Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العالم يحبس أنفاسه ويراقب الصين لمعرفة خطوات "كورونا" المقبلة

"فيما تظهر التجربة في الصين وحاضراً كوريا الجنوبيّة أنّ قمع الفيروس ممكن لفترة قصيرة، يبقى أن نرى ما إذا كان ذلك وارداً على المدى البعيد"

فيروس كورونا كما يتصوره العلماء بعد طباعته بتكنولوجيا ثلاثية الأبعاد (رويترز) 

يترقّب العلماء في أنحاء العالم ما تحمله الأيام والأسابيع المقبلة من تطوَّرات تتعلّق بتفشي فيروس "كورونا" في الصين، ذلك أنّ تلك المستجدّات ستكشف ما إذا كان صائباً النموذج الذي اتخذه الصينيّون في طول الفترة اللازمة التي سينبغي أن تبقى خلالها الإجراءات التقييديّة على الحياة الاعتياديّة قائمة.

يوم الاثنين الماضي، أصدر علماء من "إمبريال كوليدج لندن"، الجامعة البحثيّة العامة في المملكة المتحدة، صياغتهم التفصيليّة لنموذج خاص بوباء "كورونا"، الذي خَلُص في معظمه إلى أنّ من المحتمل أن تواجه المملكة المتحدة فترة غير محدَّدة من الإغلاق من دون توفّر لقاح مضادّ. وأظهرت أن الفيروس سيعود وسيُربك الخدمات الصحيّة، في كل مرة تُرفع التدابير التقييديّة المعمول بها.

معلوم أنّ في الصين وكوريا الجنوبية، اتُّخذت إجراءات صارمة على الحياة الطبيعيّة بغية الحدّ من انتشار الفيروس.

وستكون الأسابيع القليلة المقبلة في الصين حاسمة لمعرفة ما إذا كان "كورونا" سيعاود الظهور، حسب ما قال خبراء "إمبريال كوليدج لندن"، الذين أدّى عملهم إلى التحوّل الدراماتيكي في أساليب حكومة المملكة المتحدة الخاصة بمواجهة الفيروس.

و قالت أزرا غاني، البروفيسورة في وبائيات الأمراض المُعدية، إنّنا "سنتعلم من تجارب بلدان أخرى. لسنا البلد الوحيد الذي يتعرّض للوباء، بل يواجه كل بلد في العالم التحديات ذاتها تماماً. في الوقت الحاضر، نراقب الوضع عن كثب في الصين... يتّبع الصينيّون الاستراتيجية التالية تحديداً، خفّضوا انتقال العدوى إلى مستويات متدنيّة جداً، هي من دون شكّ أدنى من العتبة التي وصلنا إليها، والآن أعادوا فتح مجتمعهم مجدداً، وسنرى ما الذي ستحمله الأسابيع المقبلة".

في البرلمان البريطاني، نبّه باتريك فالانس، كبير المستشارين العلميِّين لحكومة المملكة المتحدة يوم الثلاثاء، إلى أنّ اللقاح المضادّ يُعتبر الحلّ الوحيد لمواجهة فيروس "كورونا". وقال متوجهاً إلى النواب، "لا أعرف إلى متى ستستمر إجراءات العزل. ليس لعدد من الأسابيع طبعاً. بل ستبقى أشهراً. أما ماذا سيحدث عند وقف هذه الإجراءات، فيبقى أحد الأمور الغامضة الكبرى... في الواقع، تشير الأدلة كافة المستخلصة من الأوبئة السابقة إلى أنّنا نعجز عن تجنّب ظهور الوباء مرة أخرى عندما ننطلق إلى حياتنا الطبيعية من جديد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

التحدي الذي يفرضه الفيروس

وفقاً للدراسة التي أعدّتها "إمبريال كوليدج"، تكمن الفرصة الوحيدة المتاحة أمام المملكة المتحدة لتجنّب وفاة 510 آلاف متوقّعة في حال عدم اتخاذ أي تدابير، في أن تفرض الدولة قيوداً على حركة الأشخاص وعلاقاتهم الاجتماعيّة.

وأظهر التقرير الذي صدر يوم الاثنين الماضي، أنّه حتى مع بعض تدابير عزل المرضى وحجرهم صحيّاً، يبقى من الوارد، في ظلّ عدم وجود قيود جماعية على المجتمع برمّته، وقوع 260 ألف حالة وفاة، وتضاعف الطلب على أسرّة العناية المركزة ثماني مرات، ما سيثقل كاهل "هيئة الخدمات الصحيّة الوطنيّة" (إن. آتش. أس).

دفع ذلك التقييم المتشائم بوريس جونسون وحكومة المملكة المتحدة إلى وضع ما وافق رئيس الوزراء على أنّها كانت إجراءات "شديدة القسوة".

كذلك أظهرت الدراسة "الخطر الذي يمثّله الفيروس، إذ ورد فيها أنّه يمثّل التهديد الأشد خطورة على الصحة العامة الذي يُسجّل لفيروس تنفسي منذ جائحة الإنفلونزا عام 1918.

تابعت الدراسة، "نبيِّن هنا أنّه في حالة المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركيّة، سيتطلّب قمع الفيروس إلى الحدّ الأدنى مزيجاً من التباعد الاجتماعي لجميع السكان والعزل المنزلي للمصابين والحجر الصحي لأفراد أسرهم. ربما يحتاج ذلك إلى استكماله بإغلاق المدارس والجامعات، على الرغم من أنّه لا بد من معرفة أنّ عمليات الإغلاق هذه يُحتمل أن تنطوي على آثار سلبيّة تمس الأنظمة الصحيّة بسبب زيادة التغيّب (لدى الموظفين)".

التوقعات المستقبليّة

تكمن المشكلة في عملية قمع انتشار الفيروس نهائياً في أنّها تحمل تأثيراً اجتماعياً واقتصادياً هائلاً. على سبيل المثل، يُتوقّع أن يفقد ما يصل إلى مليون شخص وظائفهم بسبب انخفاض الإيرادات نتيجة بقاء الأفراد في منازلهم وعدم إنفاقهم أموالهم.

لذا من الناحية الواقعية، لا يمكن لأيّة حكومة الإبقاء على العمل بمثل تلك الإجراءات إلى أمد بعيد، وعند هذه النقطة، يصبح تقرير "إمبريال كوليدج" أكثر مدعاة للقلق.

في الحقيقة، يظهر التقرير أنّه حيث يؤخذ العمل بتدابير التباعد الاجتماعي، ثم تخفيفها بعد ذلك، يعود الفيروس إلى الظهور مرة أخرى.

وممّا يرد فيه، إنّ "التحدي الرئيس لقمع الفيروس يكمن في ضرورة استمرارية هذا النوع من حزمة التدخّل المكثّف، أو أيّ تدبير مماثل فاعل في الحدّ من انتقال العدوى، إلى أن يصبح اللقاح متاحاً (ربما 18 شهراً أو أكثر)، نظراً إلى أننا نتوقّع أنّ انتقال العدوى يعود سريعاً في حال خُفضت التدابير التي اتُّخذت".

يوضح العلماء أنّه في حال فُرضت قيود لمدة خمسة أشهر من أبريل (نيسان) إلى سبتمبر (أيلول)، سيظهر الفيروس مجدداً في أكتوبر (تشرين الأول) ويبلغ ذروته مرة أخرى في نوفمبر (تشرين الثاني) أو ديسمبر (كانون الأول)، وهي فترة زمنية تتسبّب فيها الإنفلونزا الموسمية والطقس البارد عادة بـ"أزمة فصل الشتاء" في قطاع الخدمة الصحية.

فضلاً عن ذلك، حذّر التقرير من أنّه "كلّما نجحت الاستراتيجية في القمع المؤقت للفيروس، كلّما كان من الوارد أن يكون وقع الوباء التالي أكبر في ظلّ غياب التطعيم، ذلك من جراء تراكم أقل لمناعة القطيع".

يشكّل ذلك الأمر تحدياً حقيقيًّ بالنسبة إلى الحكومة البريطانية في حال عدم ظهور لقاح في الوقت المناسب للطفرة الثانية للفيروس.

حلّ "التشغيل والإيقاف"

يقدِّم العلماء خياراً بديلاً للوزراء في الحكومة البريطانية، وهو تشغيل القيود وإلغاؤها في محاولة للحدّ من تأثير الفيروس.

عبر استخدام محاكاة تُشغّل فيها القيود بمجرد إبلاغ المستشفيات عن 200 مريض في العناية المركزة أسبوعياً، أظهر العلماء أنّه ليس مستبعداً أن تكون المملكة المتحدة محاصرة في دورة فيروس "كورونا" التي ربما تستمر عامين حتى نوفمبر 2021.

هكذا، سيكون الخلاص الحقيقي الوحيد تطوير لقاح مضادّ، ولكن بينما يختبر عدد من شركات الأدوية لقاحات مرشّحة، لا تتوفّر ضمانة في المرحلة الراهنة على أنّ أحد تلك التطعيمات سيكون فاعلاً.

لهذا السبب، تكتسب الصين وكوريا الجنوبيّة أهمية كبيرة وتوضعان تحت المراقبة عن كثب. على سبيل المثال، إذا بدأ عدد الإصابات في الارتفاع في كلا البلدين بمجرد رفع القيود، يشير ذلك إلى أنّ توقعات النمذجة صحيحة ويجب على المملكة المتحدة توقع موجة ثانية من الإصابات بالفيروس بمجرد استئناف الحياة الطبيعية.

ذكر التقرير، "في حين تُظهر التجربة في الصين، والآن كوريا الجنوبيّة، أنّ قمع الفيروس ممكن لفترة قصيرة، يبقى أن نرى ما إذا كان ذلك وارداً على المدى البعيد. ساعدت النتائج الواردة في هذه الدراسة في عملية رسم السياسات في المملكة المتحدة وبلدان أخرى في الأسابيع الأخيرة. مع ذلك، نشدِّد على أنّه ليس من المؤكد على الإطلاق أن قمع الفيروس سينجح على المدى الطويل، إذ لم يسبق أن شهدت الصحّة العامة تدخلاً يشتمل على مثل تلك الآثار المدمِّرة في المجتمع، لفترة طويلة من الزمن. في الحقيقة، ما زالت مسألة كيفية استجابة السكان والمجتمعات للتدابير مبهمة".

© The Independent

المزيد من تقارير