Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سودانيات في مواجهة التهميش... 20 ألف بائعة في الخرطوم

يبعن الشاي والبخور والعطور ومحاولات مدنية لادخالهن الحياة السياسية

 بائعة شاي في الخرطوم (اندبندنت عربية)

في ظل أزمة اقتصادية طاحنة مرت بها البلاد، على مدى سنوات طويلة وارتفعت نسبة البطالة والفقر، ولظروف متعلقة بالحرب والنزوح، لجأت فئة كبيرة من السودانيات للعمل في أعمال بسيطة ذات دخل متواضع لإعالة أسرهنّ، ومن تلك الأعمال بيع الشاي على امتداد الأسواق والشوارع الفرعية قرب المؤسسات والجامعات.

ولا يقتصر الأمر على بيع الشاي في الخرطوم فقط، بل يتخطاه إلى بيع الأطعمة البلدية والتسالي والآيس كريم على الرغم من ضعف العائد.

أعداد كبيرة

 وتحتضن الخرطوم، أكثر من 20 ألف بائعة تتراوح أعمارهنّ بين بداية العشرينات وحتى منتصف الأربعينات، ومعظهنّ لم يحصلن على تعليم كافٍ، والبعض الآخر لم يتعلمن أصلاً.

وتتعرض البائعات إلى مضايقات مستمرة من الشرطة السودانية، تنتهي أحياناً بدفع غرامات مالية أو مصادرة مُعدات العمل، مما يعرقل جهودهنّ في توفير دخل اليوم.

"اندبندنت عربية" التقت بحليمة بائعة الأكل البلدي وسط الخرطوم، والتي تقطع مسافة طويلة من المنزل حتى مكان عملها. وتقول "كنت أنا وزوجي وأولادي نعيش في منطقة غرب كردفان، لكن بسبب ويلات الحرب تركنا المنطقة، ورحت أبيع الشاي لعدم قدرة زوجي على العمل لأنه مريض بالسكري".

وتضيف "قبل سنوات ثلاث، كان العمل في بيع الشاي يغطي احتياجات أطفالي، ولكن اليوم يكاد لا يغطي سوى القليل من المصاريف بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، نأمل في أن تنظر إلينا السلطات بعين الرأفة، فنحن في حالة خوف مستمر من الإيقاف عن العمل ومصادرة حاجياتنا، إذا توقفت يوماً عن العمل يعني ذلك انهيار أسرنا مادياً وصحياً وتعليمياً".

المشاركة السياسية

في المقابل تقول تهاني عباس، عضو في مبادرة "لا لقهر النساء" لـ"اندبندنت عربية"، إن "المهن ذات الدخل المحدود كبيع الشاي والمأكولات البلدية فرضتها ظروف الحرب والنزوح خصوصاً من منطقة جبال النوبة ودارفور، وأيضاً بسبب فقدان العائل سواء كان أباً أو أخاً، لجأت سودانيات إلى هذه المهن، لأنها لا تتطلب الخبرة. في النظام السابق كان يقع عليهنّ بطش قانون النظام العام والجبايات من قِبِل المحلية، بعد الحكومة المدنية جلسنا مع رئيس الوزراء ووزير العدل وخرجنا بإلغاء قانون النظام العام الذي كان يستهدف بائعات الشاي والأكل والأعمال الهشة، وكان ذلك انتصاراً حقيقياً للدولة المدنية، في السابق كنّ يتعرضن لفتح بلاغات، قدمنا الدعم القانوني والاقتصادي لهنّ".

 وتضيف تهاني "ندرّبهم على المشاركة السياسية ليكونوا جزءاً من البرلمان، ونعمل على سن قوانين لهنّ ليكون وضعهنّ قانونياً يناسب الدولة المدنية المنشودة".

 الحاجة نادية

تجلس الحاجة نادية، في ركن خفي في سوق أم درمان العريق والذي يضم مئات النساء اللواتي ينشطن في بيع الدكوة (زبدة الفول السوداني) والعطور المحلية والطواقي المصنوعة من الصوف.

 جلسنا معها وعرفنا من خلال حديثها أنها تُحضر بضائع مختلفة من صنعها منذ أكثر من 8 أعوام إلى سوق أم درمان. تضع نادية في صينية مستديرة مجموعة من البضائع المختلفة الخاصة بالنساء، مثل البخور إذ يقصدها زبائن من مختلف المناطق والطبقات الاجتماعية خصيصاً لشراء هذ المنتج.

 ولدى سؤالنا عن سبب جلوسها في مكان غير واضح، أجابت: "تستهدف الشرطة النساء ذوات الأعمال الهامشية وتصادر بضائعنا، خسرت مرات عدة جميع ما أملك بسبب المصادرة، حتى الكرسي الذي أجلس عليها قامت الشرطة بمصادرتها".

 تحدثت الحاجة نادية عن وضعها الاقتصادي ولم تقل سوى الحمد لله وبسعادة وبشاشة، قالت إنها ربت ثلاثة بنات وصبياً من عائد عملها، تخرجوا من كليات مرموقة، وحثوها كثيراً لترك العمل، ولكنها تعلقت به ولديها علاقات قوية مع العاملات في السوق.

من جهة ثانية، يقول القانوني محمد جمال في حديث إلى "اندبندنت عربية"، إن "انتشار الأعمال الهامشية يرجع إلى ظروف النزوح والفقر والوضع الاقتصادي، وفي حالة نظمت المهنة ودفعت الضرائب بانتظام وحصلن على تراخيص عمل ستتجنب السيدات المضايقات، تراخيص العمل مهمة والالتزام باللوائح ضروري، لأن بيع الأكل والآيس كريم مثلاً يجب أن يخضعا إلى معايير أهمها النظافة".

ولا يقتصر الأمر على بائعات الشاي والقهوة والأكل وصنع العطور والبخور والطواقي فقط، بل يشمل بائعات الخمور البلدية اللواتي يُعتبرن من صاحبات الأعمال الهامشية ويعلن أسرهنّ من عائد بيع الخمور ويتعرضن لحملات تضعف من نشاطهنّ وتحدّ منه منذ زمن الحكومة السابقة التي تقفل محلات بيع الخمور تحت قانون النظام العام، وتتعرض البائعات للجلد والحبس والغرامات، لكن في ظل الحكومة المدنية تسعى الناشطات النسويات إلى وضع قوانين تضمن سلامتهنّ وإستمرار عملهنّ على الرغم من قساوته وإشراكهنّ في العمل السياسي حتى يعرفن حقوقهنّ وواجباتهنّ.

المزيد من منوعات