Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زواج الأقارب يفاقم عدد الأطفال "من ذوي الاحتياجات الخاصة" في المغرب

يصل المعدل إلى 15 في المئة ومن أسبابه الحفاظ على الأراضي الزراعية

تتعدد المآسي بسبب زواج الأقارب في المغرب (أ.ف.ب)

يُحذر متخصصون وأطباء مغاربة من زواج الأقارب، معتبرين أنّه يُعزّز نسب إصابة الأطفال بأمراض وراثية، تتراوح بين الإصابات العرضية البسيطة، كفقر الدم، وأمراض أكثر خطورة، قد تصل إلى حدّ الإعاقة الجسدية والذهنية. وعلى الرغم من تداعيات زواج الأقارب الصحية على الأطفال، ما زال منتشراً في صفوف بعض العائلات في قرى بالمغرب، التي تعتبر أنّه وسيلة للحفاظ على تماسك العائلة المغربية وجزء من العادات التي لا يمكن التخلي عنها.

قصة ابراهيم

في مدينة بن سليمان الواقعة في الشمال الغربي للمغرب، يعيش ابراهيم فرجي برفقة أبنائه الستة المصابين بإعاقة ذهنية وحركية. ويكشف ابراهيم البالغ من العمر 66 سنة، عن أسباب إعاقة أبنائه، قائلاً "زواجي من ابنة عمتي كان سبباً رئيساً في إنجابنا لأبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، نحن أمّيون ولا نعرف شيئاً ولم نتخذ الإجراءات الطبية اللازمة". يُضيف ابراهيم في السياق ذاته، "لم نكن نعرف أنا وزوجتي تداعيات زواج الأقارب على الأبناء". توفيت زوجة ابراهيم قبل ثلاث سنوات، ليتحمّل بمفرده مسؤولية أبنائه الستة، مشيراً في هذا الصدد، "منذ وفاة زوجتي، تضاعفت معاناتي، أنا المسؤول الوحيد عن رعايتهم، لأنهم لا يستطيعون التحرك، أحملهم على كتفي وأضعهم على الكرسي المتحرك لأطعمهم... أنا كل شيء بالنسبة إليهم".

5.1 في المئة

أصغر أبناء ابراهيم يبلغ 18 سنة وأكبرهم 36 سنة، يُمضون غالبية وقتهم في المنزل يُشاهدون التلفاز. ويروي ابراهيم، "أشعر بالحزن عندما أجد أبنائي يتألمون بصمت، وأنا عاجز عن دعمهم... عندما أكون خارج البيت، أقلق عليهم وأخشى أن يلحق بهم أي ضرر".

يُشار إلى أنّ المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، ذكرت أنّ عدد الأشخاص في وضعية إعاقة بلغ 1.703.424 شخصاً عام 2014 بنسبة انتشار تُقدر بـ 5.1 في المئة على الصعيد الوطني.

وكشفت المندوبية عن أنه من بين 1.703.424 شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، هناك 393.919 شخصاً يعانون من عجز تام للقيام بواحد من الأنشطة الستة للحياة اليومية (الرؤية، السمع، المشي أو صعود الأدراج، التذكر أو التركيز، الاعتناء بالذات والتواصل باستعمال اللغة المعتادة)، أي 23.1 في المئة، مع نسبة انتشار تصل إلى 1.2 في المئة على المستوى الوطني.

"الزواج برجل من خارج عائلة يعد أمراً مرفوضاً"

في نواحي مدينة تارودانت جنوب المغرب، تعيش عائشة أوزيت التي تُعاني بسبب إعاقة طفلتها نعمة ذهنياً وجسدياً، وتقول في هذا الصدد، "خلال فترة الحمل، لم أقصد طبيباً، ولم أكن على دراية بأنه من المفروض أن أجري فحوصات". تمضي نعمة البالغة من العمر سبع سنوات وقتها وهي ممدّدة على السرير، تنام على بطنها لعدم قدرتها على الحركة. تضيف والدتها، "تحث تقاليد عائلتنا على الزواج من داخل العائلة، كما أن الزواج برجل من خارج العائلة يُعدُّ أمراً مرفوضاً". تنحي عائشة باللائمة على التقاليد، معتبرةً أنّ هذه التقاليد والعادات التي ترفض زواج الفتاة من خارج العائلة، سبب رئيس في عجز ابنتها نعمة. لم يتقبل زوج عائشة أن تُنجب زوجته ابنة تعاني من مشاكل صحية وعقلية، وحمّلها المسؤولية، وتقول في هذا الصدد، "ما أن أنجبت طفلتي نعمة، غادر زوجي البيت، وحمّلني مسؤولية إنجابها، لأنه لم يتقبل ذلك، ويرفض أن يناديه أهل القرية بأب المعاقة".

مُغادرة زوجها البيت دفعتها إلى البحث عن عمل في إحدى البلدات الفلاحية المجاورة لإعالة ابنتها، وتضيف عائشة، "أحاول جاهدة أن أغطي مصاريف ابنتي، وأن أتكفّل بعلاجها ودوائها، على الرغم من أنّ العمل في الضيعة شاق ومتعب ولكن لا بديل لي".

زواج الأقارب يحفظ إرث العائلة

وتعتبر بعض العائلات في المغرب أنّ زواج الأقارب وسيلة لاتحاد العائلة في ما بينها، وللحفاظ على الأراضي الزراعية. في هذا السياق تحكي زهرة العوني، متزوجة بابن عمها، وأم لطفل يعاني من تخلّف ذهني، "نادراً ما ترتبط النساء في قبيلتي برجال غرباء، لأن غالبية العائلات تعتبر أنّ زواج الأقارب أفضل وسيلة للحفاظ على التماسك العائلي، وأيضاً كي لا يستفيد رجل غريب من إرث العائلة".

وتعتبر زهرة أنّ إنجابها لطفل متخلّف كان قدراً من الله ويجب أن تتقبّله، مشيرةً إلى أنّ زواجها بابن عمها ناجح، لأنه يفهم ثقافتها وتقاليدها، وبمجرد أن يقع أي خلاف بينهما، تتدخل العائلة لحله.

وتُضيف في هذا الصدد، "لقد تربّينا على احترام تقاليد وعادات العائلة، وزواجي بابن عمي جزء من هذه التقاليد، وإنجابي لطفل معاق هبة من الله يجب أن أتقبّلها".

علم الوراثة الطبية

 وتُشير دراسة أنجزها قسم علم الوراثة الطبية في المعهد المغربي للصحة، إلى أن نسبة زواج الأقارب قُدرت، عام 2016، بـ15 في المئة في المجتمع المغربي، بعدما كانت تتجاوز 21 في المئة عام 2010، وتبلغ في القرى نسبة زواج الأقارب 33 في المئة، ويُعاني الأطفال من أمراض نادرة بنسبة 50 في المئة.

من جهتها، أكدت البروفيسور يامنة كريول، رئيسة مصلحة طب الأطفال في مستشفى الأطفال ابن سينا بالرباط، أنّ "بعض الأمراض النادرة المنتشرة في المغرب تنتج من طريق زواج الأقارب، وإذا عولج الطفل منذ البداية، فإنه يعود إلى حالته الطبيعية العادية". وتضيف "لكن إذا لم تتدخل الأسرة في الوقت المناسب، يُصاب الطفل بتأخر ذهني واضطراب في السلوك، الأمر الذي يصعب معه تسجيله في المدرسة".

المزيد من تقارير