Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تطلب من كل مصاب بحمى خفيفة عزل نفسه أسبوعا

ارتفاع مطرد و"سريع للغاية" لإصابات كورونا يفرض الانتقال إلى مرحلة تالية في مكافحته

نشر آلات تعقيم الأيدي في الأمكنة العامة جزء من إجراءات متصاعدة في مكافحة وباء كورونا (أ.ف.ب.)

من المتوقع أن يُطلب من كل شخص بريطاني مصاب بحمى خفيفة عزل نفسه أسبوعاً، بعدما بدأ عدد ضحايا فيروس كورونا في الارتفاع "بشكل سريعٍ جداً"، بحسب حكومة المملكة المتحدة. ويتوقع وزراء أن ينتقلوا إلى المرحلة التالية من مواجهة تفشي المرض في غضون عشرة أيام أو أسبوعين، بمعنى الانتقال من وضع يتعين فيه على الأشخاص المصابين بأعراضٍ محددة، أو المعرضين لخطر الإصابة بالفيروس، ملازمة منازلهم [مع استثناء غيرهم من ذلك الإجراء].

وأعلِنَ عن هذه الخطوة بعدما قاوم رئيس الوزراء بوريس جونسون ضغوطاً من أجل اتخاذ قيودٍ صارمة على الطريقة الإيطالية، تقضي بإغلاق المدارس وخوض حوادث رياضية خلف أبواب مغلقة والعمل الجماعي في المنازل، مصراً على أنها ليست ضرورية بعد.

يأتي هذا التطور في وقت يحصل الآتي:

• تعمل إيطاليا على توسيع الحجر الصحي في شمال البلاد كي يشمل جميع أنحاء شبه الجزيرة الإيطالية، مع إلغاء جميع التجمعات العامة.

• شهدت أسواق الأسهم الأميركية أسوأ يومٍ لها منذ الانهيار المالي في 2008، ما اضطر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الإعلان عن مقترحاتٍ جديدة لخفض الضرائب في محاولةٍ لوقف هبوط الأسهم.

• حذرت "منظمة الصحة العالمية" من أن خطر حدوث وباء أصبح "واقعياً للغاية" في مؤتمر صحافي عُقد في جنيف.

• بدأت كوريا الجنوبية التي كانت في السابق ثاني أسوأ دولة مصابة في العالم، تدخل في حالة استقرار، وفق ما أعلنه الرئيس مون جاي إن.

ويشعر خبراء في المملكة المتحدة بقلق من أنه "إذا جرى المضي [في فرض إجراءات مشددة] في مرحلة مبكرة جداً"، فإن الناس قد يسأموا ويملوا مثل تلك القيود قبل الوصول فعلاً إلى نقطة الذروة في انتشار الفيروس في الأشهر المقبلة. وعلى نقيض ذلك، يرى البروفيسور كريس ويتي كبير المسؤولين الطبيين الذي تحدث قبل حصول الوفاة الخامسة بمرض "كوفيد 19" كشف عنها، أن المملكة المتحدة باتت "قريبة جدًا" من فرض النصائح الأكثر صرامةً في ما يتعلق بالعزلة الذاتية.

وأضاف ويتي في مؤتمر صحافي، "نتوقع أن تزداد الأرقام ببطء في البداية لكن بسرعة كبيرة بعد فترة من الوقت"، مؤكداً أنه "علينا أن نستلحق أنفسنا قبل أن تشرع الأرقام في التزايد بكثرة. نحن الآن قريبون جداً من حدوث ذلك، على الأرجح في غضون الأيام العشرة إلى الـ14 المقبلة، عندما يترجم نموذج المرض نفسه بأن يفرض علينا الانتقال إلى وضع نقول فيه إن كل شخص يعاني من عدوى بسيطة في الجهاز التنفسي أو من حمى، يجب أن يعزل نفسه تلقائياً لمدة 7 أيام".

ورأى البروفيسور ويتي في حديثٍ أدلى به بحضور رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أن "هذه الخطوة ستكون التالية. لم نصل الآن إلى هذه النقطة، لكننا سنصل إليها في المستقبل القريب جداً".

يأتي هذا التطور في وقت دعا رئيس الوزراء إلى "بذل جهد وطني كبير" لضمان التغلب على فيروس كورونا، وأشار أيضاً إلى مزيد من الإجراءات التي سيعلن عنها في وقتٍ لاحق من هذا الأسبوع".

وفي ذلك الصدد، لاحظ جونسون إنه "لا مجال للتغاضي عن واقع أن تفشي فيروس كورونا سيشكل تحدياتٍ كبيرة للمملكة المتحدة، تماماً على غرار ما يحصل مع بلدان أخرى". لكنه أضاف، "إذا واصلنا الاعتناء ببعضنا بعضاً لتكوين جهدٍ وطني موحد، فلا يساورني أدنى شك في أننا نستطيع أن نقف في وجه هذا التحدي وسنواجهه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمسكت المملكة المتحدة بأنها في مرحلة "احتواء المرض"، ضمن ردها على تفشي الفيروس، لكنها "تتخذ استعداداتٍ مكثفة للانتقال إلى مرحلة تأخير العدوى" عبر فرض مزيدٍ من القيود. ومع ذلك، بدت أولى علامات الانزعاج واضحة في دوائر "وستمنستر" [مقر الحكومة البريطانية]، عندما سُئل وزير الصحة عن سبب عدم اتخاذ مزيدٍ من الإجراءات في ما يتعلق بالحجر الصحي على المسافرين الوافدين من مناطق شديدة الخطورة، إضافة إلى حماية الكبار في السن.

واتهم روري ستيوارت الوزير السابق في حكومة المحافظين والمرشح المستقل لمنصب عمدة مدينة لندن، الحكومة بأنها "لا تبدي حماسةً أو اهتماماً بوقف انتشار الفيروس". وأشار إلى إن "الحكومة ارتكبت خطأً خطيراً اليوم. ينبغي على وزرائها أن يتصرفوا بقوة أكبر لاحتواء فيروس كورونا"، داعياً إلى "وجوب إغلاق المدارس في بريطانيا في الحال".

وفي ذلك الصدد، أشار فيليب هولوبون أحد أعضاء حزب المحافظين من نواب المقاعد الخلفية (لا منصب حكومياً لهم)، إلى أن ناخبيه يجدون صعوبةً في فهم سبب عدم حظر الرحلات الجوية من المناطق التي فُرض عليها حجر صحي في إيطاليا.

وفي المقابل، طالب جوناثان آشورث وزير الصحة "العمالي" في حكومة الظل، بإجابات من الوزراء عن عدد أجهزة التنفس الاصطناعي الموجودة راهناً في المملكة المتحدة، والنصيحة التي أعطاها مقدمو الرعاية الاجتماعية لحماية المسنين، والسبب في عدم تفكير المملكة المتحدة حتى الآن في زيادة عدد مواطنيها الذين يعملون من المنازل.

في المقابل، أورد رئيس الوزراء بوريس جونسون في المؤتمر الصحافي نفسه، أنه "يجب علينا ألا نفعل أشياء لا فائدة طبية لها أو تكون محدودة الفاعلية، ولا الأشياء التي يمكن أن تفضي إلى نتائج عكسية في الواقع".

وفي ذلك الصدد، اعتبر البروفيسور كريس ويتي أنه من المهم عدم فعل أمور كثيرة في وقتٍ مبكر، لأن "كل شيء نفعله الآن، يجب أن نكون قادرين على مواصلته طوال مرحلة الذروة في تفشي المرض... وهناك خطر أن يتعرض الناس للتعب، وذلك أمر مفهوم".

وفي مقلب مغاير، يقارع باتريك فالانس كبير المستشارين العلميين في بريطانيا، المطالبين بحظر الطيران بالإشارة إلى أن تحركات إيطاليا لمنع الرحلات الجوية من المناطق المتأثرة بالفيروس، واختبار درجة حرارة الركاب في المطارات، وحظر التجمعات الجماهيرية، جاءت غير فعالة نسبياً. ووفق كلماته، "نحن في حاجة إلى فهم موقعنا من الوباء، والتأكد من أننا نتخذ الإجراءات التي يجب اتخاذها في الوقت المناسب".

وكذلك يرى السير باتريك أن الهدف سيكون خفض معدل وفيات من هم في المجموعة المعرضة للخطر بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة. لكنه اعتبر أنه سيكون من الخطأ محاولة "كبح" المرض تماماً، لأنه قد يؤدي إلى أن يتفشى في فصل الشتاء المقبل في وقت يشتد الضغط على مراكز ومستشفيات هيئة "الخدمات الصحية الوطنية".

وفي إيطاليا الدولة التي تعرضت للأسوأ في أوروبا وسجلت وقوع تسعة آلاف ومئة واثنتين وسبعين حالة إصابة بفيروس كورونا حتى الآن، أكد المسؤولون فيها أن الأمة بأكملها ستواجه المعايير ذاتها في ما يتعلق بالحجر الصحي التي طُبقت سابقاً على نحو ستة عشر مليون مواطن في الشمال، بينما ستُحظر الفعاليات العامة جميعها.

وفي مؤتمر صحافي بثته محطات التلفزيون، أكد رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي أن قراراً حكومياً جديداً سيطلب من جميع الأشخاص في إيطاليا تبرير وجودهم بالحاجة إلى العمل أو الظروف الصحية أو غيرها من الأسباب المحددة، قبل الانتقال إلى خارج المناطق التي يعيشون فيها.

وإلى جانب القيود المفروضة على السفر، فإن المدارس والجامعات التي أغلقت بالفعل في جميع أنحاء البلاد ستمدد مرحلة الإغلاق حتى الثالث من أبريل (نيسان) المقبل. وفي الوقت نفسه، ستوسع الآن الحملة على المطاعم والمقاهي التي أُخبِرَتْ بضرورة أن تغلق أبوابها عند حلول الظلام في شمال البلاد، كي تشمل جميع أنحاء إيطاليا.

ومع ذلك، فقد بدأت القيود المفروض تؤثر بالفعل في أمة محبطة وسجونها مكتظة. إذ لجأ سجناء إلى أعمال شغب في السجون في جميع أنحاء البلاد، بعد وقف حقوق الزيارة لذويهم بدعوى محاربة الفيروس. وذكرت وزارة العدل أن سبعة سجناء قُتلوا في الفوضى التي عمت السجون منذ مطلع الأسبوع الحالي.

في الولايات المتحدة، شهدت أسواق الأسهم أسوأ يوم لها منذ الأزمة المالية في 2008 بعدما هدد انهيار أسواق النفط بإحداث سلسلةٍ من ردود الأفعال من قِبَل مستثمرين قلقين. وجاءت عمليات بيع الأسهم الاثنين الماضي، بعدما بدأت المملكة العربية السعودية وروسيا حرب أسعار على النفط الخام خلال عطلة نهاية الأسبوع السابق، الأمر الذي أثار ذعراً بين المستثمرين، فانخفضت الأسعار بأكثر من 20 في المئة في القطاع، ما شكل أكبر انخفاضٍ لها في سوق النفط منذ "حرب الخليج".

رداً على ذلك، عقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مؤتمراً صحافيا قاتماً تحدث فيه عن اتخاذ تدابير اقتصادية يوم الثلاثاء، ويناقش مع الكونغرس مسألة خفض الضرائب على الرواتب لدعم الاقتصاد. وكذلك حرص الرئيس الأميركي على محاولة طمأنة مواطنيه إلى الاقتصاد من خلال التقليل من التأثير المحتمل لفيروس كورونا فيما تحدث عن رد إدارته [على انتشار كورونا] قبيل إطلاق حملته لإعادة انتخابه في خريف 2020.

وفي الوقت نفسه، أعلنت "منظمة الصحة العالمية" للمرة الأولى عن أن العالم على شفا جائحة عالمية، في لغة طالما تجنبتها دوائر المنظمة الأممية بسبب دلالاتها المخيفة. واعتبر المدير العام لتلك الوكالة الصحية التابعة للأمم المتحدة أن اكتساب الفيروس "موطئ قدم في عددٍ من البلدان"، يعني أن خطر تحول الوباء جائحة عالمية، قد تزايد.

وفي موازاة ذلك كله، امتلك الدكتور تيدروس آدانوم غيبربيسوس نبرة متفائلة، بالإشارة إلى أن كورونا سيكون أول جائحة في التاريخ يمكن السيطرة عليها. وأضاف، "خلاصة القول، إننا لسنا تحت رحمة هذا الفيروس"، موضحاً أن النجاحات التي حققتها الصين وكوريا الجنوبية أثبتت أنه "لم يفت الأوان أبداً لعكس المد المتأتي من الفيروس".

وفي عاصمة كوريا الجنوبية، أعرب الرئيس مون جاي عن قناعته بإن الأمة يمكنها أن تدخل "مرحلة من الاستقرار" قريباً إذا واصلت تقليل عدد الإصابات الجديدة. وقد أبلغت "المراكز الكورية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها" عن 165 حالة إصابة بفيروس كورونا، ليصل بذلك العدد على المستوى الوطني إلى 7478 حالة، بينما ارتفع عدد الوفيات بنسبة واحد لكل 51 حالة إصابة.

في اجتماع لكبار مساعديه في العاصمة سيول، خلص الرئيس الكوري الجنوبي إلى الإعراب عن قناعته بضرورة "أن نحافظ على هذا الاتجاه. فقد وصلنا إلى هذا الحد بفضل المواطنين الذين اتحدوا وتعاونوا بشكل جيد مع الحكومة. في المقابل، من السابق لأوانه أن نكون متفائلين... يُرجى التحلي بالصبر قليلاً والابتعاد عن التجمعات الجماهيرية على غرار المناسبات الدينية".

© The Independent

المزيد من صحة