Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشركات البريطانية يقلقها تنفيذ "بريكست" من دون اتفاق أكثر من فيروس كورونا

الشركات المتعددة الجنسيات ربما تجتاز الأزمة الاقتصادية... لكن المؤسسات الصغيرة تخشاها بشدة

جاء وباء كورونا في عز أزمة تنفيذ بريكست، وصارت بريطانيا ومؤسساتها كلها في مهب أزمة مزدوجة محيرة (رويترز)

يتحدّث المصنعون البريطانيون عن أنهم يحشدون "الروح المعنوية للحرب"، كي يتعاملوا مع النقص المتوقع في الموظفين، وتعطّل الإمدادات بسبب فيروس كورونا.

لكن، بالنسبة إلى بعض المؤسسات يتمثل الشاغل الرئيس في الصدمة القصيرة والعميقة لتفشي المرض، التي سيليها ألم أعمق ويدوم أكثر يتأتّى من تنفيذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون التوصّل إلى اتفاق تجاري معها، (ويسمّى ذلك الـ"بريكست القاسي").

وقد يكون على الشركات الكبيرة المتعددة الجنسيات التخلص من هاتين المشكلتين التوأمتين، إلا أن دواعي القلق متنوّعة بالنسبة إلى بعض الشركات الأصغر حجماً.

وفي هذا الأسبوع، حذّرت الحكومة البريطانية من أن نسبة القوى العاملة التي قد تكون في إجازات مرضية ستصل إلى قرابة الخُمس عندما يصل وباء "كوفيد 19" (= فيروس كورونا)، إلى الذروة، وذلك سيناريو من شأنه أن يطرح مشكلات خطيرة على المُصنعين.

في ذلك الصدد، يرى دونالد باو، مدير "مجموعة آلايد للمَرْكَبات" في غلاسكو باسكتلندا، أنه "بإمكاننا تحمّل غياب عدد قليل من العاملين، وإلا سننهار".

ويعمل نحو 250 من موظفي شركة "آلايد" (مجموعهم الكلي 670 موظفاً) في مجال التصنيع، وغالبيتهم في غلاسكو. إنهم يشغّلون 15 مرحلة من خط الإنتاج الذي يشتغل على المركبات العادية، لجعلها صالحة للاستخدام من قِبل المصابين بإعاقات مختلفة.

يتمتع العمال في كل مرحلة بخبرة متخصصة، لا يمكن استبدالها بالضرورة إذا تغيبت أعداد كبيرة عن العمل، ومن الواضح جداً أن العمل من المنزل ليس خياراً وارداً.

وأشار باو إلى "أنه وضع صعب جداً. يمكننا نقل الأشخاص من أقسام أخرى في الشركة، لكن في مرحلة ما لن نعمل بكفاءة (...) لن يقتصر الأمر على مجرد إغلاق أبوابنا"، والقول "الأمور صعبة بعض الشيء، دعونا نتوقف عن العمل. تسود الروح المعنوية للحروب نوعاً ما".

بالنسبة إلى "آلايد"، يمثّل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (من دون اتفاق تجاري معها)، والحيرة بخصوص ما سيترتب عليه، مخاوف أكبر من الفيروس في الأقل راهناً، حسب باو.

وتعمل الشركة في تصدير المركبات إلى بلدان عبر أوروبا الغربية، وتبدو قلقة للتو بخصوص التعريفة الجمركية، وتأثير المستقبل غير الواضح للغاية.

ويُبدي باو قلقه من أن قدرة الشركة على المنافسة ستكون أقل في المستقبل، بالمقارنة مع منافسيها الموجودين داخل الاتحاد الأوروبي.

ووفق كلماته، "يؤثر البريكست القاسي في واقع أعمالنا وثقة عملائنا (...) إن التعامل مع هذا الأمر والصدمة الاقتصادية الكبيرة بسبب فيروس كورونا سيكونان ضارين للغاية بالنسبة إلينا".

في ذلك الصدد، تفيد "آلايد" بأنها في وضع مالي قوي، فلديها ديون منخفضة، وقوى عاملة مخلصة. لا يمكن قول الشيء نفسه بالنسبة إلى عدد من الشركات البريطانية التي ربما تحتاج إلى طلب تمويل طارئ، لتجاوز أي اضطرابات تنجم عن تفشي المرض (كورونا).

وقبل أيام، أخبر محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي (الذي سيبدأ عمله في غضون 10 أيام)، النواب أنه ربما يتخذ إجراءً قريباً جداً لدعم إقراض الشركات الصغيرة المتعثرة، وقد يشمل ذلك تخفيف متطلبات البنوك لرأس المال، ما يتيح لها تقديم مزيد من القروض، لكن ليس هناك ما يضمن أن البنوك ستنفذ ذلك بالفعل، وبالنسبة إلى بعض الشركات البريطانية، فإنها شرعت في تلمّس تأثير الخروج من دون اتفاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تعمل شركة "تيودور روز" العالمية المتخصصة في العمل اللوجيستي، ومقرها في غلوستشر، في تصدير أغذية ومشروبات، تصنعها علامات تجارية مشهورة حول العالم.

وفي ذلك المنحى، تبدو الشركة قريبة من الوضعية التي تسود عند المنعطفات الحادة لتفشي المرض، إذ ارتفعت التكاليف بنحو 15 في المئة، وتكافح الشركة لإيجاد عدد كاف من السفن لنقل منتجاتها، حسب مديرها التجاري جون ستيفنسن.

وتخسر "تيودور روز" مبيعاتها مع بقاء السفن عالقة في الموانئ الصينية، ما تسبب في انسداد كبير في الشرايين الرئيسة للتجارة العالمية.

ومع إغلاق عدد من المصانع الصينية لاحتواء انتشار الفيروس، ثمة بضائع أقل بكثير للشحن، وبالتالي ألغت شركات الشحن عمليات الإبحار، ويترك هذا الأمر الشركات البريطانية في مواجهة نقص في الحاويات اللازمة لوضع بضائعها فيها، ما يؤدي إلى رفع الأسعار.

ووفق كلمات ستيفنسن، "هذا الأمر له تأثير في طول طرق (نقل البضائع) التي تمر عبر أماكن مثل مومباي والشرق الأوسط".

غالباً ما يُنظر إلى الشحن كتحذير مبكر من الصدمات الاقتصادية المقبلة، وعندما تستغرق سفينة نحو شهر لتشق طريقها من الصين إلى أوروبا، يكون الانخفاض الحاد في النشاط بالصين ما زال في الطريق.

يقدّر ستيفنسن أن عدد السفن الموجودة على الطرق العالمية التي تشحن "تيودور روز" عبرها أطعمتها ومشروباتها أقل بنحو 100 سفينة. قد لا يبدو هذا كثيراً، لكن كل واحدة منها تشكّل سفينة ضخمة، وتنقل ما معدله 20 ألف حاوية.

ويضيف ستيفنسن، أن نقص الحاويات بمليوني حاوية له تأثير حقيقي. ويتابع، "إن الأثر واضح للتو. لقد كان لدينا عميل ينتظر بالفعل طلباً كبيراً، ولم نتمكّن من تلبيته".

وكذلك يشير إلى أن تأثير فيروس كورونا في الشحن غير مسبوق، ويوضح، "نحن نشهد بعض الموسمية في الطلب، لكننا لم نشهد حدثاً كهذا يترك كل ذلك التأثير الكبير".

وتتطلع "تيودور روز" إلى زيادة المبيعات في أميركا الشمالية، حيث الاضطرابات أقل حدّة من آسيا، لكن هذه الاستراتيجية محدودة.

ويضف ستيفنسن، "نحن نبيع السلع التي تُستهلك بسرعة، لذلك نحتاج إلى إمدادات منتظمة ومتجانسة لعملائنا". وكذلك تتوقع الشركة حدوث بعض الانتعاش في الطلب عندما يهدأ تفشي المرض، لكن بالنسبة إلى الجزء الأكبر من المرجّح أن الخسارة في المبيعات حالياً لن تعوّض أبداً.

في المقابل، إذا فتحت الموانئ الصينية بالكامل مرة أخرى فإن الأمور ستتحسّن، لكن "تيودور روز" تخشى من احتمال حدوث مزيد من الإغلاقات في نقاط رئيسة أخرى على طول الطريق مع مساعي الحكومات لاحتواء الفيروس.

ويضيف ستيفنسن، "نحن في المراحل الأولى من هذا الأمر. لقد جرى تسليط الضوء على مدى أهمية ذلك في الأيام العشرة الأخيرة".

وبالعودة إلى غلاسكو، يظل دونالد باو محترساً، لكنه مرتاح نسبياً، بالنظر إلى الوضع الراهن. ووفق كلماته، "لا نعرف ماذا سيحدث، يبدو أن عديداً من الخبراء لا يعرفون ما الذي سيحدث (...) الأمر شبيه بالعبارة التقليدية القديمة لمديري فرق كرة القدم. سنتعامل مع كل مباراة عندما يحين موعدها".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد