عام على حرب أوكرانيا

ولا نهاية تلوح في الأفق

عام كامل مر على الحرب التي أطلقتها روسيا على أوكرانيا بدعوى حماية الأمن القومي الروسي من خطط توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو). لكن الأمر في الواقع يتجاوز تلك المخاوف الأمنية، إذ ثمة تاريخ يتعلق بنظرة موسكو إلى شرعية الدولة الأوكرانية بنفسها، وما كلمات بوتين أعلاه سوى دليل على ذلك.

"الثورة البرتقالية" في أوكرانيا عام 2004 (أ ف ب)

"الثورة البرتقالية" في أوكرانيا عام 2004 (أ ف ب)

"الثورة البرتقالية" في أوكرانيا عام 2004 (أ ف ب)

"الثورة البرتقالية" في أوكرانيا عام 2004 (أ ف ب)

الرئيس الذي أطيح مرتين

نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، حمل رياح التغيير إلى أوكرانيا وأخرجها من تحت العباءة الروسية، إثر ثورة شعبية اندلعت احتجاجاً على الفساد المالي والسياسي، أججتها مزاعم بتزوير الانتخابات الرئاسية لصالح المرشح المدعوم من موسكو فيكتور يانوكوفيتش ضد منافسه الإصلاحي فيكتور يوشينكو. وعلى وقع الضغط الشعبي، ألغيت نتيجة الانتخابات وأعيد التصويت ليحقق يوشينكو فوزاً ساحقاً.

تلك الثورة التي عرفت بـ"الثورة البرتقالية"، جسدت طبيعة الانقسام الجغرافي الداخلي في أوكرانيا: بين الأقاليم الغربية الثائرة والساعية لقبلة جديدة تستهدف الاندماج مع أوروبا من جهة، والأقاليم الشرقية الوفية لروسيا التي تشترك معها اللغة والثقافة من جهة أخرى.

إلا أن رياح التغيير لم تجر كما اشتهى "الثائرون البرتقاليون"، فيوشينكو الموالي للغرب عجز عن تحقيق وعوده للشعب الأوكراني، وشهد عهده توترات سياسية وإخفاقاً اقتصادياً كبيراً، مما مهد لعودة يانوكوفيتش إلى السلطة من باب رئاسة الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية عام 2007.

الصراع على السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء، انتهى بعودة حليف روسيا إلى سدة الرئاسة عام 2010. غير أن الأوكرانيين المنقسمين لم يرضخوا، وعادوا للانتفاض مجدداً مطلع 2014، وأطاحوا بيانوكوفيتش للمرة الثانية بعد احتجاجات حاشدة رفضاً لتقاربه مع موسكو وقراره بالتراجع عن اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، كان ينظر إليه على أنه خطوة أولى نحو عضوية أوكرانيا في الاتحاد.

وبعدما أطيح مرتين من السلطة، فر يانوكوفيتش إلى موسكو التي وفرت له الحماية ورفضت تسليمه لأوكرانيا للمحاكمة.

ضم القرم

عقب ثورة 2014، أدركت روسيا أن نفوذها في جارتها الغربية بات مهدداً جداً أو حتى اقترب من الذوبان. وليلة الإطاحة بيانوكوفيتش بكييف في 22 فبراير (شباط) 2014، اتخذ بوتين قراراً حاسماً: ضم شبه جزيرة القرم.

للقرم أهمية استراتيجية كبيرة لدى روسيا باعتبارها بوابتها الوحيدة إلى المياه الدافئة على البحر الأسود. وفي 27 فبراير 2014، استولى انفصاليون موالون لموسكو على السلطة في القرم، وسرعان ما أجروا استفتاء أقر الانضمام إلى روسيا، في خطوة رفضتها كييف والغرب.

لم تتوقف موسكو عند ضم القرم، بل راحت تدعم القوى الانفصالية أيضاً في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، التي تضم إقليمي دونيتسك ولوغانسك.

ذروة الخلاف 

الخلافات بين روسيا والغرب بشأن توسع حلف شمال الأطلسي قديمة، لكنها راحت تتفاقم منذ فتح الناتو آفاق عضويته لجورجيا وأوكرانيا في عام 2008. ومنذ ذلك الحين، لم يتوان بوتين عن إظهار استعداده للتحرك عسكرياً لإحباط هذه الأهداف، من حرب الأيام الخمسة في جورجيا وصولاً إلى ضم القرم ودعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا.

عام 2021 شهد تصعيداً ملحوظاً في التوتر بين كييف والغرب من جهة وروسيا من جهة أخرى، وتمظهر خصوصاً بالمناورات العسكرية المضادة في البحر الأسود. وبلغ التوتر ذروته بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2021، حين توالت التقارير بشأن حشد عسكري روسي غير عادي على الحدود مع أوكرانيا، فيما كان بوتين يندد بتنامي "القدرات العسكرية" لحلف شمال الأطلسي على الحدود الروسية، مطالباً بـ"ضمانات" لعدم توسيع الحلف شرقاً في بلد كان لقرون جزءاً من روسيا.

ألقت موسكو الكرة في ملعب الغرب، وأصدرت الخارجية الروسية بياناً عرضت فيه مطالبها الأمنية التفصيلية، فدعت حلف شمال الأطلسي لإلغاء بيانه الصادر عام 2008 بشأن انضمام أوكرانيا وجورجيا للحلف، وقالت إنه يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها تقديم تأكيدات ملزمة قانوناً بعدم نشر أسلحة حول روسيا يرى الكرملين أنها تشكل تهديداً صريحاً لأمن بلاده. لكن الغرب رفض مطالب الكرملين، مؤكداً سيادة أوكرانيا وحقها في اختيار الانتماء إلى تحالفات أمنية مثل الناتو.

بوتين يطلق الحرب

المحادثات بين روسيا والغرب بشأن نظام الأمن الأوروبي ومساعي المسؤولين الأوروبيين الذي تقاطروا إلى الكرملين لتبديد مخاوف موسكو، لم تنجح في إخماد غضب بوتين. وفي خطاب تلفزيوني مساء 21 فبراير 2022، اتهم بوتين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بتحويل أوكرانيا إلى مسرح حرب، وأعلن اعتراف بلاده رسمياً باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، آمراً قواته بدخولهما.

وتحت مسمى "عملية عسكرية خاصة"، أطلق الرئيس الروسي في 24 فبراير الحرب على أوكرانيا، متوعداً بنزع سلاحها وتطهيرها من "النازيين الجدد". وإثر ذلك، شنت القوات الروسية هجوماً عسكرياً واسعاً على أوكرانيا من الشمال والشرق والجنوب، فغزت الطائرات المقاتلة سماء البلاد وأمطرتها بصواريخها، فيما اقتحمت الدبابات الأراضي الأوكرانية وصولاً إلى حدود كييف لمحاولة السيطرة عليها.

دوت صفارات الإنذار في مختلف أنحاء أوكرانيا، وهرع السكان إلى محطات مترو الأنفاق للاحتماء من القصف، وبدأ آلاف النساء والأطفال رحلة الفرار من البلاد، فيما التحق الرجال بالخدمة العسكرية الإلزامية. أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي حاول كثيراً قبيل الحرب طمأنة مواطنيه مستبعداً حصولها، فخرج إلى وسط كييف حيث ظهر في فيديو مصور أكد فيه رسالة واضحة: "أنا هنا. لن نلقي أية أسلحة".

قضم مناطق إضافية

على رغم تفوقها العسكري، واجهت القوات الروسية مقاومة شرسة في مختلف أنحاء أوكرانيا ولاسيما في محيط كييف، مما أجبرها في أواخر مارس (آذار) على الانسحاب من شمال البلاد للتركيز على الجبهة الشرقية.

ونجحت موسكو في السيطرة على مدن استراتيجية عدة في جنوب وشرق أوكرانيا، أولها خيرسون جنوباً، المدينة المطلة على البحر الأسود ونهر دنيبر. ومنذ اليوم الأول للحرب، سارعت قوات موسكو للسيطرة على مدينة ماريوبول التي تمكنها من إنشاء جسر بري بين شبه جزيرة القرم ودونباس، لكنها لم تنجح في الاستيلاء عليها إلا بعد حصار استمر نحو شهرين.

محطة زابوريجيا النووية، المحطة النووية الأكبر في أوروبا، كانت أيضاً واحدة من الأهداف الرئيسة لروسيا، التي أعلنت السيطرة عليها رسمياً في أكتوبر (تشرين الأول). لكن موقع المحطة على خط الجبهة بين الطرفين، جعلها عرضة للصواريخ والقصف المتبادل، مما أثار شبح وقوع كارثة نووية كبرى شبيهة بكارثة تشيرنوبيل عام 1986.

وبعدما أعلنت روسيا سيطرتها على منطقة لوغانسك بأكملها في يوليو (تموز)، أعلن الانفصاليون الموالون لموسكو في كل من لوغانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون، عزمهم إجراء استفتاء بشأن الانضمام إلى روسيا. وهكذا كان، ليعلن بوتين في 30 سبتمبر رسمياً ضم هذه المناطق الأربع، مؤكداً أن قواته ستدافع بكل الوسائل عن أراضيها.

القوات الأوكرانية استطاعت من جهتها الوقوف بوجه الدب الروسي، فأجبرته مراراً وفي أكثر من جبهة على التراجع، لاسيما بعد استردادها نحو ألفي ميل مربع في منطقة خاركيف، في تطور دفع بوتين إلى إعلان التعبئة الجزئية لجنود احتياط الجيش الروسي، واستدعاء 300 ألف فرد إضافي للخدمة في الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا.

مسند أوكرانيا

الصمود الأوكراني في وجه الدب الروسي استند إلى دعامة صلبة هي الدول الغربية، التي  تجسد دعمها لكييف على أكثر من صعيد

دعم عسكري


ذخيرة وأسلحة وصواريخ وطائرات مسيرة ودبابات ثقيلة وأنظمة دفاع جوي

معلومات استخبارية

تدريب القوات الأوكرانية

دعم إنساني


استقبال اللاجئين الأوكرانيين

مساعدات غذائية وعينية للمدنيين

إرسال مئات المولدات الكهربائية لمواجهة انقطاع التيار

دعم اقتصادي


هبات وقروض مالية لصمود الاقتصاد الأوكراني


إرسال مئات المولدات الكهربائية لمواجهة انقطاع التيار

دعم سياسي


منح أوكرانيا صفة المرشح لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي

دعم دبلوماسي في المنظمات والمنتديات والمؤتمرات الدولية

بالتوازي، فرضت الدول الغربية عقوبات غير مسبوقة على موسكو، طاولت جميع قطاعاتها، سعياً لتجفيف مصادرها لتمويل الحرب.

قطاع الدفاع


حظر الصادارت التالية إلى روسيا:

المعدات والقطع التكنولوجية التي يمكن استخدامها في الصناعات العسكرية

محركات الطائرات المسيرة

الأسلحة

الذخيرة والمركبات العسكرية والمعدات شبه العسكرية

تجميد أصول وحظر سفر


8984 فرداً، بمن فيهم الرئيس الروسي ووزير الخارجية والقادة العسكريون ورجال الأعمال المرتبطون بالكرملين أو المعروفون بـ"الأوليغارشية"

8111 كياناً روسياً، بما فيها أحزاب ومصارف ووسائل إعلام وشركات في القطاع العسكري والصناعات الجوية والبحرية

عقوبات مالية


تجميد أصول المصرف المركزي الروسي وحظر التعاملات المالية معه

عزل مصارف روسية عدة عن نظام "سويفت" العالمي للتحويلات المالية

الحد من وصول روسيا إلى الأسواق المالية الغربية

حظر مدفوعات العملات المشفرة من محافظ روسية

عقوبات نفطية


حظر على استيراد منتجات النفط والفحم الروسية

تحديد سقف لسعر النفط الروسي المنقول بحراً

حظر تصدير المعدات والتكنولوجيا اللازمة لعمل مصافي النفط الروسية

حظر الاستثمارات الجديدة في قطاع النفط والتعدين الروسي

قطاع الإعلام


حظر وسائل الإعلام الروسية لمنع انتشار دعاية موسكو السياسية

المنتجات والخدمات


حظر تصدير السلع الفاخرة إلى روسيا

حظر استيراد الصلب والحديد والخشب والأسمنت والورق والبلاستيك من روسيا

حظر استيراد الذهب الروسي

حظر استيراد ثمار البحر والكحول والسجائر ومواد التجميل من روسيا

حظر بيع خدمات الهندسة والاتصالات والاستشارات والتسويق لروسيا

قطاع النقل


إغلاق المجال الجوي للدول الغربية أمام الطائرات الروسية

إغلاق مرافئ الدول الغربية أمام السفن الروسية

إغلاق البر أمام شركات الشحن الروسية

حظر نقل النفط الروسي إلى دول أخرى

حظر تصدير المعدات والقطع التكنولوجية في قطاعات الطيران والملاحة والفضاء إلى روسيا

عمال يزيلون شعار "ماكدونالدز" عن مطعم في موسكو بعدما أغلقت الشركة جميع فروعها في روسيا وباعتها لمستثمر روسي (أ ف ب)

عمال يزيلون شعار "ماكدونالدز" عن مطعم في موسكو بعدما أغلقت الشركة جميع فروعها في روسيا وباعتها لمستثمر روسي (أ ف ب)

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ خلال مؤتمر "منظمة شانغهاي للتعاون" في سبتمبر 2022 (أ ف ب)

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ خلال مؤتمر "منظمة شانغهاي للتعاون" في سبتمبر 2022 (أ ف ب)

روسيا تفك عزلتها

على وقع الحرب والعقوبات، هجرت العلامات التجارية الكبرى روسيا، على غرار "نايكي" و"ماكدونالدز" وعشرات غيرها، وتوقع الغرب أن تتسبب هذه القيود بشلل الاقتصاد الروسي، لكن هذا الأخير أبدى مرونة في التصدي لها، مما دفع بعضهم للاعتقاد بأن هذا النهج ليس كافياً لردع موسكو.

فقد رد الكرملين بعقوبات مضادة، شملت غلق خطوط أنابيب غاز "نورد ستريم" للضغط على أوروبا قبل الشتاء، كما فرض الدفع بالروبل في مقابل الغاز الروسي للدول "غير الصديقة"، علماً أن أوروبا كانت تعتمد على موسكو قبل الحرب في تغطية 27 في المئة من احتياجاتها النفطية، و40 في المئة من احتياجاتها من الغاز.

وفي مقابل المساعي الغربية لفرض عزلة دولية على روسيا، عمل الكرملين على تشكيل محور مناوئ يشمل جميع الدول المتضررة من العقوبات الغربية، بما فيها إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية وبيلاروس وميانمار، لتبدأ هذه الأطراف تعزيز التعاون في ما بينها على مختلف الأصعدة، عبر عمليات مقايضة وتبدلات تجارية غير مقومة بالدولار.

وفي وقت تزداد المنافسة الجيوسياسية بين واشنطن وبكين، وجدت الأخيرة في التحالف مع موسكو فرصة لمزيد من الضغط والتحدي للولايات المتحدة. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أقر نائب وزير الدفاع الأميركي للشؤون السياسية كولين كاهل، بتعميق العلاقات بين روسيا والصين قائلاً، "في حقيقة الأمر، فإنهما أكثر رغبة في الإشارة إلى أنهما يتجهان صوب التحالف وليس مجرد شراكة ظاهرية"، لافتاً إلى التدريبات العسكرية الروسية - الصينية المشتركة التي شارك فيها 50 ألفاً من جنود الدولتين لمدة أسبوع في سبتمبر.

تداعيات عالمية

جنباً إلى جنب مع جائحة فيروس كورونا، أدت حرب أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إلى أزمة غذاء عالمية وارتفاع أسعار الطاقة، إذ تمثل صادرات هذين البلدين مجتمعين من القمح ما يقرب من ربع الإمداد العالمي. وبحسب صندوق النقد الدولي، في تقرير صدر بأكتوبر 2022، فإن الاضطرابات التي سببتها حرب أوكرانيا لتدفقات الحبوب والأسمدة أدت إلى أسوأ أزمة للأمن الغذائي منذ تلك التي أعقبت الانهيار المالي العالمي 2007 -2008، إذ يواجه نحو 345 مليون شخص نقصاً يهدد حياتهم.

وعلى الإثر، بلغت مستويات التضخم أعلى درجاتها منذ عقود في مختلف أنحاء العالم، فارتفعت أسعار جميع السلع وانخفضت القدرة الشرائية للمواطنين، مما أدى إلى سلسلسة إضرابات وتحركات احتجاجية في دول عدة، لاسيما في أوروبا.

سياسياً وعسركياً، عززت الحرب وحدة الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي، ففيما كانت موسكو تزعم أنها شنت هجومها منعاً لتوسع الناتو شرقاً، فإن الحرب دفعت دولتين لطالما كانتا على الحياد إلى أحضان الحلف، هما السويد وفنلندا اللتان تقدمتا بطلب لنيل عضوية الناتو.

فضلاً عن ذلك، هجوم روسيا على أوكرانيا جعل ألمانيا تتخلى عن سياستها الخارجية والدفاعية التي صمدت لعقود بعد الحرب العالمية الثانية، التي قضت بالتريث في تعزيز قدراتها العسكرية. وفي ضوء الحرب، تخلت برلين عن حظر تصدير الأسلحة الفتاكة إلى مناطق النزاع، وباشرت دعم كييف عسكرياً. أما داخلياً، فكان التحول الكبير بإعلان المستشار الألماني أولاف شولتز دخول البلاد "حقبة جديدة" عبر تعزيز الاستثمار في القطاع الدفاعي ليتجاوز اثنين في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

خسائر هائلة

تتفاوت الأرقام بشأن عدد القتلى وضحايا الحرب، فوفقاً للتقارير الأميركية، بلغ عدد القتلى في صفوف القوات الروسية والأوكرانية نحو 100 ألف لكل منهما. وبحسب الجنرال مارك مايلي، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، فإن حوالى 40 ألف مدني لقوا حتفهم بعد أن حوصروا في الصراع، فيما راوح عدد اللاجئين بين 15 و30 مليوناً.

في المقابل وبحسب آخر تحديث نشرته موسكو في سبتمبر، فإن 5937 جندياً روسياً فقط قتلوا منذ بداية الصراع، كما نفى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو التقارير التي تتحدث عن ارتفاع عدد القتلى بشكل كبير.

وفي الجانب الأوكراني نقلت وسائل إعلام عن القائد العام للقوات المسلحة فاليري زالوجني في أغسطس (آب)، قوله إن تسعة آلاف جندي أوكراني قتلوا حتى الآن، مما يؤكد تفاوت الأرقام بشكل كبير بين مصدر وآخر.

الأمم المتحدة من جهتها لا تعتبر الأرقام الصادرة عن المتورطين في الصراع موثوقة. وسجل مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مقتل 7155 مدنياً حتى الخامس من فبراير 2023، بينهم 438 طفلاً، وإصابة 11662 شخصاً. ومع ذلك، قالت المفوضية إن الأعداد الحقيقية يمكن أن تكون أعلى.

أما بالنسبة إلى اللجوء، فقد تم تسجيل 7.8 مليون شخص كلاجئين من أوكرانيا في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك روسيا، لكن لا يشمل هذا الرقم أولئك الذين أجبروا على الفرار من منازلهم ولكنهم بقوا في أوكرانيا، حيث يقدر عدد النازحين داخلياً بـ18 مليون شخص. ووفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أصبح نحو 18 مليون شخص، أي 40 في المئة من سكان أوكرانيا، بحاجة إلى مساعدات إنسانية.

تسببت الحرب بدمار هائل في أوكرانيا
بلغت كلفته حتى ديسمبر 2022

137.8 مليار دولار*

دمار المباني السكنية

54 مليار دولار

دمار البنى التحتية

35.6 مليار دولار

دمار أصول الشركات والصناعات

13 مليار دولار

تقدر كلفة إعادة الإعمار والتعافي في أوكرانيا

349 مليار دولار**

*بحسب تقديرات "Kyiv School of Economics"
** بحسب تقييم مشترك للحكومة الأوكرانية والمفوضية الأوروبية والبنك الدولي

لا منتصر في الحرب

بعد مرور عام على الحرب، يتفق مراقبون أنه لا يوجد منتصرون، فيما يخشى آخرون من لجوء بوتين إلى الأسلحة النووية التي ستنتهي بكارثة على الجميع، بحسب راميش ثاكور، المساعد السابق لأمانة الأمم المتحدة والأستاذ لدى كلية كروفورد للسياسة العامة في الجامعة الوطنية الأسترالية. لكن حتى الآن، تبقى جميع الأطراف حريصة للغاية على تجنب أي صدام مباشر بين روسيا والناتو لتجنب السيناريو النووي.

ويقول ويليام كورتني وبيتر ويلسون، من مؤسسة "راند" الأميركية للأبحاث، إنه لا علامات على انتهاء الحرب حالياً، إذ يبدو أن الغرب سيواصل دعم القوات الأوكرانية بالأسلحة والمعلومات الاستخبارية، فيما يمكن أن تؤدي التعبئة الروسية لمزيد من المجندين، حتى لو كانوا سيئي التدريب والتجهيزات، إلى تعزيز الدفاعات الروسية. وبذلك، قد يكون المسرح مهيأ لحرب استنزاف طويلة، لكن ذلك لا يمنع المواقف الطارئة التي تبدو غير مرجحة ولكنها قد تنهي الحرب في وقت مبكر.

في الأثناء، وفي ظل تمسك روسيا بالتفاوض على أساس الأمر الواقع باعتبار المناطق التي سيطرت عليها منذ فبراير 2022 أراض روسية، في مقابل إصرار أوكرانيا على تأكيد سيادتها على هذه الأراضي والمطالبة بالانسحاب الكامل للقوات الروسية منها قبل أي تفاوض، لا تلوح في الأفق أية نهاية قريبة للنزاع.

كتابة
إنجي مجدي

إعداد
إيليانا داغر

التنفيذ والغرافيك
نوف الحربي
عمر المصري
مريم الرويغ

الإشراف على التنفيذ
نوف الحربي

رئيس التحرير
عضوان الأحمري