Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحريري وجنبلاط وجعجع ينتقدون الحكومة ويتجنبون "حزب الله"

لا جبهة معارضة لبنانية بل تحذير من "كيدية" تيار عون عبر الهيمنة على دياب

القوى السياسية التي امتنعت عن منح حكومة حسان دياب الثقة لم ترتق بعد لتشكيل جبهة ضدها (رويترز)

أخذت لهجة القوى السياسية التي لم تتمثل في الحكومة ولو بطريقة غير مباشرة، والتي امتنعت عن منحها الثقة في البرلمان، ترتفع إزاء أدائها على الرغم من قول أقطاب هذه القوى إنهم سيعطون الحكومة فرصة، فزعيم تيار "المستقبل" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري كان قال إنه سيعطيها فرصة 100 يوم، ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط أكد ألا بديل من هذه الحكومة إلا الفراغ، وينتظر قراراتها، وأعلن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أنه على الرغم من انتقاده لطريقة تأليفها ولتسمية بعض القوى السياسية، لا سيما "التيار الوطني الحر" و"الثنائي الشيعي" لبعض الوزراء خلافاً للادعاء بأنهم من المستقلين، أنه سيثني عليها عندما تصيب وسينتقدها عندما تخطئ، أما حزب "الكتائب" فكان منذ البداية معارضاً لتأليفها من قبل القوى السياسية التي يعتبرها سبباً لوصول البلاد إلى الأزمة الاقتصادية المالية والسياسية التي تغرق فيها راهناً.

حتى الآن، لم يصدر عن هذه القوى السياسية أي تأييد أو مديح لقرارات الحكومة أو مواقفها، بل إن الأيام الماضية شهدت نقلة في توجيه الانتقادات واللوم، فتيار "المستقبل" علّق على خطاب رئيس الحكومة حسان دياب الذي أعلن فيه السبت الماضي تعليق دفع سداد الـ "يوروبوندز" البالغة قيمتها ملياراً و200 مليون دولار أميركي استحقت الاثنين في التاسع من مارس (آذار)، موجهاً انتقادات لاذعة للحكومة، وردّ على تحميلها "السياسات الاقتصادية السابقة" بحدة، مشيراً إلى أن "في كل مرة ينتظر اللبنانيون أن تقول لهم الحكومة ما ستفعله عملياً، ترد عليهم بموال ما فعله غيرها، نظرياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"المستقبل" و"الطعنة الرعناء" للنموذج الاقتصادي

وصدر عن المكتب السياسي للتيار بيان فنّد ما جاء في خطاب دياب الذي كان اعتبر أن من أسباب الأزمة الاقتصادية المالية أن "النموذج الاقتصادي الذي أرسته السياسات السابقة، أثبت عجزاً"، فاستذكر مواقف سابقة لرئيس الحكومة ألقى فيها اللوم على تركة الـ 30 سنة الماضية، وهي العبارة التي دأب "التيار الوطني الحر" وحلفاء "حزب الله" على تردادها في معرض تحميل الحريرية السياسية مسؤولية الديون، بينما "المستقبل" والحريري سبق أن أصدرا مواقف عدة وكتيباً في هذا المجال عن مسؤولية سياسات التعطيل للمؤسسات، التي مارستها قوى الثامن من آذار و"التيار الحر"، إضافة إلى إدارة الأخير لملف الكهرباء، عن تراكم الدين العام.

لكن البارز في بيان "المستقبل"، الاثنين الماضي، إعلانه أن "نعي النموذج الاقتصادي اللبناني على الصورة التي جرت (في خطاب دياب)، يشكل طعنة رعناء في صدر الهوية الاقتصادية للبنان، ودوره الطليعي في كل المنطقة، والمشكلة تصبح في هذا النطاق أبعد بكثير من سداد الدين العام أو تعليق سداده"، ورأى أن "العقد السياسية والنفسية والشخصية لدى بعض رجال السياسة والسلطة، التي نشأت عن الدور المميز للرئيس الشهيد رفيق الحريري في تاريخ لبنان، ولكن لا يمكن لأي عاقل أن يفهم جدوى استخدام هذه العقد في حملات متواصلة لتحريف التاريخ وممارسة أعلى درجات الكيدية السياسية"، ورد على دياب بطريقة غير مباشرة قائلاً "ساءنا أن تنضم أصوات مستجدة من خارج المنظومة الكيدية التقليدية إلى تلك الحملات، وأن تتخذ من الإعلان عن قرار استثنائي يتعلق بمواجهة مأزق مالي مصيري، مناسبة للانقلاب على النموذج الاقتصادي اللبناني، والتحريض على السياسات الاقتصادية".

وفنّد المكتب السياسي لـ "المستقبل" الإجراءات التي وعد بها دياب في بيانه وفي بيانات سابقة مذكراً بأنها استنسخت برنامج حكومة الحريري السابقة، ولم يخل البيان من انتقادات مبطنة للعهد و"التيار الحر" بحديثه عن "نزعة الاعوجاج والهروب إلى الماضي التي تتحكم بسلوك الكثرة من القابضين على زمام السلطة، أو حديثي النعمة في ممارستها".

جنبلاط و"أدوات الحقد"

أما جنبلاط فغرد على "تويتر" قائلاً، "‏ماذا تخفي هذه الحكومة التي لم يذكر رئيسها كلمة عن الإصلاح، وقطاع الكهرباء وحماية الصناعة وضبط الحدود الشرعية وغير الشرعية، وتجاهل "كورونا" والتشكيلات القضائية"، مشيراً إلى "كلام غامض عن الدين العام"، ومعتبراً أن "الحقيقة هي تعميم الإفلاس والانتقام من طبقة سياسية من خلال أدوات الحقد والظلام الشمولي"، ورأى جنبلاط في تصريح لصحيفة "لوريان لو جور" أن "رئيس الحكومة محاط ببعض الضباط السابقين الذائعي الصيت في الفترة السابقة، إضافة إلى التيار الوطني الحر"، ومع أن جنبلاط قال إنه في المعارضة، فإن الأجوبة عن السؤال حول سبب عودته عن قراره إعطاء فرصة للحكومة تتعدد، منها ما يتعلق بالقوى السياسية التي تقف وراء هذه الحكومة، لا سيما "التيار الحر"، إضافة إلى "حزب الله"، الذي لم يسمه، لكنه أشار إلى "الأنظمة الشمولية".

"القوات"... والملاحظات

أما "القوات اللبنانية" فإن نوابه وقادته لا يتركون مناسبة لانتقاد الحكومة بنبرة متفاوتة، آخرهم كان نائب رئيس الحكومة السابق غسان حاصباني الذي انتقد عدم وضع خطة اقتصادية قبل قرار تعليق سداد الديون، وقال إزاء وعود دياب بها "علينا رؤية مدى قابلية خريطة الطريق التي ستضعها الحكومة للتنفيذ. حتى اليوم لم نر إلا قشوراً وأطراف إصلاحات، فالعبرة في أن ترينا الحكومة فعلاً الإصلاحات الحقيقية"، وسأل "إذا لم تتغير السلطة التي فشلت لسنوات في إدارة الدولة، فكيف لنا أن نثق بها في الوقت الحالي"؟

معارضة العهد أم سياسة "حزب الله"؟

هل يمهد ارتفاع النبرة لدى هذه القوى الوازنة لقيام جبهة معارضة، أم أنها تكتفي بإرسال الإشارات إلى دياب ومن يقف خلفه، أي الرئيس عون ورئيس "التيار الحر" جبران باسيل، الذي تتحدث أوساط القوى السياسية الثلاث المرشحة للمعارضة، عن مواصلته ممارسة النفوذ على الحكومة، وموضوع الكهرباء أحد الأمثلة، نظراً إلى ضعف رئيسها ومسايرته فريق رئيس الجمهورية لأنه وراء تسميته لرئاسة الحكومة؟ وهل أن هذه القوى الثلاث ستركز هجومها على فريق رئاسة الجمهورية؟ وهل ستشمل معارضتها "حزب الله" الذي مارس نفوذه على الحكومة حول قرار التعاون مع صندوق النقد الدولي، فحال دون الاستعانة بالصندوق وقبل فقط باستشارته تقنياً، بحجة رفض وصفاته الضرائبية لأنها تطال الفقراء، وبتبرير سياسي هو الخشية من تسلل السياسة الأميركية الضاغطة على الحزب عبر الصندوق، في حال اتُفق معه على برنامج إصلاحي يقدم من خلاله مساعدات مالية لتأمين السيولة؟

وتفيد المعلومات بألا إشارات إلى أن الحريري يتجه لفتح النار على "حزب الله" لحرصه على إبقاء ربط النزاع في القضايا المختلف عليها، ومن باب تأكيده الدائم على أولوية تجنب الفتنة السنية- الشيعية، سواء عند اختلافه معه ومع رئيس البرلمان نبيه بري على استقالته في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أم حول موقفه من الاستعانة بصندوق النقد، لكن أكثر ما يثير الحريري هو الحملة التي يشنها فريق الرئيس عون ضد الحريرية السياسية واستخدام الحكومة وانخراط دياب فيها.

رسالة جنبلاط حول صندوق النقد... وتأني جعجع

وتشير أوساط جنبلاط في هذا المجال إلى مخاوفه من العقلية الكيدية التي يعتمدها العهد والمحيطون به، وإلى توجهات قمعية لديه حيال القوى التي تعارض مواقفه، وصولاً إلى مخاوفه من نزعة هيمنة، وتقسيم الإصرار على تدابير وخطوات معينة، وحديث بعض أوساط "التيار الحر" عن اللامركزية الإدارية والمالية، لكن جنبلاط يستمر في اتباع المهادنة مع "حزب الله" تحت عنوان تنظيم الخلاف، ويبعث بانتقاداته وبأفكاره إلى قيادته، كما حصل في شأن مسألة العلاقة مع صندوق النقد.

وهو سبق أن استقبل قبيل إعلان الحكومة قرار تعليق سداد الديون، أحد القياديين في الحزب، وبعث معه برسالة إلى أمينه العام حسن نصر الله نصحه فيها بعدم اتخاذ موقف حاسم ضد الاستعانة بصندوق النقد، لأن لا مجال أمام لبنان إلا هذا الخيار. وتشير المعلومات في هذا الصدد إلى أن جنبلاط أكد في رسالته لنصر الله ألا أحد يقول بقبول شروط الصندوق بل إن ما يطرحه قابل للتفاوض عليه، لكن المهم ألا يدير لبنان ظهره للمساعدة الخارجية، كما أن جنبلاط نبّه من السياسات الكيدية التي يعتمدها فريق الرئاسة، ودعا إلى أن يساهم الحزب في دفع الحكومة إلى اتخاذ تدابير أكثر حسماً وتشدداً في شأن انتشار فيروس "كورونا" في البلد.

وتشير هذه الأوساط إلى أن أولى نتائج الرسالة كانت اعتماد صيغة تعليق سداد الـ "يوروبوندز" والاستعداد للتفاوض بعد أن كان التوجه اقتصار الأمر على إعلان عدم السداد، ورأت أن هذا التعديل في الموقف يفتح الباب على إمكان التعاون مع صندوق النقد طالما أن الحكومة أقرت بالحاجة إلى الخطة الاقتصادية المرافقة لتعليق السداد.

المعارضة المتأنية

وبالنسبة إلى "القوات اللبنانية" فإن رئيسها سمير جعجع سبق أن استخدم الحجة القائلة إن "المستقبل" و"الاشتراكي" لا يريدان فتح معركة مع الحزب ليبرر عدم تصعيد معارضته ضد الحزب استناداً إلى الانطباع بأنه يهيمن على قرارها، إلا أن جعجع كان قال في لقاء مع صحافيين قبل أسابيع إن الحزب مثل الذي في يده سكين إذا استفزيته لا يمكن معرفة ماذا يفعل، واستخدم كلمة ممارسة "المعارضة المتأنية".

يقود كل ذلك إلى أن القوى الثلاث تلتقي على انتقاد الحكومة وبعض المواقف التي يقف وراءها "التيار الحر" ويخضع لها دياب، لكنها لم ترتقِ بعد إلى تشكيل جبهة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل