Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا يعزز روح التضامن في المغرب... ويبعث فيروس العنصرية

يواجه الآسيويون الذين يعيشون في البلاد اعتداءات متكررة

إجراءات فحص فيروس كورونا في مطار محمد الخامس في الدار البيضاء (أ.ف.ب)

"كُنت أتمشى في الشارع، وفجأة اقترب مني رجل وصفعني من دون سبب. كان يردد عبارة أنتم السبب في انتشار فيروس كورونا في المغرب"، تقول ضحى مدغيري، وهي شابة مغربية في العشرينيات من عمرها.

وتضيف "كان يعتقد أنني صينية بسبب ملامحي التي تشبه الآسيويات. لقد شعرت بالصدمة حينها، ولم أرد عليه، لكن لو كنت فعلاً شابة صينية، من منحه الحق بصفع شخص أو شتمه؟".

إنها كورونا

يعتبر بعض المغاربة أنّ كل من يحمل ملامح آسيوية يتحمل مسؤولية انتشار الفيروس، بسبب ظهوره للمرة الأولى في الصين.

وأشارت حياة برحو، رئيسة هيئة التضامن مع المهاجرين الآسيويين، إلى أنّها سجلت في مدينتي الدار البيضاء والرباط ثلاث حالات من العنصرية إزاء المهاجرين الآسيويين المقيمين في المغرب، وكان بعض المغاربة قد شتموا مهاجرات آسيويات بعبارة "إنّها كورونا".

وطالبت برحو الجهات المسؤولة في الدولة ووسائل الإعلام بالعمل على توعية المواطنين المغاربة على عدم لوم المهاجرين الآسيويين وتحميلهم مسؤولية انتشار وباء عالمي، مشيرةً إلى أن مثل هذه السلوكيات يمكن أن تُسهم في تنامي العنصرية.

أنا لست كورونا

نشر سائح من أصول آسيوية في مدينة مراكش، صورة له على مواقع التواصل الاجتماعي وكتب على قميصه "أنا لست كورونا"، في إشارة إلى المضايقات التي تعرض لها لأن مظهره يوحي بأنه آسيوي.

وانتشرت صورة السائح بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعبّر مدونون عن أسفهم، مُطالبين بعض المغاربة بالتوقف عن ممارسة العنصرية إزاء هذه الفئة.

وبمجرد أن سجل المغرب أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا، لمغاربة وافدين من أوروبا، وتحول الأخيرة إلى بؤرة للفيروس، أعرب البعض عن تخوفهم من انتقاله إلى المغرب عبر المهاجرين المغاربة.

"ارحموا وطنكم"

وتباين تعبير المغاربة عن مخاوفهم من انتشار الفيروس، بين من شنّ حملة عنصرية ضد المهاجرين المغاربة في أوروبا مُحملاً إياهم مسؤولية انتقاله إلى المغرب، وبين من طالب بضرورة عودتهم إلى وطنهم وحمايتهم من الوباء.

وشارك بعض المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات عنصرية ضد المهاجرين المغاربة في أوروبا، معتبرين أنهم عملوا فيها سنوات طويلة وعندما تحولت إلى بؤرة للفيروس، قرروا العودة لنشره في بلدهم الأم.

وقال الباحث المغربي سعيد لكحل من جهته، في تدوينة على فيسبوك، "المهاجرون المغاربة الذين يُحبون فعلاً وطنهم، عليهم أن يبقوا في بلاد المهجر حتى يزول خطر كورونا". وأضاف "ارحموا وطنكم، وشعبكم تكفيه المشاكل التي يُعاني منها، فلا تزيدوا الأمراض على الهموم".

خطابات الكراهية

عبد الكبير هو مهاجر مغربي، يقيم حالياً في مدينة نابولي الإيطالية، يقول في اتصال هاتفي مع "اندبندنت عربية"، إنّ "لا أحد من المهاجرين المغاربة يرغب في أن يُلحق السوء ببلده الأم، ونحن نلتزم بقوانين إيطاليا في ما يخص الحجر الصحي. أما بالنسبة إلى التعليقات التي تُحمّل المهاجرين مسؤولية انتشار كورونا، فهي صدرت من فئة لا تُدرك جيداً أنّه وباء عالمي، وأنّ خطابات الكراهية لن تفيدنا حالياً".

يدعو عبد الكبير إلى ضرورة التضامن والابتعاد عن الخطابات العنصرية، معتبراً أن جميع دول العالم تعيش هذه الأزمة الصحية، مشيراً إلى ضرورة تخطيها بالتكافل الاجتماعي، مؤكداً بقاءه في إيطاليا حتى انتهاء الأزمة، خصوصاً أن لديها إمكانيات طبية لاحتواء انتشار الفيروس.

تعليق الرحلات الجوية

واتخذت الرباط قرارات من أجل مكافحة انتشار كورونا، منها تعليق الرحلات الجوية من وإلى إيطاليا، ووقف الرحلات البحرية والجوية من وإلى إسبانيا.

كما علقت الرحلات الجوية إلى الجزائر وفرنسا، والرحلات الجوية المتجهة والمقبلة من ألمانيا وهولندا وبلجيكا والبرتغال حتى إشعار آخر، مع تعليق الدراسة في جميع أقسام ومستويات التعليم في البلاد.

وأشار بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج إلى أنّ القرار اتخذ في إطار مقاربة تشاورية، بعد إشعار البلدان المعنية مباشرة مسبقاً بهذه الإجراءات.

ووفق البيان، فإنّ السلطات المغربية ستواصل تتبع الوضع في مختلف الدول واتخاذ الإجراءات الضرورية.

وأفادت وزارة الخارجية المغربية بأنه "سيتم استئناف الرحلات الجوية والبحرية عند تجاوز هذه الأزمة الصحية العالمية".

حملات التطوع والتضامن

وفي مقابل الحملات العنصرية، أطلق العشرات من المواطنين المغاربة حملة تضامن واسعة، عبر هاشتاغ على مواقع التواصل الاجتماعي، لمواجهة تفشي الفيروس.

وعبّر العشرات من المغاربة عن رغبتهم في التطوع، من أجل حماية المغرب من أخطار فيروس كوفيد-19.

وشدد مدونون أنّهم كمواطنين مغاربة يضعون أنفسهم رهن إشارة الدولة كمتطوعين في أي مبادرة في أي منطقة من أجل الإسهام في الحد من انتشاره.

وتفاعل عدد كبير من المغاربة مع هذه الخطوة، معتبرين أنّها تُظهر مدى تآزر المواطنين، في الداخل والخارج، ورغبتهم في تجاوز المحنة.

المزيد من العالم العربي