سلسلة حروب الألفية

الحروب الروسية

حرب جورجيا

الحرب الخاطفة

"8 أغسطس (آب) كان بالنسبة لنا تقريباً بمثابة 11 سبتمبر (أيلول) بالنسبة للولايات المتحدة. لقد استخلصت الولايات المتحدة والإنسانية جمعاء دروساً عدة من 11 سبتمبر 2001. وأود أن أرى 8 أغسطس 2008 يُنتج عدداً من الدروس المفيدة أيضاً".

الرئيس الروسي دميتري مدفيديف
في خطاب أمام "منتدى فالداي" في 12 سبتمبر 2008

"8 أغسطس (آب) كان بالنسبة لنا تقريباً بمثابة 11 سبتمبر (أيلول) بالنسبة للولايات المتحدة. لقد استخلصت الولايات المتحدة والإنسانية جمعاء دروساً عدة من 11 سبتمبر 2001. وأود أن أرى 8 أغسطس 2008 يُنتج عدداً من الدروس المفيدة أيضاً".

الرئيس الروسي دميتري مدفيديف
في خطاب أمام "منتدى فالداي" في 12 سبتمبر 2008

الثامن من أغسطس 2008، تاريخ أحيا ذكريات أوروبا المريرة معيداً الحرب إلى أراضيها للمرة الأولى في القرن الحادي والعشرين. تاريخ أيقظ الدب الروسي من سباته، ليؤشر انطلاقاً من جورجيا، إلى بداية حقبة جديدة في العلاقات الدولية.



حرب جورجيا
في نقاط

استقلال الأمر الواقع

استقلال جورجيا عن الاتحاد السوفياتي في خضمّ انهياره عام 1991، لم يرُق لسكان منطقتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، اللتين تضمان مجموعات عرقية متميزة وكانتا تتمتعان بحكم ذاتي تحت المظلة السوفياتية.

وخشية أن تخسرا امتيازاتهما، أعلنت كل من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا استقلالها، وشنّت الحركات الانفصالية الموالية لروسيا فيهما تمرّداً مسلحاً ضدّ السلطات الجورجية.

وبعد صراع دموي في هاتين المنطقتين اللتين تشكلان معاً حوالى 20 في المئة من مساحة جورجيا، وقّع المتنازعون اتفاقاً لوقف إطلاق النار في أوسيتيا الجنوبية في 24 يونيو (حزيران) 1992، نصّ على إنشاء قوة لحفظ السلام ثلاثية الأطراف، مؤلفة من كتائب روسية وأوسيتية وجورجية.

وبعد نحو عام، توصّل المتنازعون إلى اتفاق آخر بشأن أبخازيا في 27 يوليو (تموز) 1993، أنشئت بموجبه مجموعة ثلاثية روسية وأبخازية وجورجية لمراقبة وقف إطلاق النار، فضلاً عن بعثة مراقبي الأمم المتحدة في جورجيا التي أنشأها مجلس الأمن الدولي.

وهكذا، وبدعم من موسكو، حصلت كل من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، باستثناء بعض المناطق، على استقلال الأمر الواقع عن جورجيا، كما حصل العديد من سكانهما على جوازات سفر روسية، تمنح الكرملين حجّةً عند الحاجة للتدخل بغية "حمايتهم".

"ثورة الورود"

نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، حمل إلى جورجيا رياح التغيير مع "ثورة الورود"، التي أطاحت نظام الرئيس إدوارد شيفردنادزه المدعوم من موسكو، بعد 20 يوماً من الاحتجاجات السلمية في ميدان الحرية في العاصمة تبليسي، انتهت بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية فاز فيها زعيم المعارضة ميخائيل ساكاشفيلي المدعوم غربياً، لتبدأ منذ ذلك الحين حقبة التوترات مع روسيا.

في 2 نوفمبر 2003، اقترع الجورجيون في انتخابات برلمانية مصيرية، لكن البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات قالت إن الاستحقاق افتقر للمعايير الديمقراطية.

رفضت المعارضة بزعامة ميخائيل ساكاشفيلي نتائج الانتخابات، وأعلنت فوزها فيها استناداً إلى استطلاعات رأي مستقلة.

دعت أحزاب المعارضة إلى عصيان مدني واحتجاجات للمطالبة باستقالة الرئيس إدوارد شيفردنادزه وإعادة إجراء الانتخابات.

الاحتجاجات التي بدأت في 3 نوفمبر، بلغت ذروتها في 23 من الشهر نفسه، حين عقد الرئيس شيفردنادزه جلسة لافتتاح الدورة البرلمانية.

بقيادة ساكاشفيلي، اقتحم محتجون يحملون الورود الجلسة، وأجبروا الرئيس شيفردنادزه على الفرار برفقة حراسه.

بعد الواقعة، أعلن الرئيس حالة الطوارئ واستدعى القوات الأمنية إلى مقره، لكن وحدات النخبة العسكرية رفضت دعمه.

وبعد اجتماع مع قادة المعارضة نظمه وزير الخارجية الروسي، أعلن الرئيس إدوارد شيفردنادزه استقالته في الليلة نفسها.
وبذلك، عمّت الاحتفالات مدن جورجيا والعاصمة تبليسي، على وقع المفرقعات النارية والحفلات الموسيقية.

"رؤوس ساخنة"

منذ أبريل (نيسان) 2008، راحت العلاقات بين جورجيا وروسيا تتدهور أكثر فأكثر، لا سيما بعدما اتهمت تبليسي موسكو بالسعي لضم أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، عقب أمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإقامة علاقات رسمية مع المنطقتين الانفصاليتين. كما عزّزت روسيا حضورها العسكري في المنطقتين، متهمةً جورجيا بحشد قواتها استعداداً لـ"غزو" أبخازيا، ومتوعدةً إياها بالرد.

واعتباراً من يوليو (تموز)، بدأ التصعيد يأخذ منحى أكثر عنفاً، إذ قتلَ تفجيرٌ في الثالث من الشهر مسؤولاً في ميليشيات انفصالية بأوسيتيا الجنوبية، أعقبته بعد ساعات محاولة اغتيال دمتري ساناكوييف، زعيم السلطة المحلية المدعوم من جورجيا. وفي السابع من يوليو، اعتقل انفصاليون أربعة جنود جورجيين. وبعدما أمرت تبليسي قوى الأمن بتحريرهم، اخترقت أربع مقاتلات روسية الأجواء الجورجية فوق أوسيتيا الجنوبية لـ"تبريد الرؤوس الساخنة في تبليسي"، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الروسية، معترفةً للمرة الأولى باختراق أجواء جورجيا، ما دفع هذه الأخيرة إلى استدعاء سفيرها لدى موسكو.

وبحلول أغسطس، ازدادت وتيرة إطلاق النار بين انفصاليي أوسيتيا الجنوبية والقوات الجورجية، وراحت سلطات المنطقة تجلي المدنيين إلى روسيا. ومع اندلاع الاشتباكات على طول خط الجبهة، أعلن الرئيس الجورجي ساكاشفيلي هدنة أحادية الجانب في مساء السابع من أغسطس، غير أن الانفصاليين واصلوا إطلاق النار وقصف القرى الجورجية.

تنفيذ السلام

هجمات الانفصاليين المستمرة دفعت الحكومة الجورجية إلى إرسال قواتها إلى أوسيتيا الجنوبية قبيل منتصف ليل 7 أغسطس، بغية "استرجاع النظام دستورياً" في المنطقة بأكملها. وفي غضون ساعات قليلة، استولى الجورجيون على معظم أجزاء تسخينفالي، عاصمة المنطقة.

إثر ذلك، طلبت سلطات أوسيتيا الجنوبية الانفصالية مساعدة روسيا لمنع "إبادة جماعية"، قائلةً إن تسخينفالي تتعرض لـ"النيران الأكثر ترويعاً". فما كان من موسكو إلا أن شنّت هجوماً برياً وجوياً وبحرياً على جورجيا في 8 أغسطس، تحت شعار "تنفيذ السلام".

وبالتوازي مع المعارك في أوسيتيا، فتحت روسيا وأبخازيا جبهة أخرى لطرد القوات الجورجية من وادي كودوري، آخر منطقة خاضعة لسلطات تبليسي في أبخازيا. فحاصرت القوات البحرية الروسية جزءاً من الساحل الجورجي، وهاجمت القوات الجوية أهدافاً خلف منطقة النزاع.

وخلال خمسة أيام فقط، اضطرت القوات الجورجية إلى الانسحاب من المنطقتين، وانتهت الحرب باتفاق لوقف إطلاق النار أبرمه المتنازعون في 12 أغسطس، برعاية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.

وواصل الطرفان تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن اندلاع الحرب، إذ أصرت جورجيا على أنها أطلقت عمليتها العسكرية في أوسيتيا الجنوبية بعدما عبر جنود روس الحدود بصورة غير شرعية ودخلوا إلى منطقة النزاع عبر قناة روكي بحلول السابع من أغسطس، فيما تنفي موسكو هذه المزاعم وتؤكد أن قواتها لم تدخل أوسيتيا الجنوبية قبل الهجوم الجورجي في الثامن من أغسطس.

روسيا تمضي قدماً

التقدم الميداني لم يكن كافياً بالنسبة لروسيا، التي كانت حرب جورجيا بالنسبة لها أكثر من مجرد قضية إنسانية لمجموعات عرقية. إذ ما كادت البنادق تخمد نيرانها، حتى اعترفت روسيا في 26 أغسطس باستقلال كل من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، في خطوة دانها المجتمع الدولي، وأرادت موسكو من خلالها قطع الطريق أمام انضمام جورجيا إلى حلف شمال الأطلسي.

وفيما ردت تبليسي بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع موسكو، لم تشهد علاقات روسيا مع المجتمع الدولي إثر هذه الحرب أي ضرر.

حرب الأيام الخمسة بين روسيا وجورجيا

قُتل فيها نحو 850 شخصاً ونزح أكثر من 100 ألف وفق تقرير مستقل لتقصي الحقائق صدر عام 2009 بناءً على تكليف من الاتحاد الأوروبي

حرب أوكرانيا

طيف حرب عالمية ثالثة

"أوكرانيا ليست مجرد دولة مجاورة لنا، فهي جزء لا يتجزأ من تاريخنا وثقافتنا وفضائنا المعنوي. هؤلاء ليسوا رفاقنا وأقاربنا وزملائنا وأصدقاءنا فحسب، بل هم أيضًا أقاربنا، تربطنا معهم صلة الدم وروابط عائلية".

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
من خطاب أعلن فيه استقلال لوغانسك ودونيتسك في 21 فبراير 2022

"ثورة" أو "انقلاب".

انفصاليون ومعارك عسكرية.

مزاعم اضطهاد وإبادة جماعية.

استفتاءات وجمهوريات "مستقلة" بحكم الأمر الواقع.

مناورات عسكرية، أمن روسيا وخطر توسع حلف شمال الأطلسي.

سيناريو جورجيا نفسه يتكرر في أوكرانيا بعد 14 عاماً، يعلوه مصطلح إضافي: "النازيون الجدد".

هكذا انطلقت أكبر حروب أوروبا في القرن الواحد والعشرين، حاملةً في طياتها براعم حرب عالمية ثالثة، تقليدية أو باردة، أو الاثنين معاً.

22 فبراير 2014

البرلمان الأوكراني يعزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش بعد احتجاجات دامية والأخير يفر إلى روسيا

18 مارس 2014

روسيا تعلن ضم شبه جزيرة القرم

21 فبراير 2022

روسيا تعترف باستقلال منطقتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين في شرق أوكرانيا وتدخلهما عسكرياً

24 فبراير 2022

روسيا تشن هجوماً عسكرياً على أوكرانيا من ثلاث جبهات

28 فبراير

موسكو وكييف تبدآن مفاوضات سلام على الحدود البيلاروسية – الأوكرانية

2 مارس 2022

روسيا تسيطر على مدينة خيرسون المطلة على البحر الأسود وتبدأ حصار مدينة ماريوبول

25 مارس 2022

روسيا تعلن تقليص عملياتها في الشمال وبمحيط كييف للتركيز على شرق أوكرانيا

3 أبريل 2022

أوكرانيا تعثر على مقابر جماعية في بوتشا وتتهم روسيا بجرائم حرب وموسكو تنفي

18 أبريل 2022

روسيا تطلق هجوماً واسعاً للسيطرة على منطقة دونباس بشرق أوكرانيا

21 أبريل 2022

روسيا تعلن "تحرير" ماريوبول بعد شهرين من الحصار وتحصن مئات المقاتلين في مصنع آزوفستال للصلب

18 مايو 2022

فنلندا والسويد تتقدمان بطلب رسمي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي

3 يوليو 2022

روسيا تعلن السيطرة على منطقة لوغانسك بالكامل

30 سبتمبر

روسيا تضمّ رسمياً أربع مناطق أوكرانية، لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا، في خطوة رفضها الغرب

"ثورة" أو "انقلاب".

انفصاليون ومعارك عسكرية.

مزاعم اضطهاد وإبادة جماعية.

استفتاءات وجمهوريات "مستقلة" بحكم الأمر الواقع.

مناورات عسكرية، أمن روسيا وخطر توسع حلف شمال الأطلسي.

سيناريو جورجيا نفسه يتكرر في أوكرانيا بعد 14 عاماً، يعلوه مصطلح إضافي: "النازيون الجدد".

هكذا انطلقت أكبر حروب أوروبا في القرن الواحد والعشرين، حاملةً في طياتها براعم حرب عالمية ثالثة، تقليدية أو باردة، أو الاثنين معاً.

22 فبراير 2014

البرلمان الأوكراني يعزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش بعد احتجاجات دامية والأخير يفر إلى روسيا

18 مارس 2014

روسيا تعلن ضم شبه جزيرة القرم

21 فبراير 2022

روسيا تعترف باستقلال منطقتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين في شرق أوكرانيا وتدخلهما عسكرياً

24 فبراير 2022

روسيا تشن هجوماً عسكرياً على أوكرانيا من ثلاث جبهات

28 فبراير

موسكو وكييف تبدآن مفاوضات سلام على الحدود البيلاروسية – الأوكرانية

2 مارس 2022

روسيا تسيطر على مدينة خيرسون المطلة على البحر الأسود وتبدأ حصار مدينة ماريوبول

25 مارس 2022

روسيا تعلن تقليص عملياتها في الشمال وبمحيط كييف للتركيز على شرق أوكرانيا

3 أبريل 2022

أوكرانيا تعثر على مقابر جماعية في بوتشا وتتهم روسيا بجرائم حرب وموسكو تنفي

18 أبريل 2022

روسيا تطلق هجوماً واسعاً للسيطرة على منطقة دونباس بشرق أوكرانيا

21 أبريل 2022

روسيا تعلن "تحرير" ماريوبول بعد شهرين من الحصار وتحصن مئات المقاتلين في مصنع آزوفستال للصلب

18 مايو 2022

فنلندا والسويد تتقدمان بطلب رسمي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي

3 يوليو 2022

روسيا تعلن السيطرة على منطقة لوغانسك بالكامل

30 سبتمبر

روسيا تضمّ رسمياً أربع مناطق أوكرانية، لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا، في خطوة رفضها الغرب

Honour guards hold documents during a ceremony formally annexing four regions of Ukraine Russian troops occupy - Lugansk, Donetsk, Kherson and Zaporizhzhia, at the Kremlin in Moscow on September 30, 2022. Mikhail METZEL / SPUTNIK / AFP

ضم شبه جزيرة القرم

الروابط التاريخية والجغرافية مع روسيا لم تشبع تطلعات الشعب الأوكراني، فراح يصبو منذ بداية الألفية الثالثة إلى الاتحاد الأوروبي. وفي 22 فبراير (شباط) 2014، نجحت "ثورة الميدان الأوروبي" في كييف بإطاحة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، الذي فر إلى روسيا على وقع العنف الدامي بين المحتجين وقوى الأمن.

رفضت موسكو إسقاط حليفها في ما اعتبرته "انقلاباً" غير شرعي، وفي تلك الساعة قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إعادة شبه جزيرة القرم إلى بلاده. وفي 27 فبراير، استولى مسلحون مجهولون على مقر البرلمان في الجزيرة، ليتبين لاحقاً أنهم من القوات الخاصة الروسية. وبرئاسة سيرغي أكسيونوف، تم تنصيب حكومة موالية لموسكو، أجرت استفتاء حول وضع الجزيرة وأعلنت استقلالها في 16 مارس (آذار). وبعد يومين، أعلنت روسيا ضم شبه جزيرة القرم، في خطوة شجبتها أوكرانيا والمجتمع الدولي، الذي رد بفرض عقوبات على موسكو.

وفي دونباس، المنطقة التي الواقعة في شرق أوكرانيا وتضم إقليمي لوغانسك ودونيتسك اللذين تسكنهما أكثرية ناطقة بالروسية، تحولت الاحتجاجات المناهضة لسلطات كييف الجديدة إلى موجة عنف سرعان ما تحولت إلى نزاع مسلح مستمر بين القوات الانفصالية المدعومة من روسيا من جهة، والقوات الأوكرانية من جهة أخرى، من دون أن تنجح اتفاقات عديدة لوقف إطلاق النار في وضع حد للمواجهات التي استمرت سنة تلو الأخرى.

"استقلال" لوغانسك ودونيتسك

عام 2021، بدأت بوادر الحرب تلوح في الأفق، ففيما كثفت كييف مساعيها لتوثيق علاقاتها بحلف شمال الأطلسي، وسعت روسيا مناوراتها العسكرية على حدود أوكرانيا الشرقية والجنوبية، لتشمل أيضاً حدودها الشمالية عبر تدريبات مشتركة مع بيلاروس، في خطوات حذر الغرب من أنها تمهد لغزو روسي لأوكرانيا.

وراحت موسكو تتهم كييف بالسعي لامتلاك سلاح نووي، وبإيواء قوات عسكرية للـ"ناتو" تهدد الأمن القومي الروسي. وعلى الرغم من المحادثات بشأن نظام الأمن الأوروبي وزيارات الزعماء الأوروبيين المكوكية للكرملين مطلع 2022، لم ينجح الغرب في طمأنة مخاوف روسيا أو ثنيها عن الخيار العسكري، رافضاً التعهد بعدم ضم أوكرانيا للحلف.

وفي 21 فبراير، وبعد تبادل الاتهامات بين موسكو وكييف بشأن حوادث أمنية عند الحدود وفي منطقة دونباس الانفصالية، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتراف بلاده رسمياً باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، آمراً قواته بدخول هاتين المنطقتين لأن "الحل فقط عبر الهجوم العسكري على دونباس".

الغزو الشامل

"المشكلة هي أنه في الأراضي المجاورة لنا، في أراضينا التاريخية، يتم إنشاء كيان مناهض لروسيا، والذي تم وضعه تحت السيطرة الخارجية الكاملة، ويتم تعزيزه بشكل مكثف من قبل القوات المسلحة من دول الناتو ويتم منحه أحدث الأسلحة. بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، هذه هي سياسة احتواء روسيا، وهي تمنحهم مكاسب جيوسياسية واضحة. وبالنسبة لبلدنا، هذه في النهاية مسألة حياة أو موت، وهي مسألة مستقبلنا التاريخي كشعب، هذا تهديد حقيقي ليس فقط لمصالحنا، ولكن لوجود دولتنا وسيادتها".

بهذه العبارات، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير 2022، تحت مسمى "عملية عسكرية خاصة" هدفها "حماية السكان الذين تعرضوا للتنمر والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف"، و"نزع سلاح أوكرانيا" وتطهيرها من "النازيين الجدد".

وبذلك، شنت القوات الروسية هجوماً برياً وبحرياً وجوياً على أوكرانيا شمالاً وجنوباً وشرقاً، مستهدفةً أولاً القواعد العسكرية والمواقع الاستراتيجية لتسمع صفارات الإنذار في مختلف أنحاء البلاد، وصولاً إلى مدينة لفيف غرباً.

صمود كييف

مع انطلاق الهجوم الروسي، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحكام العرفية في البلاد، وأمر بالتعبئة العامة وحظر سفر الرجال بين 18 و60 عاماً لمواجهة "الغزاة".

وعلى وقع القصف العنيف، راحت القوات الروسية تتقدم من الشرق والشمال والجنوب، مسيطرة على عدد من المدن والأهداف الاستراتيجية، بما في ذلك جزيرة الثعبان في البحر الأسود. وفيما كانت القوات الروسية تقترب من العاصمة لتطويقها، تسارعت وتيرة إجلاء المدنيين .

وفي خضم المعارك العسكرية، شرعت موسكو وكييف في 28 فبراير، في مفاوضات سلام على الحدود البيلاروسية– الأوكرانية، أثمرت في جولتها الثانية في الثالث من مارس، عن اتفاق لفتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين. وعلى الرغم من إصرار الرئيس الأوكراني على إجراء محادثات مباشرة مع نظيره الروسي لإنهاء الحرب، فإن الكرملين رفض ذلك متمسكاً بإبرام اتفاق قبل أي لقاء بين زيلينسكي وبوتين.

وعلى الرغم من تفوقها العسكري، اصطدمت القوات الروسية بمقاومة أوكرانية صلبة، أجبرتها على التراجع من محيط كييف. وإثر جلسة مفاوضات في إسطنبول في 29 مارس، أعلنت روسيا أنها "سـتخفف حدة العمليات العسكرية" في مدينتي كييف وتشيرنيهيف.

وبعد انسحابها من شمال البلاد، كانت المشاهد صادمة في مدينة بوتشا بمحيط العاصمة، حيث عثر على مئات الجثث في الشوارع ومقابر جماعية لمدنيين. اتهمت أوكرانيا القوات الروسية بارتكاب مجزرة في هذه المدينة، وأرسلت دول غربية عدة خبراء لمساندة فرق التحقيق في جمع أدلة على ارتكاب "جرائم حرب"، وهو الأمر الذي نفته موسكو باستمرار.

جندي في القوات المسلحة الأوكرانية ينتقل إلى موقعه في منطقة لوغانسك (أ ف ب)

جندي في القوات المسلحة الأوكرانية ينتقل إلى موقعه في منطقة لوغانسك (أ ف ب)

مقبرة جماعية في مدينة بوتشا (أ ف ب)

مقبرة جماعية في مدينة بوتشا (أ ف ب)

حصار ماريوبول

فشل روسيا في تحقيق مكاسب عسكرية شاملة وخاطفة في الأراضي الأوكرانية وتكبدها خسائر فادحة، دفعها أخيراً إلى تركيز هجومها على شرق البلاد، حيث شددت حصارها على مدينة ماريوبول التي تمكنها من إنشاء جسر بري بين شبه جزيرة القرم ودونباس.

وكانت القوات الروسية قد بدأت باستهداف ماريوبول منذ اليوم الأول لحربها ضد أوكرانيا، وحاصرت فيها آلاف المدنيين الذين حرموا من المياه والكهرباء. وفيما كانت موسكو تكثف هجومها على المدينة، رفض الأوكرانيون الاستسلام وسعوا إلى مواصلة عمليات الإجلاء التي تعثرت مراراً بسبب الهجمات.

وعلى الرغم من المقاومة، أعلنت روسيا في 21 أبريل (نيسان) السيطرة على المدينة، فيما ظل عدد من القوات الأوكرانية والمدنيين محاصرين في مجمع آزوفستال الصناعي في ماريوبول، الذي يمتد على مساحة أربعة أميال مربعة ويضم أنفاقاً ومخابئ. غير أن بوتين أمر جنوده بعدم اقتحام المصنع، وبدلاً من ذلك وجه بإغلاق الميناء حتى لا يمر من خلاله كائن من كان.

وفي ضوء المساعي الأوكرانية والغربية الحثيثة، تمكنت كييف في الأسبوع الأول من مايو (أيار)، من إجلاء المدنيين من المجمع بعد التوصل إلى اتفاق مع موسكو لإجراء العمليات بإشراف ومساعدة الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، فيما ظل في المصنع مقاتلون أوكرانيون محاصرون بينهم عشرات الجرحى، تمكنت كييف لاحقاً من الشروع بإجلائهم.

الهروب إلى الأمام

الدعم الغربي لأوكرانيا عسكرياً ولوجيستياً من الصواريخ إلى الطائرات المسيرة والمعلومات الاستخباراتية، مقابل رزوح روسيا تحت ثقل العقوبات الغربية وإنهاك قواتها بفعل المعارك المستمرة والخسائر الجسيمة، عوامل أدت إلى تغيير في المشهدية.

فبحلول سبتمبر (أيلول) شنت أوكرانيا هجوماً عسكرياً مضاداً على أكثر من جبهة في شرق وجنوب البلاد، حققت فيه نجاحات كاسحة محررة أكثر من تسعة آلاف كيلومتر من الأراضي من قبضة الروس.

وتحت وطأة الضغوط لجأ الرئيس الروسي إلى التصعيد، وأعلن التعبئة الجزئية لحشد 300 ألف جندي، وهو قرار دفع آلاف الروس إلى التوجه إلى بلدان مجاورة، هرباً من الموت والقتل.

لم يكتف بوتين بذلك، بل مضى قدماً في تحدي كييف والعالم. وفي 30 سبتمبر أعلن رسمياً ضم لوغانسك ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون إلى روسيا، متسلحاً باستفتاءات أجريت على عجلة في هذه المناطق، ومؤكداً أن قواته ستدافع بكل الوسائل عن أراضيها.

دانت أوكرانيا والدول الغربية القرار الروسي باعتباره مخالفاً للقانون الدولي ولا يرتب أي مفاعيل شرعية، وردت عليه كييف بتوقيع طلب عاجل للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

"الخناق" الغربي

الحرب على أوكرانيا أحيت الذعر الأوروبي من "الدب" الروسي وتهديداته، فجاء الرد الغربي بحزم عقوبات قاسية ومتلاحقة استهدفت شرايين الاقتصاد الروسي من التجارة والمصارف والنفط والشركات الخاصة والعامة والأفراد والمسؤولين السياسيين.

عسكرياً، كثفت الدول الغربية دعمها لأوكرانيا بإمدادها بالسلاح الدفاعي، من دون تزويدها بسلاح هجومي ثقيل كالطائرات. ونقطة التحول التاريخية حصلت في ألمانيا، إذ تراجعت عن سياستها المعتمدة لسنوات بحظر تصدير أسلحة فتاكة إلى مناطق نزاعات، لتمد كييف بالصواريخ. وعلى الرغم من دعوات أوكرانيا المتكررة لفرض منطقة حظر طيران فوق أراضيها، فإن حلف شمال الأطلسي رفض ذلك لعدم الدخول في صراع مباشر مع روسيا.

وأحدث الهجوم الروسي على أوكرانيا تغييرات جذرية في أوروبا، إذ دفع الحلفاء إلى رص صفوفهم، وفنلندا والسويد إلى التقدم بطلب رسمي لعضوية الـ"ناتو"، لتنهي هاتان الدولتان عقوداً من عدم الانحياز العسكري.

مصنع آزوفستال للصلب في مدينة ماريوبول وسط العملية العسكرية الروسية (أ ف ب)

مصنع آزوفستال للصلب في مدينة ماريوبول وسط العملية العسكرية الروسية (أ ف ب)

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتوسّط الزعماء الانفصاليين لكل من خيرسون وزابوريجيا ودونيتسك ولوغانسك بعد توقيع معاهدات ضمّ هذه المناطق الأوكرانية إلى روسيا خلال احتفال بالكرملين في 30 سبتمبر 2022 (أ ف ب)

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتوسّط الزعماء الانفصاليين لكل من خيرسون وزابوريجيا ودونيتسك ولوغانسك بعد توقيع معاهدات ضمّ هذه المناطق الأوكرانية إلى روسيا خلال احتفال بالكرملين في 30 سبتمبر 2022 (أ ف ب)

اجتماع دول مجموعة السبع (أ ف ب)

اجتماع دول مجموعة السبع (أ ف ب)

إجراءات مالية:

تجميد أصول المصرفي المركزي الروسي و630 مليار دولار من الاحتياطات الأجنبية الروسية

حظر التعاملات المالية مع البنك المركزي ووزارة المالية وصندوق الثروة السيادي لروسيا

حظر بنوك روسية كبرى من نظام "سويفت" العالمي للمدفوعات

جمدت بريطانيا أصول البنوك الروسية جميعها واستبعدت كبراها من نظامها المالي ومنعت الشركات والحكومة الروسية من الحصول على أموال من الأسواق البريطانية

النفط الروسي

الولايات المتحدة تحظر جميع واردات النفط والغاز الروسي

بريطانيا تتخلى عن واردات النفط الروسي تدريجياً حتى نهاية 2022

ألمانيا تعلق العمل بخط "نورد ستريم 2" لتصدير الغاز الروسي

الاتحاد الأوروبي يحظر نحو 90 في المئة من واردات النفط الروسي بحلول نهاية 2022

الأفراد

عقوبات على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف وسياسيين آخرين

استهداف الأوليغارشيين الروس المقربين من الكرملين وتجميد أصولهم ومصادرتها

التجارة

حظر بيع قطع غيار الطائرات للشركات الروسية

حظر تصدير السلع ذات التقنية العالية والسلع التي يمكن استخدامها في صناعات عسكرية

إغلاق المجال الجوي لأميركا وبريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي وسويسرا أمام الرحلات الروسية

بريطانيا والاتحاد الأوروبي حظرا تصدير السلع الفاخرة إلى روسيا بما في ذلك السيارات

آلاف الشركات العالمية الكبرى غادرت روسيا أو علقت أعمالها فيها، مثل "كوكا كولا" و"ستاربكس" و"ماكدونالدز"

حظرت روسيا تصدير أكثر من 200 سلعة

منع الشركات الروسية من دفع أرباح للمستثمرين الأجانب

تعليق دفع الفوائد للأجانب من حاملي السندات الروسية

كتابة وإعداد
إيليانا داغر

التنفيذ والغرافيك
عمر المصري

الإشراف على التنفيذ
نوف الحربي

رئيس التحرير
عضوان الأحمري