Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جائحة "كورونا" ترد الاعتبار إلى الفرق الطبية في الجزائر

تعاملت الشرطة مع احتجاجاتهم قبل سنتين بكثير من القوة

وجه رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز جراد، نداء للأطقم الطبية "المتطوعة" للحاق بكبرى المستشفيات التي تواجه تدفقاً عالياً للمصابين بفيروس كورونا، في مشهد عام بالبلاد استعاد معه متخصصو القطاع الصحي مكانتهم الاجتماعية بما قد يمحي مشاهد الاعتداء على المئات منهم في احتجاجات مهنية تكررت طيلة عام 2018.

في الفقرة الأخيرة من المرسوم التنفيذي المحدد لتفاصيل تطبيق الحظر الصحي الشامل والجزئي في محافظتي البليدة والعاصمة على التوالي، قال جراد "في إطار التعبئة الشاملة لمواجهة فيروس كورونا بطريقة فعالة، تتولى السلطات المركزية والمحلية إحصاء كل الموارد البشرية والمادية العمومية والخاصة التي يتعين تعبئتها في أي لحظة للتصدي للوباء"، وفي هذا الصدد "تُلزم المؤسسات الصحية العمومية بفتح قوائم لفائدة المتطوعين أو المحسنين الراغبين في تسجيل أنفسهم، بما في ذلك الأطباء الخواص وكل مستخدم طبي وشبه طبي، ويتم تنظيم الأعمال التطوعية التي تأتي لدعم جهود السلطات العمومية من قبل اللجان الولائية المشكلة".

العصابة قلبت المعايير

قال سماعيل جيتلي وهو طبيب ممارس للصحة الجوارية في مدينة بوغني بمحافظة تيزي وزو لـ "اندبندنت عربية"، "على الرغم من الضغوط المفروضة هذه الأيام على الطواقم الطبية ضمن مخطط التعبئة العامة، إلا أننا نتلقاها بفرح بالغ لانتقال صورة الأطباء إلى مستوى الدرجة الأولى، قبل سنتين كنت ضمن الآلاف ممن قرروا الاحتجاجات المهنية الواسعة، وأحد الذين تعرضوا للاعتقال في الطريق إلى احتجاج بمستشفى مصطفى باشا بقلب العاصمة".

يذكر جيتلي أن "الطواقم الطبية كأنها تتلقى الاعتذار يومياً وبشكل رسمي من السلطات العليا، في فترة العصابة شعر الأطباء بأنهم أدنى القطاعات اعتباراً في الوظيفة العمومية ضمن معادلة عامة كانت سائدة طالت أساتذة التعليم والجامعات وأهل الاختصاص في البحث العلمي".

ومعلوم أن جهاز الشرطة تعامل بكثير من القوة مع احتجاجات الأطباء المقيمين قبل عامين، تزامنت وحملة سياسية قادها الوزير الأول السابق أحمد أويحي حين رفض التعاطي مع مطالب المحتجين في ما يخص العمل الإجباري في الجنوب وملف الخدمة العسكرية وأيضاً ملف الأجور، وبلغت الحملة أوجها ضد الأطباء لدرجة "شيطنتهم" أمام الرأي العام عبر عدد من المؤتمرات الصحافية.

شكاوى من ظروف العمل

ومع استمرار حالة التعبئة العامة للأطقم الطبية منذ نهاية فبراير (شباط) الماضي، سيما أن الجزائر تسجل 302 حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، عاد الهدوء ليميز علاقة مهنيي الصحة ووزارة القطاع إثر اتهامات متبادلة في الأيام الأولى لانتشار الفيروس، فنقابة المهنيين اشتكت غياب إمكانيات العمل في ظروف الطوارئ.

في المقابل، يشير إلياس مرابط رئيس "النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية" حول الظروف التي تشتغل فيها الأطقم الطبية بكبرى المستشفيات "هناك حالة من الثنائية بين التصريحات والواقع، ثمة أرقام حقيقية أو متوقعة تعلن عنها السلطة العامة، وواقع على الأرض ميزته الاختلالات التي يلاحظها المهنيون الصحيون كل يوم من حيث التنظيم والتنسيق في تنفيذ خطة الطوارئ الصحية".

ويذكر مرابط في هذا السياق "يمكننا فقط تأكيد وإدانة نقص الموارد الأساسية لممارسة آمنة لجميع العاملين في مجال الرعاية الصحية المعرضين بشكل مباشر أو غير مباشر لخطر العدوى في وجه وباء كورونا، الأطقم الطبية تحتاج إلى كمامات ووسائل وقاية كأقل شيء، يحتاجون إلى ملابس العمل بكميات كافية وقفازات وغيرها".

وتدعم "النقابة الوطنية المستقلة للأعوان الطبيين في التخدير والإنعاش" للصحة العمومية تصريحات مرابط، فقد رفعت نداء للسلطات الصحية في البلاد تشتكي فيه "غياب أدنى وسائل الحماية في المستشفيات، والتي تحميهم من عدوى فيروس كورونا المستجد، إن كل المعلومات التي يقدمها مسؤولو القطاع، مغلوطة ومبالغ فيها، وهذا بحسب تقارير تتلقاها المكاتب الوطنية للنقابة، الكمامات والقفازات والمعقمات اليدوية وهي أبسط وسائل الوقاية والحماية، يفتقدها وبشكل يومي، أعوان التخدير والإنعاش، والأطباء".

أماني أطباء البليدة

ويبدو أن أزمة الأطباء العاملين وشكاويهم تتزايد بشكل واضح في محافظة البليدة التي تعيش حجراً صحياً شاملاً منذ ثلاثة أيام، ففي شهادة له حول عمل الأطقم الطبية يذكر البروفسور ياسين خلوي، رئيس قسم أمراض الجهاز التنفسي بمستشفى البليدة أنه "وعلى الرغم من المخاطر والضغط والإرهاق ونقص وسائل النقل وما إلى ذلك، فإن العاملين الصحيين يضحون بالكثير أثناء عملهم، لم يعد بإمكانهم الحصول على وجبات لا داخل المستشفى ولا خارجه حيث تغلق السلطات كل المطاعم. لم تفكر جميع المؤسسات الصحية أبداً في التعامل مع هذه المشكلة".

كفاءة الأطباء

شكلت الجزائر الاستثناء العالمي حين أعلن وزير الصحة إقرار "بروتوكول علاج" للحالات المتقدمة في الإصابة بوباء كورونا، فقد أعلن عبد الرحمن بن بوزيد بدء الأطقم الطبية العمل على أساس هذا "البروتوكول" قائلاً إنه "مزيج بين دواء محلي وآخر مستورد"، قبل أن يمنح الضوء الأخضر لكبار الأطباء تنفيذ خطة العلاج هذه والتي تعتمد "الكلوروكين" كأساس دوائي.

ويوضح البروفسور عمار طبايبية، مسؤول قسم علم الأوبئة بمستشفى الأبيار في العاصمة لـ "اندبندنت عربية" أن "اجتهاد اللجنة العلمية لوزارة الصحة صحيح إلى درجة كبيرة وأنا شخصياً أنصح باستعمال هذا البروتوكول وفق قواعد طبية صارمة"، ويعتبر طبايبية أن "مثل هذه المعطيات سانحة للعلماء والطبيين بالخصوص للتعريف بكفاءاتهم العملية والمهنية في سياق تحول شامل في البلد ضمن مفاهيم جديدة تعيد كل شخص إلى مكانه ووضعه الطبيعي".

المزيد من العالم العربي