Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انخفاض أسعار النفط يضع العراق أمام مأزقي سداد الأجور واهتزاز الدينار

توفير النفقات التشغيلية عن طريق استخدام الاحتياطي النقدي في البنك المركزي أو استخدام جزء من السندات في الخزينة الأميركية

بائع الغاز في أحد أحياء بغداد السكنية (أ.ف.ب)

 

تتزايد المخاوف الاقتصادية في العراق نتيجة الانخفاض المستمر في أسعار النفط والحديث عن عدم قدرة الحكومة العراقية على الإيفاء بالتزاماتها في ما يتعلق بسداد أجور الموظفين، ما قد يؤدي إلى مشاكل إضافية في البلاد، في وقت تنفي الحكومة تأثر رواتب الموظفين بهذا الانخفاض.

تحديات كبيرة

وشهدت أسعار النفط تراجعاً كبيراً، إذ وصلت عقود خام "برنت" إلى حوالى 27 دولاراً للبرميل، ما قد يشكل تحديات كبيرة أمام الحكومة العراقية لسداد أجور الموظفين، فيما يرى متخصصون في الشأن الاقتصاي أن إجراءات الحكومة في تلافي تلك الأزمة ستتسبب بمشاكل اقتصادية إضافية مع ارتفاع العجز واحتمال أن تستخدم الحكومة احتياطات البنك المركزي النقدية، ما قد يزيد التزاماتها المالية بشكل يؤثر في اقتصاد البلاد ويؤدي إلى انخفاض سعر الدينار العراقي مقابل الدولار.

في هذا الإطار، أكد محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، "قدرة البلاد على تغطية الديون الخارجية والرواتب، على الرغم من انخفاض أسعار النفط".

وقال في تصريحات صحافية إن "أسعار النفط لن تبقى عند هذا المستوى، لكن لا نتوقع أن ترتفع كثيراً".

ركود وخسائر اقتصادية

وتعتمد الموازنة العامة العراقية بشكل شبه كلّي على النفط، إذ تشهد القطاعات الاقتصادية الأخرى تعطّلاً شبه تام منذ عام 2003 وعدم وجود سياسة لدعم الاقتصاد غير النفطي، فيما تبلغ ديون الدولة الخارجية حوالى 130 مليار دولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويستمر العراق من دون موازنة عامة، في وقت بلغ العجز المقرر فيها نسباً عالية جداً نتيجة تراجع أسعار النفط، فيما يُقدر وصول العجز إلى حدود الـ 80 في المئة.

في السياق ذاته، قال المستشار الاقتصادي للحكومة مظهر محمد صالح في تصريحات صحافية، إن "توقف إقرار الموازنة وتعثر الإنفاق الاستثماري المخطط أو الجديد، سيقودان إلى تزايد معدلات البطالة وارتفاع نسب الفقر، بسبب النمو السنوي للسكان والقوى العاملة. وبهذا، سيتعطل عددٌ كبير من المصالح المترابطة والمعتمدة على الإنفاق الاستثماري ولا سيما الحكومي الجديد الذي يقود في نهاية المطاف إلى الركود".

وأشار إلى أن "استمرار الركود لأكثر من ستة أشهر يؤدي لا محالة إلى الكساد، ما يعني أن الخسائر الاقتصادية ستتسع لمفاصل القطاع على نطاق واسع وهذا ما يجب تجنبه".

رواتب مؤمنة وموازنة استثمارية متوقفة

وقال عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي عبد الهادي موحان، إنّ "انخفاض أسعار النفط تسبّب بأزمة اقتصادية كبيرة والموارد الاقتصادية التي تدعم موارد الدولة توقفت بشكل كامل"، مشيراً إلى أن "هذا التراجع سيؤثر بشكل كبير جداً في إيرادات الدولة والموازنة العامة".

وفي سياق الحديث عن قدرة السلطة على تأمين رواتب الموظفين، أوضح موحان لـ"اندبندنت عربية"، أن "الموضوع الأهم هو الموازنة التشغيلية التي تخص الرواتب وهذه مؤمنة، حتى إن وصل سعر النفط إلى 20 دولاراً للبرميل، لا مشكلة لدينا في هذا الخصوص"، مردفاً "هذا مؤشر خطير، لكننا لم نصل إلى الخطوط الحمر حتى الآن".

وتابع "إن انخفض النفط إلى ما دون هذا الرقم، ستكون هناك مشكلة حقيقية مع استمرار الأزمة العالمية وانخفاض أسعار النفط".

وأشار إلى أنه "إذا تراجعت أسعار النفط أكثر، فمن المحتمل الاعتماد على القروض الداخلية وتوقف الموازنة الاستثمارية بشكل كامل"، لافتاً إلى أن "سياسة العبادي كانت تقضي بالاعتماد على القروض الخارجية، صندوق النقد الدولي، وأشار في مؤتمر الكويت أن استمرار العراق بالاستدانة من البنوك العالمية سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد بشكل كامل، لذلك اتخذت اللجنة المالية في البرلمان قراراً بإيقاف كل الاقتراض الخارجي والذهاب صوب الاقتراض الداخلي".

11 دولاراً للبرميل!

أما أستاذ الاقتصاد أحمد صبيح، فقال إنّ "العراق يبيع النفط حالياً بحدود 20 دولاراً للبرميل، نظراً إلى أنّ الخام العراقي سعره أقل من مزيج برنت، وتذهب منه تسعة دولارات ونصف الدولار إلى تكاليف الاستخراج، بمعنى أن ما يتبقى بحدود الـ11 دولاراً للبرميل"، لافتاً إلى أن "الإيرادات النفطية للبلاد على هذا الحساب تبلغ 35 مليار دولار، مقابل ما كان محتسباً في الموازنة وهو 125 مليار، ما يعني انهياراً تاماً في الاقتصاد".

وأعلن أن "الدولة ستوفر النفقات التشغيلية للرواتب والأجور عن طريق استخدام الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، أو عبر استعمال جزء من السندات في الخزينة الأميركية"، مبيّناً أن "مجمل الاستثمارات العراقية في سندات الخزينة الأميركية 31 مليار دولار، لكنها لا تكفي وتستخدم لسدّ جزء من العجز".

وتابع "هذه الإجراءات ستؤدي إلى انخفاض سعر صرف الدينار مقابل الدولار، فيما سيبلغ العجز في الموازنة العامة بحدود 80 في المئة"، مردفاً "سنشهد عاماً عصيباً نتيجة السياسات التي ستُعتمد لمعالجة الأزمة الحالية بأزمات أكبر".

واستبعد أن تعلن الدولة إفلاسها، معتبراً أن "هذا الإعلان  يعني عدم القدرة على سداد الديون وهذا يجعلنا في مأزق سياسي واقتصادي".

تأثير مباشر في الرواتب

في السياق ذاته، قالت الاختصاصية الاقتصادية سلام سميسم إن "النفط يشكّل قرابة 97 في المئة من الموازنة العامة، ويمثل العمود الفقري للموازنة وغالبية فقراتها تتعلق بالأجور والرواتب، وانخفاض أسعار النفط إلى هذه الحدود، يعني التأثير المباشر في الرواتب والأجور"، معتبرةً أن "هذه مشكلة كبيرة لأنها تتعلّق بمستوى معيشة الأفراد".

وأضافت لـ"اندبندنت عربية"، "الهبوط في أسعار النفط يسبب خسائر كبيرة، إذ تحولت الإيرادات العامة من 87 مليار دولار إلى 45 مليار دولار في يوم واحد، وهذا قابل للتغيُّر أيضاً في ظل التراجع المستمر لأسعار النفط".

وأشارت إلى أن "الموازنة العامة بُنيت على أساس سعر تخميني للنفط وهو 56 دولاراً، وكان مستوى العجز فيها 51 مليار دولار، والآن السعر دون الـ20 دولاراً بالنسبة إلى العراق".

ورجّحت أن تكون "النتيجة الحتمية لهذه الأزمة هي تعرّض الدينار العراقي للاهتزاز الكبير، فسينخفض نتيجة الإفلاس وتزايد العجز في الموازنة".

محاولات طمأنة

 ورأى رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية أن "المشهد السياسي في وادٍ والمخاطر التي تواجه البلاد في وادٍ آخر"، مشيراً إلى أن "أخطر ما يواجهها هو عدم إقرار الموازنة بعد مرور حوالى أربعة أشهر على السنة المالية".

وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "خسائر العراق تعادل أكثر من 50 مليار، فكيف يستطيع تعويضها بظل الانهيار الكبير في أسعار النفط؟"، مردفاً "لا يوجد أي مخرج في بلد يعتمد اعتماداً كلياً على النفط".

واعتبر أنّ "العراق سيواجه مشكلة كبيرة جداً، خصوصاً في ما يتعلق بتوفير الرواتب"، وأن "ما تقوله رئاسة الوزراء بهذا الشأن، ليس سوى محاولة طمأنة"، مرجّحاً أن "يؤدي هذا التدهور والمساس بأرزاق المواطنين إلى انفجار في الوضع الأمني مرة أخرى من خلال التظاهرات". واستبعد أن تتمكّن الحكومة المقبلة من إيجاد حلٍّ لهذه الإشكاليات، قائلاً "هذه ليست المرة الأولى التي يقع فيها العراق في أزمة كهذه، ما يعني أنّ هناك قصوراً في الرؤية الاستراتيجية للدولة".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد