولى" على حركة الاحتجاج التي تشهدها الجزائر، "لكن (مفاعليها) قد تكون قصيرة الأمد"، وفق المصدر ذاته.

وزعلان (54 سنة) موظّف كبيرٌ قضى معظم مسيرته في إدارة الولايات بصفة الأمين العام للولايات ثمّ عُيِّن والياً في وهران، ثاني أكبر مدن البلاد. وهو غير معروف كثيراً لدى المواطنين.

المزيد من العالم العربي