Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"كورونا" ينجح في وقف "عشاق تركيا" من السفر إليها

"الفيروس" ينضم إلى تهديدات عدة تستهدف السعوديين ومصالحهم في إسطنبول وأخواتها

تنفي الحكومة التركية اتهامات خليجية بغياب الامن في بعض أحياء مدنها (الانترنت)

أنهى فيروس "كورونا" ما تبقى من شعرة معاوية بين السياح السعوديين والحكومة التركية، بعد أن أعلنت الرياض، أمس، تحديد "يومين" لإخراج ما تبقى من مواطنيها في كل المدن التركية.

وقالت السفارة السعودية في أنقرة "إشارة إلى القرار الصادر بتعليق سفر المواطنين والمقيمين موقتاً من وإلى دول عدة، من ضمنها جمهورية تركيا، فإن السفارة تودّ إحاطة المواطنين بأن الخطوط السعودية تفتح رحلاتها من تركيا اعتباراً من اليوم، وحتى 12 مارس (آذار) الحالي للمواطنين السعوديين وأبناء المواطنات وزوجات المواطنين وأزواج المواطنات الراغبين في العودة إلى السعودية".

يأتي ذلك بعد سلسلة من الإنذارات التي أطلقتها السفارة السعودية هناك وقنصليتها لتنبيه مواطنيها الراغبين السفر إلى تركيا بأخذ احتياطاتهم، وأحياناً تجنب السفر إليها إلا للضرورة.

تهديدات بعد أخرى

ومع أن التحذير الأخير كان بشأن "كورنا"، إلا أنه سبقته بضع تنبيهات منذ نحو عامين، بعد أن بدأ السعوديون يتعرضون لمضايقات عدة، اعتبرها بعض المحللين السعوديين "مقصودة من جانب الأتراك".

ونص تحذير في 24 فبراير(شباط الماضي) على أنه "نظراً لانتشار فيروس كورونا بشكل متزايد واتخاذ السلطات التركية إجراءات احتياطية على المسافرين، خصوصاً القادمين من المناطق التي تكثر فيها الحالات، تأمل السفارة من المواطنين السعوديين تأجيل خطط السفر غير الضرورية وعلى الموجودين في تركيا اتخاذ الحيطة والحذر والابتعاد عن الأماكن المزدحمة، واتّباع الإجراءات المعلنة من وزارة الصحة السعودية للوقاية من الإصابة بالفيروس، وضرورة متابعة تحذيرات السفارة على القنوات الرسمية...".

وتقول مؤشرات منظمة الصحة العالمية إن السعودية الأولى عربياً والـ 47 عالمياً من بين 195 دولة، في قدراتها وجاهزيتها لمواجهة الأوبئة بحسب مؤشر الأمن الصحي العالمي (GHS).

وحتى من دون كورونا، يقول الكاتب في الشرق الأوسط، إميل أمين، إن تركيا أضحت مكاناً خطراً على السياح العرب والخليجيين، وباتت اليقظة مطلوبة والتوقف عن التدفق إلى تركيا أمراً مرغوباً من المواطنين الخليجيين الذين يقدرون بلادهم حق قدرها، ويسعون إلى دفع الأذى عنها بعيداً.

وزاد "أخيرا نشرت قوات سوريا الديمقراطية التي تجابه وتواجه تنظيم (داعش) الإرهابي في سوريا، صور جواز سفر لأحد الدواعش المقاتلين على الأرض، والذي أصيب في معركة الباغوز ونُقل إلى المستشفى، وعليه أختام تؤكد تحركه بحريّة من وإلى تركيا عدة مرات، الأمر الذي تم اعتباره دليلاً دامغاً ورسمياً على تسهيل تركيا دخول الإرهابيين وخروجهم الذين تطالب واشنطن أنقرة بمكافحتهم بدلاً من دعمهم".

ومثلما أشارت تحذيرات السفارة السعودية بأن مضايقات السياح السعوديين في تركيا، أخذ أنماطاً عدة بينها سرقة الجوازات، يلفت أمين إلى أن تلك الظاهرة غدت أخطر بعد أن "وجدت جوازات في حوزة الدواعش تلفت الانتباه إلى ظاهرة خطرة ومزعجة جرت بها المقادير في الداخل التركي للكثير من السياح السعوديين، فقد سُرقت جوازات سفر نحو 154 سائحاً سعودياً على الأراضي التركية، الأمر الذي يمكن أن يعد ظاهرة خطيرة في ضوء الكثير من المعطيات"، وفقاً لـ"الشرق الأوسط".

وعلى خلفية تلك المنغصات دعت غرفة تجارة الرياض مكاتب السياحة التابعة لها إلى منح المستفيدين من خدماتها خيارات مرنة، عند رغبتهم تغيير وجهات سفرهم إلى وجهات أخرى سوى تركيا، التي سادت المخاوف منها.

 لكن على الرغم من ذلك لم تتوقف الخطوط التركية ونظيرتها السعودية عن تنظيم رحلاتها من مدن سعودية عدة نحو إسطنبول بشكل يومي، وإن خصصت طائرات ذات أحجام صغيرة، بسبب قلة الإقبال على الوجهة التركية، خلافاً للماضي.

وتنفي الحكومة التركية اتهامات خليجية بغياب الأمن في بعض أحياء مدنها، أو تقصد مواطنيها بالإساءة، إذ قالت السفارة التركية بالرياض في ذلك إنها تأمل ممن وصفتهم بـ"إخوانها" السعوديين عدم أخذ "الادعاءات الباطلة والكاذبة بعين الاعتبار، كما نود أن نعبر عن سعادتنا باستضافتكم في تركيا في أجواء الأمن والسلام كما كان عليه الأمر في الماضي".

التدخل في ليبيا يؤجج النقمة

لكن توسعت دائرة النقمة العربية من تركيا بعد أن أعلنت دخولها رسمياً في الصراع المسلح بين المتنازعين في ليبيا، ولم تستطع جحود إرسال مليشيات تدعمها في سوريا لتأجيج القتال مع جناح الوفاق في طرابلس. وبلغ التصعيد ذروته الأعلى حين استدعت عناصر إرهابية موالية لتنظيم هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، مثل السعودي عبد الله المحيسني لتجييش التأييد لخطوتها الليبية بين الميليشيات المقاتلة في سوريا، وهي نقطة تحوّل انتقدها اختصاصيون في متابعة الجماعات الإرهابية، واعتبروها تأييداً صريحاً من أنقرة للإرهاب، وهو دور لا يستقيم مع التزاماتها الدولية، وفقاً لتقدير رئيس الدراسات في مركز الملك فيصل للبحوث، الأمير عبد الله بن خالد آل سعود.

في غضون ذلك، لاحظ المتخصص في الشأن التركي، الباحث محمد الرميزان، أن السياحة الخليجية في تركيا شهدت تراجعاً مطرداً منذ الانتقادات الإقليمية والدولية لسجل حقوق الإنسان في البلاد بعد الانقلاب الذي أجهضته في 2016.

ويقر في تصريح سابق لـ"اندبندنت عربية" بأن المشاريع والعقود التجارية السعودية في طرابزون مثلاً، كانت شهدت نمواً نتيجة لعدد السياح بما انعكس على النشاط التجاري، الذي شهد أهم تطور حسب الباحث مع تأسيس 30 شركة سعودية في المدينة، مع ذلك يضيف أن "موقف تركيا تجاه الأزمة القطرية كان له بعض التأثير السلبي، مما ترك نقصاً مباشراً في عدد السياح القادمين من الرياض والدول الخليجية الأخرى".

هكذا بدأ الترويج للسياحة التركية

التحول في مزاج السعوديين الجديد ضد بلاد الأناضول، واهتمام الأخيرة بالسائح السعودي نظير أهميته التي أوضحها الرميزان، ربما هو الذي دفع سفارة أنقرة في الرياض في وقت مضى إلى "استعطاف" السائحين بقولها المشار إليه سابقاً.

غير أن الماضي الذي تشير إليه السفارة لم يعد على الأرجح هو الحاضر بالنسبة إلى الكثير من السعوديين، فالمناخ الذي روج أول الأمر للسياحة التركية آخذ في الزوال، يوم أن كان نجوم الدعاة السعوديين أمثال المشايخ سلمان العودة وعائض القرني وسعد البريك ومحمد العريفي وغيرهم يروجون للسياحة التركية عبر برامجهم الفضائية، مثل "سواعد الإخاء" الذي كان دعاية مكثفة ليس للخطاب الديني الذي يتبناه أولئك الدعاة، ولكن أيضاً لأرض تركيا التي يتغنون بجمالها.

المزيد من الشرق الأوسط