Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتجاه لـ"دسترة" الحراك الشعبي الجزائري... خطوة سياسية غير قانونية

تهدف إلى منع إسباغ "شرعية جديدة" في الدستور

جزائرية ترفع علم بلادها خلال مشاركتها في تظاهرة ضد الحكومة في 14 مارس الحالي (أ. ف. ب.)

أعلنت الرئاسة الجزائرية إدراج "الحراك الشعبي" في ديباجة الدستور المقبل، ويُنتظر أن يتسلم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون النسخة المبدئية من رئيس لجنة الخبراء المكلفة برئاسة البروفسور أحمد لعرابة في الساعات المقبلة، حيث يُدرج الحراك كمرجعية تُضاف إلى مرجعية "ثورة التحرير" المرسخة ببيان "الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)".
ونجد ضمن المرجعيات التي تعتمدها الجزائر في ديباجة دستورها، بيان الثورة التحريرية كمحطة تاريخية فارِقة نصّت على هوية الدولة الجزائرية ودينها. ومع تغيّر المحطات السياسية في البلاد اعتمد أغلب الرؤساء مرجعيات إضافية كالاشتراكية في فترة حكم الرئيس السابق هواري بومدين، وصولاً إلى المصالحة الوطنية في فترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وعلى خطى السابقَين اختار الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، وهو أول رئيس يأتي بعد ثورة شعبية أطاحت بمنظومة حكم كاملة، اعتماد الحراك الشعبي في الدستور الذي يعد الجزائريين بإتمامه قبل الصيف المقبل.

وأعلن المكلَف بمتابعة المهمة على مستوى رئاسة الجمهورية، محمد لعقاب، أن الاقتراحات التي ستوضع بين أيدي الرئيس "تشمل فكرة دسترة الحراك الشعبي بناءً على إجماع قانوني وسياسي حول هذه الخطوة، فالحراك كان مساراً أساسياً في بناء الجمهورية الجديدة".

وتبدو فكرة "دسترة" الحراك الشعبي مبهمة إلى حد الساعة لا سيما في ظل غياب توضيحات من الرئاسة حول ما إذا كان لفكرة الحراك في الدستور تبعات على القوانين العضوية التي ستنبثق تلقائياً منه وأبرزها قانون الأحزاب وقانون الانتخابات.
 

"مرجعية جديدة"
 

في حديثه عن فكرة تضمين دستور البلاد نصوصاً تُستمد من الحراك الشعبي، يذكر أستاذ القانون الدستوري عامر رخيلة أن "الحراك الشعبي كان حركة تاريخية عظيمة، فهي الفاعل الرئيس في تغيير الوضعية السياسية في الجزائر بشكل عميق وسلس. من المهم جداً على غرار بقية المحطات التاريخية الجزائرية إدراج دور الحراك في ديباجة الدستور، والديباجة في الفقه الدستوري هي جزء من الدستور ويمكن العودة إليها في تفسير مواد عدة في حال وجود إشكال قانوني".

أما عن التبعات القانونية التي قد تترتب عن "دسترة الحراك" يقول رخيلة إن "أول شيء متوقع سيكون إقراراً تاريخياً بالحراك الشعبي، ثانياً الاعتراف بالمسار والنضال الشعبي ودوره في تغيير معطيات البلد السياسية، كما يؤكد حقيقةً معروفة أنه حينما تتأزم الأوضاع في الجزائر وتكون المعالجة الرسمية متأخرة، دائماً ما كان الحسم شعبياً. الحراك لعب دوراً في حسم مسألة الوصول إلى السلطة بعدما بلغت درجة الانسداد قبل سنة، والحراك يستحق أن يكون إحدى المحطات المهمة".

وتابع رخيلة "في قضية القوانين التي تخص الحراك، أتصور أن الحراك لا يُشخص، فالقانون يخص أشخاصاً أو نشاطات، في اعتقادي سيكون الأمر متعلقاً بالديباجة كتأشيرة أو مرجعية تُعتمد في سن القوانين وسن السياسات العامة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


هل يُلغى حظر المسيرات؟
 

إذا كانت نية الرئيس الجزائري إلحاق "دسترة" الحراك الشعبي بمواد قانونية في قوانين البلاد التي تحدد عدداً من النشاطات والتظاهرات وأيضاً عدداً من الحقوق الأساسية في التظاهر والتعبير عن الرأي، فليس أمامه سوى ترسيم الفكرة بالشكل الذي يلغي قيوداً مفروضة على المسيرات سواء في العاصمة أو بقية المحافظات.

ويفرض القانون ترخيصاً إدارياً مسبقاً من الأجهزة الإدارية للمحافظة قبل تنظيم أي مسيرة أو تجمع ولو كان حزبياً أو لجمعية داخل القاعات. وبرأي رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان صالح دبوز فإن "أي دسترة للحراك تعني بالضرورة إعطاء الحق للجزائريين في المسيرات من دون ترخيص مسبق وفي الوقت الذي يرونه مناسباً".

وقرر الرئيس الجزائري في وقت سابق "دسترة" المصالحة الوطنية التي مهدت لعمليات واسعة لتسليم متشددين مسلحين أنفسهم لأجهزة الأمن، لكن فكرة بوتفليقة تطورت لاحقاً بتضمين مواد من المصالحة في قانون الأحزاب تحديداً، وبات بموجب تلك التعديلات ممنوع على "غير المشمولين بنص المصالحة" تأسيس أحزاب أو المشاركة فيها أو العضوية في ملفات تأسيس جمعيات مدنية.

من هذا الباب تبدو فكرة مطابقة "دسترة" الحراك الشعبي مع "دسترة المصالحة" غير قائمة، بما أن الأخيرة موجودة في نص ميثاق قانوني صوّت عليه الجزائريون في استفتاء شهير جرى في سبتمبر (أيلول) 2005، في حين أن الحراك الشعبي يبقى مجرد مرجعية من دون آليات قانونية إلا في حال كشفت لجنة الخبراء عن توسيع قانوني لروح هذه المبادرة.

 

خطوة سياسية
 

وبادر تبون إلى إقرار تاريخ 22 فبراير (شباط) عيداً وطنياً، وذلك عشية الذكرى الأولى للحراك الشعبي قبل بضعة أسابيع. وتبدو فكرته معتمدة على "استلام" ملف الحراك الشعبي من الطرف السياسي داخل السلطة، وهو مستمر بذلك في الدستور الجديد بمنطق "اللاعقدة" من الحراك الشعبي ومسيراته التي بلغت 56 مسيرة حتى يوم الجمعة الماضي.

ويفيد سامي بن عاشور، وهو عضو مستقل في هيئة قانونية تعمل على تحضير مقترحات دستورية تُسلَم إلى رئاسة الجمهورية، بأن "الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يعمل بمنطق يُراد منه أن يحوّل الدستور المقبل من دون تأسيس شرعية جديدة باسم الحراك الشعبي".

ويذكر بن عاشور أن "فكرة الدسترة سياسية بالدرجة الأولى وليست قانونية، وهي تعني مواصلة رئاسة الجمهورية في الجهر بأن لا عقدة لديها من الحراك الشعبي الذي هو ملكية لكل الجزائريين بما يوقف المتاجرة بالملف لاحقاً". وينظر بن عاشور إلى تجارب سابقة أسست لـ"الشرعية الثورية" في فترة ما بعد الثورة التحريرية وصولاً إلى "شرعية مكافحة الإرهاب"، التي برزت بقوة في فترة ما بعد العشرية السوداء (التسعينيات).

ويقصد بن عاشور بروز تيار قوي في فترة ما بعد الإرهاب يستند إلى مشروعية "العداء للإرهاب" ويقوم على أصوات عدد كبير من الجمعيات المدنية التي نشأت بالمنطق نفسه حاملةً شعارات "ضحايا الإرهاب" أو "المقاومين" وغيرها.

المزيد من العالم العربي