Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجدد المطالبات باستعادة "الأموال المنهوبة" في الجزائر بعد انهيار سوق النفط

أخبار محاكمات المسؤولين السابقين والكشف عن ممتلكاتهم تُغضبّ الرأي العام

جانب من تظاهرة معارضة للحكم في العاصمة الجزائرية يوم السبت 14 مارس الحالي (أ. ف. ب.)

عادت المطالب الموجهة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بخصوص تنفيذ الشعار الذي أطلقه خلال الحملة الانتخابية ألا وهو "استعادة الأموال المنهوبة في فترة حكم العصابة" إلى الواجهة، في حين سيصطدم الوزير الأول (الموقع المرادف لرئيس الوزراء في معظم دول المغرب العربي) عبد العزيز جراد قريباً ببرلمانيين يطالبون بالاطلاع على مسار تحقيق هذا الوعد، لا سيما أن الأخير يستعد لعرض قانون مالية تكميلي للموازنة، يتضمن معالم "تقشف" إثر انهيار أسعار النفط.
وفي الوقت الذي تعتمد الحكومة الجزائرية منذ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي سعراً مرجعياً للنفط في حدود 45 دولاراً للبرميل ضمن سياستها الاقتصادية العامة (قانون المالية 2020)، انخفض سعر البرميل دولياً إلى حدود 30 دولاراً ما يعني عجزاً مالياً كبيراً في اقتصاد الجزائر على المدى القصير.
وإذا كان خيار تبون هو إقرار قانون ميزانية جديد ضمن صيغة "تكميلية" يُدرج في غضون أيام، فإنه في الوقت ذاته استبق الأحداث بإعلان رفض أي استدانة من الخارج لتغطية العجز المتوقع، وبالتالي فإن الحكومة تقف أمام خيارَين، فإما اتخاذ إجراءات تقشف سريعة مع خفض توقعات السعر المرجعي، أو الاعتماد على ما تبقى في احتياطي الصرف والذي تراجع بدوره إلى حدود 50 مليار دولار.
وبينما ترتفع مطالب لتسريع أي عملية قضائية من شأنها استعادة "الأموال المنهوبة"، كرر تبون في آخر لقاء له مع الصحافة الجزائرية تعهدات سابقة باستعادة "نحو 85 في المئة من الأموال التي سُرقت بغير وجه حق"، لكنه حافظ على منطقه القائل بعدم "الكشف عن الخطة" التي سيعتمدها أو ما إذا كان يعلم مكان هذه الأموال، داخل أم خارج الجزائر.
 

جراد يعود إلى البرلمان
 

في السياق، وحين وقف عبد العزيز جراد في 3 فبراير (شباط) الماضي، ولأول مرة أمام البرلمان مدافعاً عن مخطط حكومته، كانت المؤشرات الاقتصادية للبلاد عادية إلى إيجابية، بعيداً من تأثيرات فيروس "كورونا" على سوق النفط العالمي، وعلى الرغم من تلك المؤشرات العادية إلا أن جراد واجه سيلاً من الأسئلة البرلمانية الباحثة عن معرفة الخطة الموعودة لاستعادة أموال "العصابة".
إلا أن جواب الوزير الأول أتى مجرداً من أي خطط "سحرية" وبعيداً من تعقيدات الإجراءات القانونية المعهودة، لا سيما حينما يتعلق الأمر بحسابات مالية خارج الجزائر، إذ كشف جراد أن الأداة القانونية الوحيدة التي ستعتمدها الجزائر في استرداد الأموال المنهوبة هي اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد، واعداً بالمرور عبر ثلاث مراحل "الأولى هي إثبات الأملاك وتحديد مكانها، والثانية توفُّر أحكام قضائية نهائية، أما الثالثة فوجود اتفاقيات قضائية."

ومعنى هذا الكلام أنه سيكون أمام خطة تبون وقت طويل قبل صدور الأحكام القضائية النهائية، إذ شرعت الجزائر بمحاكمة وزيرَين أولَين (رئيسَي حكومة) سابقين هما، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، رفقة عدد كبير من رجال الأعمال في قضية واحدة. ولا تزال هذه القضية محل طعون في الأحكام القضائية بما يتيحه القانون للمحكوم عليهم ضمن مسارات نقض الأحكام، وبالتالي ستنتظر تلك القضية أشهراً عدة قبل البت نهائياً فيها.

ويذكر أستاذ الاقتصاد النقدي عبد الرحمن عية أن" الحكومة تكرس رداءة اقتصادية بغياب قاعدة بيانات حقيقية في القانون الجديد، فهي لا تقدم أي خطة لسحب الكتلة النقدية الموجودة خارج الإطار الرسمي فما بالك باسترداد الأموال المسروقة أو المحوَلة إلى خارج البلاد بشكل خارج الأطر القانونية". ويرى عية أنه يجب "التركيز على الكتلة النقدية الشرعية والموجودة خارج المسار المصرفي أولاً، ثم مراجعة سياسات الدعم لتصبح أكثر عدلاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أرقام الفساد تثير أعصاب الجزائريين
 

منذ سبعة أيام، يواصل قضاة محكمة سيدي امحمد الاستماع للمتورطين في قضية فساد دوّخت الرأي العام في الجزائر وتتعلق بالجنرال عبد الغني هامل المدير العام السابق للأمن الوطني (الشرطة). واستمع القاضي إلى كل من هامل وعدد من أبنائه الموقوفين ووزراء سابقين تورطوا بصفتهم ولاة محافظات في فترات سابقة.

ولم يتعرف هامل على 26 بناية مملوكة باسمه الشخصي، منتشرة عبر عشرات المحافظات الجزائرية، إضافة إلى عدد كبير من العقارات والممتلكات والحسابات المصرفية (لم يتعرف على بعضها)، إذ كشفت المواجهة المستمرة في يومها الثامن، أن هامل لم يكن يعدّ حتى تلك الممتلكات التي منحها إياه مسؤولون سابقون تحولوا لاحقاً إلى وزراء في حكومات عدة (من بينهم وزير الصحة السابق عبد المالك بوضياف ووزير النقل السابق عبد الغني زعلان). وفي انتظار الحكم النهائي التمس وكيل الجمهورية 20 سنة سجناً نافذاً لهامل مع مصادرة جميع ممتلكاته، و20 سنة حبساً نافذاً للابن الأكبر هامل أميار، و15 سنة للابنَين الآخرَين شفيق ومراد، مع مصادرة كل ما يملكون من عقارات وأموال.
 

أخبار العدالة تُغضِب والبرلمان يصعّد

وصعّدت أخبار المحاكمة المفتوحة للرأي العام من "غضب" الجزائريين إزاء "بطء" خطة استعادة تلك الأموال، وهو شعور يغذيه ترنح الاقتصاد الجزائري تحت وطأة أسعار النفط، ما قد يكلّف الجزائر عدم القدرة على الالتزام بأجور الموظفين وبخطة "عقود ما قبل التشغيل" وتسوية ملف "معطوبي الجيش" الذين وعد بهما الرئيس.
من جهة أخرى، يحاول برلمانيون إغلاق الباب أمام حكومة جراد لمنعها من طباعة النقود مجدداً ضمن سياسة "التمويل غير التقليدي". ويقول عضو لجنة المالية والميزانية في المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) عمار موسي إن الحكومة "مطالَبة اليوم أكثر مما سبق بالإفراج عن حصيلة طباعة النقود في حقبة الوزير الأول السابق المتواجد في سجن الحراش في قضايا فساد (أويحيى)، من خلال الكشف عن الرقم الحقيقي للأموال المطبوعة والتي يُقال إنها تجاوزت الـ50 مليار دولار، ووجهات صرف هذه الأموال التي يبدو أنها وجهت لتغطية الدين الداخلي، وإذا ما كانت صُرفت كلها، أو أن هنالك رصيداً متبقياً لم يتم إنفاقه بعد".
ويشير أستاذ علوم الاقتصاد لخضر مدني أن "توقع مداخيل مالية غير تقليدية (أموال مسروقة) في القريب العاجل أمر غير مُحتَمَل، نرى أن أحد الحلول التي حددها الرئيس تبون يتجه نحو تشجيع الصيرفة الإسلامية كإستراتيجية ذات أولوية في قانون المالية التكميلي المتوقع. قد يكون هذا أحد الحلول لحضّ جزائريين على ضخ الأموال الموجودة في السوق السوداء داخل البنوك".

المزيد من العالم العربي