Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محتجون في مدن سودانية عدة يتحدّون قانون الطوارئ والحكومة تبدأ أولى خطوات التنفيذ

محاكم الطوارئ تأمر بسجن 8 متظاهرين وتغرّم أحدهم 100 ألف جنيه لمحاولته تهريب عملات أجنبية

البشير مستقبلاً نائب رئيس الوزراء الأثيوبي ديميكيه ميكونن في الخرطوم الخميس 28 فبراير (شباط). (أ. ف. ب.)

أعلن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان أن الرئيس السوداني عمر البشير فوّض صلاحياته كرئيس للحزب لنائبه أحمد محمد هارون إلى حين انعقاد المؤتمر العام التالي للحزب الحاكم.

وذكر الحزب في بيان أن ذلك القرار يأتي "وفاءً لما جاء في خطاب السيد الرئيس للأمة من أنه يقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية".

وكان "حزب المؤتمر الوطني" انتخب هارون، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب مزعومة في دارفور، نائباً لرئيسه هذا الأسبوع.
من جهة أخرى، أصدرت محاكم طوارئ في السودان الخميس أحكاماً بالسجن لفترات تراوحت بين ستة أشهر وخمس سنوات بحقّ ثمانية أشخاص لمشاركتهم "في تظاهرات محظورة بموجب حالة الطوارئ" التي أعلنها البشير، وفق ما أفادت وسائل إعلام رسمية.
وتُعدّ هذه الأحكام التي أصدرتها ثلاث محاكم طوارئ مختلفة في مدن الخرطوم والخرطوم بحري وأمّ درمان هي الأولى من نوعها منذ تشكّلت الثلاثاء محاكم طوارئ في السودان لمحاكمة المتّهمين بانتهاك حالة الطوارئ.
 
تحدّي الطوارئ
وخرج مئات من السودانيين الخميس، في تظاهرات احتجاجية في مختلف مدن البلاد، متحدّين بذلك أوامر الطوارئ التي منعت التجمهر وتنظيم التظاهرات.

وخرج مئات المحتجين في أم درمان، غرب العاصمة الخرطوم، في المسيرات التي دعا إليها "تجمع المهنيين السودانيين" وثلاثة تحالفات معارضة، تحت مسمى "مواكب التحدي" لقوانين الطوارئ. لكن الشرطة السودانية فرّقت التظاهرات مستخدمةً الغاز المسيل للدموع، واعتقلت العشرات قبل أن تُطلق سراحهم.

ويفسر إطلاق سراح المعتقلين في سياق تصريحات الفريق أول عوض بن عوف، النائب الأول للرئيس السوداني، الذي قال عقب اجتماع له مع الرئيس السوداني عمر البشير إن "حالة الطوارئ فُرضت لوقف تخريب الاقتصاد وضياع الموارد وتسرب المال، وليس مقصوداً بها قمع التظاهرات".

كما شهدت أحياء عدة في العاصمة الخرطوم خروج تظاهرات ومواكب احتجاجية، ظهر الخميس، تمكن بعضها من الوصول إلى طرق رئيسة، في حين فرقت السلطات بعضها الآخر.

ووفق "تجمع المهنيين السودانيين"، فإن التظاهرات امتدت إلى ولايات خارج الخرطوم، وبث التجمع صوراً وفيديوهات لمحتجين في "ولايات نهر النيل والشمالية وسنار والجزيرة".

وناشدت وزارة الداخلية السودانية، قبل ساعات من انطلاق التظاهرات، المواطنين اتخاذ الإجراءات الوقائية والابتعاد عن مواقع التظاهرات، التي وصفتها بأنها "مواقع للنشاط الهدام وأعمال الشغب". ونصحت المواطنين بالابتعاد عنها حتى لا يتزامن وجودهم مع حركة ونشاط القوات المكلفة تنفيذ برامج وخطط مكافحة الشغب وفض التجمعات غير المشروعة.

التطبيق الأول للطوارئ

قال جهاز الأمن والاستخبارات الوطني، الخميس، عبر صفحته على "فيسبوك"، إن محكمة الطوارئ في الخرطوم أصدرت حكماً بالسجن لمدة ست سنوات بحق "م.م.ع"، وغرمته 100 ألف جنيه، وذلك لحيازته مبلغ 30 ألف ريال سعودي و9.650 روبية هندية، كان يخفيها في ثيابه ومحاولته تهريبها إلى دولة الهند.

وتعد هذه أول محاكمة طوارئ تُنفذ منذ إعلان حالة الطوارئ في جميع مدن البلاد، الجمعة الماضي، التي أتبعها الرئيس البشير، الاثنين، بخمسة أوامر طارئة متعلقة بحركة التظاهر وتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي، ووضعت تلك الأوامر سقفاً مالياً للسودانيين المسافرين إلى الخارج وقدره 3 آلاف دولار أميركي.

وأصدر عبد المجيد إدريس، رئيس القضاء السوداني، الثلاثاء، قراراً بتشكيل محاكم طوارئ في ولايات السودان كافة. وجاء القرار بعد ساعات من إصدار عمد أحمد محمد، النائب العام السوداني، قراراً بتأسيس نيابات طوارئ في العاصمة الخرطوم والولايات كافة.

ويعاني السودان أزمات اقتصادية معقّدة مرتبطة بتدهور قيمة العملة الوطنية، وعجز في الميزان التجاري وندرة في العملات الأجنبية، تفاقمت عقب انفصال دولة جنوب السودان في العام 2011 عن البلاد، التي أخذت معها نحو 75 في المئة من الموارد النفطية، التي كانت تغذّي خزينة الدولة بنسبة 80 في المئة من موارد النقد الأجنبي، و50 في المئة من الإيرادات العامة.

الأوضاع المعيشية

في المنحى ذاته، بحث بن عوف ومحمد طاهر أيلا، رئيس مجلس الوزراء، الأوضاع المعيشية في البلاد وسبل تحسينها. ويُعتبر هذا اللقاء هو الأول، الذي يجمع هذين المسؤولين.

وأوضح أيلا أن الاجتماع "ناقش الإجراءات التي أتخذت والتي ستتخذ للاطمئنان على توفير السلع الأساسية للمواطنين من الوقود والقمح والدواء. كما بحث سبل تحريك الطاقات العاطلة، خصوصاً في مجال الصناعة ورفع رؤوس أموال البنوك المتخصصة، إلى جانب إجراءات خاصة بالقطاع الزراعي، فضلاً عن إجراءات حصاد القمح وتوفير التمويل اللازم لشرائه".

اجتماع مرتقب للحزب الحاكم

وأعلنت مصادر محلية عزم حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان عقد اجتماع، مساء الخميس، لبحث ترتيب أوضاعه الداخلية. ويأتي ذلك عقب تداول وسائل إعلام محلية تصريحات للقيادي في الحزب، قطبي المهدي، الذي قال إن رئيس حزبه ورئيس الجمهورية عمر البشير "قد يتجه إلى تكوين حزب جديد ويبتعد عن المؤتمر الوطني كلياً".

لكن محللين سياسيين ومراقبين قللوا من شأن هذه التصريحات، لكونها تأتي متناقضة مع ما قاله صلاح عبدالله قوش، رئيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني، إن "البشير سيتقدم باستقالته من حزب المؤتمر الوطني، ليقود عملية حوار جديدة في البلاد وهو يقف على مسافة واحدة من جميع الأحزاب". غير أن البشير لم يعلن نيته الاستقالة، لكنه قال في خطاب سابق إنه يقف "على منصة قومية هي رئاسة الجمهورية"، ويقف "على مسافة واحدة من جميع الأحزاب لقيادة حوار في البلاد".

بوادر أزمة بين السودان و"الترويكا"

ارتفعت حدة التصريحات بين الحكومة السودانية ودول "الترويكا"، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج، وذلك عقب تعيين الرئيس البشير مسؤولين عسكريين حكاماً لولايات البلاد الـ18. وأعربت "الترويكا" عن "قلقها العميق من القرارات التي اتخذها البشير أخيراً بإعلان حالة طوارئ في البلاد، وتعيينه أعضاء عسكريين وأمنيين في مناصب حكومية عليا".

ووصفت الخارجية السودانية، الأربعاء، تلك التصريحات بـ"التدخل الفظ في الشؤون الداخلية". وقالت إن تلك الدول "منحت نفسها تفويضاً خاصاً للتعامل مع قضايا السودان، واعتبرته مسلكاً لا يستند إلى القانون الدولي أو الأعراف الدبلوماسية المستقرة، وبالتالي لا يمكن القبول به".

وقالت إن "الترويكا اختزلت المبادرة السياسية الشاملة التي أعلنها رئيس الجمهورية عمر البشير في مسألة إعلان حالة الطوارئ في كل البلاد، وتجاهلت أن إعلان حالة الطوارئ وما أعقبه من أوامر تم وفقاً لدستور البلاد. كما تناست أن الإعلان عن حالة الطوارئ أمر معروف في القانون الدولي ويقره العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية وتمارسه العديد من الدول إذا دعت الظروف لذلك وفقاً لدساتيرها والتزاماتها القانونية".

ومنذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي يشهد السودان احتجاجات متواصلة في غالبية المدن، وهي الأكبر منذ وصول الرئيس البشير إلى السلطة، وأسفرت حتى الآن عن سقوط 32 قتيلاً وفق آخر إحصاء حكومي، و51 قتيلاً وفق منظمة العفو الدولية.

المزيد من العالم العربي