Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدرس الإيطالي... عدم الالتزام بشروط الإغلاق تسبب بتزايد الوفيات

غياب الوضوح ومشاعر الإحباط العام يعني أن التعليمات لا يُلتزم بها دائماً

فيما تتهافت الدول الأوروبية على فرض التباعد الاجتماعي، والمملكة المتحدة تنوي اتخاذ إجراءات مماثلة، تتطلّع الحكومات في هذه الدول إلى عملية الإغلاق الجارية في إيطاليا بسبب تفشي فيروس كورونا، لتقرر على ضوئه كيف تستطيع أن تمضي دولة ديمقراطية في إجراءاتها لتقييد الحريات المدنية عند التعامل مع حالة طوارئ طبية كهذه.

وتستمر إيطاليا في إقفال مدنها منذ التاسع من مارس (آذار) الحالي، ومع ذلك، فإن إجراءاتها أخفقت في احتواء انتشار  الوباء. يوم الخميس الماضي، قفز عدد الوفيات ليصل إلى 3,405 متجاوزاً بذلك عدد الخسائر البشرية في الصين، التي كانت المكان الأول لهجوم الفيروس.

ومع تصاعد عدد الإصابات إلى 41,035 حالة، مقابل حالات تعافٍ بلغت 4,440، بادرت الحكومة الإيطالية إلى تمديد فترة الحجر العام إلى ما بعد يوم 3 أبريل (نيسان) المقبل، وتتدارس إمكانية فرض إجراءات أكثر تشدّداً مع الحريات المدنية لحصر انتشار المرض. فبحلول الجمعة، بلغ عدد الإصابات 47,021 وحالات الوفيات 4,032.

وقال أتيليو فونتانا، رئيس إقليم لومباردي الأكثر تضرّراً بالفيروس، "من المؤسف أنّ أعداد المصابين بالعدوى لم تهبط... بعد فترة قصيرة، سنصبح عاجزين عن مساعدة أولئك الذين يُصابون بالمرض".

وأضاف أن على الحكومة أن "تغيّر نبرتها"، لأنه إذا لم تُفهَم الرسالة حتى الآن، فعلينا أن نكون أكثر عدوانية في تنفيذها".

في المقابل، لجأت البلدان الديمقراطية إلى الأمل بأن يلتزم المواطنون طوعياً بالتعليمات سعياً لاحتواء الفيروس وتجنّب فرض إجراءات صارمة مماثلة لتلك التي اتُّخذت في بلدان ذات أنظمة استبدادية مثل الصين، حيث كان نظام التصاريح الفردية مع المراقبة الجماعية فعالاً في جعل المنحنى المتصاعد مستقيماً أفقياً (أي بلوغ عدد الإصابات بسبب عدوى فيروس كورونا الصفر).

وتبنّت إيطاليا من جانبها إجراءات لا مثيل لها خلال زمن السلام لاحتواء أسوأ انتشار لوباء في أوروبا، وذلك باختبار حدود الديمقراطية في العالم الغربي بشكل فعال. مع ذلك، فهي تفكر برفع مستوى ردّها- بما فيه نشر الجيش- إذ إنّ حوالى 40 في المئة من سكان لومباردي، ما زالوا يتحدون الإجراءات الحكومية ويبتعدون مئات الأمتار عن أماكن إقامتهم بغرض الاتجاه إلى مكان العمل أو كتحد لقرار الإغلاق. 

أما أندريا كافاليير، رئيس الغرفة الجنائية في بريشا، فقال إنّ الحكومة مؤهلة لفرض إجراءات أكثر صرامة طالما أنّ حق الصحة العامة أكثر أهمية من حق حرية التنقل، مضيفاً في حديثه مع "اندبندنت" أن "كل أمر غير ضروري يجب منعه، وهذا لأنّنا لا نحترم معايير تقييد الحركة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بعد إعلان الحكومة بدء تطبيق قرارها من أن التجوّل في الشوارع من دون "سبب مقبول"، جنحة يعاقب القانون عليها، راح المواطنون يوجهون عدداً كبيراً من الأسئلة على مواقع التواصل الاجتماعي عن كيفية تأويل تقييدات الحركة.

وقد أثار البعض ضجة عمّا إذا كانوا قادرين على رياضة كلابهم خارج بيوتهم أو إخراج القمامة، بينما تساءل آخرون عمّا إذا كان الخروج للهرولة يُعتبر ضرورياً. وكان القرار يشمل أربعة استثناءات هي الذهاب إلى العمل إذا كان الشخص يقدم خدمة لا يمكن الاستغناء عنها وشراء الضروريات الأولية والخروج لأسباب صحية أو العودة إلى مكان الإقامة.

إلاّ أنّه ترك مجالاً كبيراً للتأويل. وهذا ما دفع المسؤولين لاحقاً إلى توضيح الضرورات الأولية بأنّها تشمل إعداد الطعام لأفراد من العائلة غير قادرين على القيام بذلك والذهاب إلى المتاجر الكبرى. كذلك، فإنّ إخراج الكلب وتمشيته أو من أجل الهرولة – بشكل فردي وإبقاء مسافة آمنة فاصلة عن الآخرين- مسموح بهما.

وحين يكون المواطنون في الخارج، يُطلب منهم حمل استمارة تتضمّن بالتفصيل الغرض من نشاطهم. وأولئك الذين يثبت تجاوزهم للأمر الحكومي يواجهون إمّا قضاء شهر في السجن أو دفع غرامة قدرها 206 يورو.

وأكد ماركو ميشلي، المحامي في مكتب "مجموعة بالمر القانونية" بمدينة بولونيا لـ"اندبندنت"، "إذا كنّا لا نطيع هذه القاعدة، فنحن نرتكب فعلياً جريمة". فعلى عكس ارتكاب جنحة، يمكن تسويتها بدفع غرامة، فإنّ هذا القرار الحكومي يترتب عن انتهاكه إجراء قضائي.

وكانت السلطات الإيطالية قد وجّهت تهماً إلى 40 ألف شخص لانتهاكهم إجراءات الإغلاق، حسب الأرقام التي بحوزة وزارة الداخلية.

ففي ميلان، كان خمسة أشخاص في العشرينات من عمرهم "ينتظرون صديقاً" من دون احترام مبدأ التباعد الاجتماعي، فوُجّهت إليهم تهمة انتهاكهم للمادة 650 من قانون العقوبات، التي تنظم عقوبات عدم احترام الأوامر الحكومية.

كذلك هي الحال مع تقديم تصريح كاذب لضباط الشرطة – مثل ادّعاء الشخص بأنه ذاهب للتبضع، فيما هو على بعد يزيد على الـ400 متر عن عنوان إقامته- إذ يترتب على ذلك حكم بالسجن مدة سنتين.

وفي أوستا الواقعة شمال غربي إيطاليا، فُتح تحقيق ضد رجل لـ"محاولته الخطيرة في نشر الوباء" لأنه أجرى عملية جراحية تجميلية في حين كانت أعراض الإصابة بفيروس كورونا بادية عليه. ولاحقاً أثبت الفحص أنه مصاب بـ"كوفيد-19" وسيواجه تهماً بنشر الفيروس.

وعلى الرغم من فرض الإجراءات المشدّدة، فإنّ السلطات تخشى من أن تكون هذه الإجراءات غير فعالة في الحصول على النتائج المرغوب فيها. وفي هذا السياق، أوضح جوزيبي كونتي، رئيس الوزراء الإيطالي، أنه بالإمكان تلمّس التأثيرات الإيجابية لإيصاد المدن بعد أسبوعين من الشروع بها، إذ كان هناك اعتقاد بأنّ فيروس كورونا يحمل فترة حضانة تمتد من يومين إلى أسبوعين.

لكنّ الإيطاليين دخلوا يومهم الحادي عشر في الحجر الصحي يوم الجمعة الماضي، ومع ذلك كانت النتائج الإيجابية ضئيلة. فبين يومي الأربعاء والخميس الماضيين، ارتفع عدد الإصابات من 28,710 إلى 33,190 من دون احتساب عدد المتشافين من المرض، وهذا يتماثل مع متوسط زيادة في الإصابات يبلغ 3 آلاف كل يوم، أثناء الأسبوع الماضي.

وكانت البيانات التي لا تحدد هوية المستخدمين والتي قدّمتها كبرى شركات الاتصالات الهاتفية، فودافون وتيم، عن مواقع الأفراد المستخدمين للهواتف الجوالة كشفت عن أن حوالي 40 في المئة من سكان شمال إقليم لومباردي ما زالوا يتنقلون لمسافات بعيدة من منازلهم. وجاء الكشف عن هذه المعلومات من قبل نائب رئيس إقليم لومباردي فابريزو سالا، ما أجّج مخاوف على حقوق الخصوصية.

فمع البيانات المتوافرة في اليد، بدأت الحكومة الإيطالية التفكير في طرح إجراءات جديدة للتماشي مع جسامة انتشار الوباء. وفي هذا الصدد، قالت لوسيانا لاموريجز، وزيرة الداخلية، إنّه من الممكن اللجوء إلى الجيش لفرض الإيصاد. ويوم الخميس الماضي، تم التأكد من أن ضباط الجيش سيُنشَرون في جزيرة صقلية الواقعة جنوب البلاد، حيث حالات الإصابة ما زالت محدودة نسبياً - لكنّ السكان هناك خارجون عن السيطرة.

وما زالت هناك إجراءات احتواء أخرى تتطلّب المصادقة عليها  وهذه قد تشمل السماح لشخص واحد من كل عائلة بالقيام بالمهام الضرورية، بما فيها تبضع المشتريات الأساسية وإصدار منع أي نشاط بدني خارج البيوت.

وإذ شهدت ميلانو رقماً قياسياً في زيادة حالات الإصابة خلال الـ24 ساعة يوم الخميس الماضي، ببلوغها 634، أكد فونتانا، رئيس إقليم لومباردي أنّ نشر دوريات الجيش قيد البحث، وهو "قرار يمكن اتّخاذه على المستوى الحكومي فقط"، حسب قوله. 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات