أنظمة الحكم في العالم

"الدول الفقيرة ليست فقيرة في الموارد، بل فقيرة لأنها تفتقد المؤسسات السياسية الفعالة، لذلك نحتاج دوماً إلى فهم كيفية ظهور تلك المؤسسات وتطورها، وكيف بلغ بلد ما شكله السياسي الحالي، وظلت بلدان أخرى بشكلها الحالي أيضاً... من لا يعرف سوى بلد واحد يجهل البلدان كلها".

عودة في التاريخ

في المجتمعات البدوية الإنسانية الأولى وفي العصور القديمة والوسطى، لم تكن الدولة موجودة بمفهومها الحديث الذي نعرفه اليوم، غير أن الإنسان سعى منذ البدء لفهم نظام الوجود والظواهر الطبيعية وكيفية عمل الأشياء من حوله وعلاقتها ببعضها، فأنشأ أنظمة لإدارة مجتمعاته راحت تتطور مع الوقت، من الممالك إلى الإمبراطوريات التي تحاربت وتحالفت وأبرمت المعاهدات.

وعبر مئات السنين تعددت أنواع أنظمة الحكم وتمايزت أشكالها من حيث عدد الأشخاص الموجودين في السلطة السياسية، ومقدار السلطة التي يمارسها هؤلاء، وكيفية انتقال السلطة بين الأجيال. ويرجع كثيرون الفضل في تقديم أولى الدراسات حول أشكال الحكم، إلى الإغريق ومفكريهم.

أرسطو مثلاً، وضع أحد التصنيفات المبكرة لأشكال الحكم، فصنف الحكومات ضمن مجموعتين أساسيتين: العفيفة والقذرة. المجموعة الأولى تضمنت الملكية، والأرستقراطية (أي حكم النبلاء) والديمقراطية. أما المجموعة الثانية فشملت الحكومات الاستبدادية، وحكم القلة، وحكم الغوغاء. وفي كتابه "السياسة"، اعتبر أرسطو أن هناك صلة وثيقة بين شكل الحكومة وحال المجتمع الاقتصادية والذهنية والخلقية التي دعيت الحكومة لإدارتها.

حديثاً، ظهرت أولى المعاني لـ"النظام السياسي" بشكله الحالي في القرن الثامن عشر، حين ارتبطت بدايات التفكير فيه بمسألة "نشأة السلطة" في أشكالها البدائية الأولى وكيف تطورت، وقد كان الأكثر إسهاماً في هذا المجال كتاب "نظريات العقد الاجتماعي". وفي كتابه "روح القوانين" الصادر سنة 1748، قدم مونتسكيو أول معالجة للمعنى الأقرب لمفهوم النظام السياسي الذي نعرفه اليوم، حين تحدث عن الفصل بين السلطات.

وما بين منتصف القرن التاسع عشر والقرن العشرين، تنوعت الأفكار والرؤى المتعلقة بأنظمة الحكم، لكن لم يبدأ التفكير في مفهوم النظام السياسي أو النظام العالمي بطريقة حديثة إلا في خمسينيات القرن العشرين مع تبلور العلوم السياسية. وعلى مدار العقود والقرون الأخيرة، قسم علماء السياسة أنواع أنظمة الحكم، وبات التمييز بينها قائماً على مجموعة من التقسيمات، كمن يتولى رئاسة الدولة، أهو ملك أو رئيس جمهورية أو حزب، أو تصنيف الأنظمة بحسب العلاقة بين السلطات فيها، أهو نظام رئاسي أو برلماني أو مجلسي أو مختلط.

الحكم الملكي

تتبع نحو 43 دولة حول العالم الحكم الملكي، إلا أن هذه الأنظمة تختلف في ما بينها
من حيث السلطات وسعة النفوذ والقيود، ونستطيع التمييز بين ثلاثة أنواع منها:
الملكية المطلقة والبرلمانية والدستورية.

الملكية المطلقة

في النظام الملكي المطلق يتمتع الملك بقوة السيطرة على الدولة بجميع مؤسساتها، وعادةً ما تكون خلافة السلطة وراثية بين أفراد الأسرة الحاكمة الواحدة. وفي هذا النظام، لا تجوز مساءلة أو تقييد سلطة وأفعال الملك عبر أي قانون أو هيئة أو دين أو عرف أو حتى عملية انتخابية.

ومن بين أبرز مؤيدي الملكية المطلقة كان الفيلسوف الإنجليزي توماس هوبز، الذي اعتبر في أهم كتبه "اللفياثان" (نشر عام 1651)، أن الخضوع الشامل لحاكم واحد ضروري للمحافظة على النظام والأمن المدني، مع القدرة على الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ والأزمات المفاجئة، وعلى تنفيذ الأهداف والخطط طويلة الأمد التي يضعها الحاكم لمجتمعه.

وسادت الملكية المطلقة خلال العصور الوسطى في معظم أنحاء أوروبا الغربية، وبلغت ذروتها بحلول القرن السادس عشر، ولعل مقولة الملك الفرنسي لويس الرابع عشر "أنا الدولة"، مثالاً لسلطات الملوك المطلقة في هذا النظام. لكن بعد الثورة الفرنسية (1789-1799)، انخفض انتشار الملكيات المطلقة بشكل حاد مع تكريس مبدأ السيادة للشعب عبر الانتخابات. ومن الدول التي لا تزال تتبع الملكية المطلقة،السعودية والفاتيكان وسلطنات عمان وبروناي وإسواتيني.

الملك

رأس السلطة ومرجع السلطات، يختار ولي العهد ويعفيه بأمر ملكي

السلطة التنفيذية

يتولاها مجلس الوزراء الذي يرأسه الملك ويعين ويقيل أعضاءه، وهو مناط برسم سياسات الدولة الداخلية والخارجية والمالية والاقتصادية والدفاعية والاجتماعية.

السلطة التنظيمية

يتولاها مجلس الوزراء ومجلس الشورى الذي يتألف من 150 عضواً يختارهم الملك، وتختص بوضع الأنظمة واللوائح.

السلطة القضائية

مستقلة يعلوها مجلس القضاء الأعلى يتألف من رئيس يعينه الملك و10 أعضاء محددين بالقانون.

الملكية البرلمانية

في الملكية البرلمانية يتصدر الملك قمة الهرم السياسي في الدولة، حيث يلعب دوراً رمزياً من دون الضلوع بشكل واسع في صوغ القرارات السياسية للبلاد، التي تتولاها حكومة منبثقة من البرلمان المنتخب ومسؤولة أمامه.

نشأت الملكية البرلمانية في بريطانيا، بعد أن شن الوجهاء والبارونات حملة معارضة شرسة في القرون الوسطى ضد استبداد النظام الملكي، فراحت سلطات الملك تتقلص تدريجاً، وبدأت قراراته وأفعاله تخضع لرقابة جمعية تمثيلية. وبعد حقبة من الحروب الدموية والانقلابات استمرت نحو خمسة قرون، أرست بريطانيا أسس النظام الملكي البرلماني تدريجاً وصولاً إلى تتويج ماري الثانية في عام 1689 ملكة على إنجلترا، ومصادقتها على وثيقة الحقوق التي قلصت صلاحيات الملك بشكل كبير ومنحت البرلمان سلطات واسعة.

تستند الملكية البرلمانية إلى النظام البرلماني القائم على فصل السلطات، وإن كان هناك تداخل قوي وتكامل حيوي بين الحكومة والبرلمان، فالأولى منبثقة من الثاني، أي إنها تعبر عن موقف الغالبية داخل البرلمان، لكنها في الوقت نفسه مسؤولة أمامه، وتخضع للمساءلة عن برنامجها السياسي، فيما يمكن للبرلمان أن يحجب ثقته عنها. وفيما تتمتع الحكومة والبرلمان باستقلال ذاتي لكل واحد عن الآخر، يشغل الملك مكانة رمزية بوصفه ممثل الدولة وضامن الدستور، فهو من يكلف زعيم الغالبية البرلمانية تشكيل الحكومة ويصادق على تسمية الوزراء وتعيين الحكومة، لتقف صلاحياته عند هذه الحدود.
ليس له سلطة إعلان الحرب أو التدخل في الشؤون الحكومية أو التأثير في توجهاتها، وغالباً ما يبتعد عن تبني أي موقف قد يفهم منه تصريحاً أو تلميحاً دعماً لجهة سياسية على حساب أخرى. غالبية الملكيات العريقة في أوروبا تعتمد نظام الملكية البرلمانية، ومنها بريطانيا، وإسبانيا، وهولندا، والدانمارك، والسويد.

الملكية الدستورية

على عكس الملكية البرلمانية، يتمتع الملك في هذا النظام بصلاحيات أوسع، وإن كان محكوماً بحدود يضعها الدستور. وفيما تعد الملكية البرلمانية أكثر ديمقراطية من الملكية الدستورية، إلا أن مؤيدي النظام الأخير يولون أهمية لـ"الشرعية التاريخية" التي يتمتع بها الملك، والتي يرثها عن الأسرة الحاكمة التي رسخت حكمها عبر الزمن، وواكبت مختلف مراحل تطور الدولة والأزمات التي عرفتها، فضلاً عن المواقف الوطنية التي قد تكون صدرت عنها وتسهم في تعزيز شرعيتها. ومن الدول الآخذة بالملكية الدستورية المغرب والبحرين والكويت والأردن، حيث لا يزال الدستور يمنح سلطات تقديرية واسعة للملك.

الملك

هو رأس الدولة ورئيس المجلس الوزاري المؤلف من رئيس الحكومة والوزراء ورئيس المجلس الأعلى للقضاء والقائد الأعلى للقوات المسلحة.

السلطة التنفيذية

تتولاها الحكومة التي يرأسها رئيس يعينه الملك من الحزب الفائز في انتخابات مجلس النواب، ووزراء يعينهم الملك باقتراح من رئيس الوزراء ويقيلهم بمبادرة منه أو بطلب من رئيس الحكومة.

السلطة التشريعية

يتولاها مجلس النواب المنتخب مباشرة من الشعب ومجلس المستشارين المنتخب بشكل غير مباشر، وللملك صلاحية حل المجلسين.

السلطة القضائية

يعلوها مجلس القضاء الأعلى الذي يرأسه الملك.

نظام الحزب الواحد

يرتبط نظام حكم الحزب الواحد بالحكم الشمولي، حيث لا حريات ولا معارضة ولا ديمقراطية، بل خضوع تام لسلطة الدولة العليا التي تدير شؤون المجتمع الصغرى والكبرى، لكن على عكس الديكتاتوريات، تجرى الانتخابات بانتظام في أنظمة الحزب الواحد، إلا أنه في الواقع لا توجد أية فرصة لفوز حزب آخر. 

ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية شهد العالم صعود ثلاثة أنظمة شمولية اعتمدت نظام الحزب الواحد بقيادة كل من بينيتو موسوليني زعيم "الحزب الوطني الفاشي" في إيطاليا، وجوزيف ستالين زعيم الاتحاد السوفياتي، وأدولف هتلر زعيم الحزب النازي في ألمانيا. هؤلاء الزعماء الثلاثة فرضوا أنظمة سياسية شمولية في بلدانهم منطلقين من أيديولوجيات سياسية صارمة أخضعت المواطنين للطاعة ووجهت شؤونهم وأفكارهم.

المدافعون عن نظام الحزب الواحد يشيدون بقدرته على تنظيم شؤون البلاد بشكل أفضل بعيداً من الخلافات الداخلية. في المقابل، يعتبر منتقدوه أنه من بين أكثر أنظمة الحكم المرشحة للانزلاق السريع نحو الديكتاتورية الكاملة. ومن أبرز الأمثلة الحالية على أنظمة الحزب الواحد، دولتا كوريا الشمالية والصين، حيث إنه على رغم من وجود ما يصل إلى ثمانية أحزاب قانونية، فإن فرصهم في منافسة الحزب الشيوعي الصيني الحاكم منذ 1949، معدومة.

هرم السلطة في
الحزب الشيوعي الصيني

الأمين العام

زعيم الحزب

اللجنة الدائمة للمكتب السياسي

تضم أرفع سبعة قادة في الحزب، بمن فيهم الرئيس ورئيس الوزراء

المكتب السياسي

يضم 25 من كبار قادة الحزب بمن فيهم أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسي 

اللجنة المركزية

هيئة سياسية تضم نحو 370 من كبار قادة الحزب الذين ينتخبهم المؤتمر الوطني للحزب

اللجنة العسكرية المركزية للحزب

تتولى قيادة جيش التحرير الشعبي الصيني تحت إشراف مؤتمر الشعب الوطني 

المؤتمر الوطني للحزب

يقام كل خمس سنوات 

هرم السلطة في
الدولة الصينية

رئيس الجمهورية

هو المنصب الأعلى، وعادة ما يتولاه الأمين العام للحزب الشيوعي

المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني

جهاز للتعاون المتعدد الأحزاب والاستشارة السياسية تحت قيادة الحزب الشيوعي

مؤتمر الشعب الوطني

يتولى السلطة التشريعية في الصين، ويضم نحو 3 آلاف عضو ينتخبون كل خمس سنوات

اللجنة العسكرية المركزية للدولة

تتبع اللجنة العسكرية المركزية للحزب، وعادة ما تضم أعضاءها نفسهم 

النيابة العامة الشعبية العليا

تتولى سلطة النيابة العامة، وهي جهاز الرقابة القانونية للدولة

المحكمة الشعبية العليا

أعلى محكمة في الصين 

مجلس الدولة

يتولى السلطة التنفيذية في الصين، ويضم وزارات الدولة

الحكم الجمهوري

تعود أصول الحكم الجمهوري إلى الحكم اللاتيني أو اليوناني، ويقوم على مبدأ انبثاق السلطات من الشعب الذي ينتخب الحكام بشكل مباشر أو غير مباشر ويفوضهم بإدراة شؤون الدولة، على أن يعلو السلطات رئيس للجمهورية ينتخب أيضاً بالاقتراع المباشر أو غير المباشر. يرتكز الحكم الجمهوري على أساس أن الناس هم الأساس، فتنشأ الحكومات للمساعدة في تأمين حقوقهم. ويحق لأبناء الجمهورية المشاركة في كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث يعود الحكام إلى رأي شعوبهم عن طريق الانتخابات والتصويت والاستفتاءات في القضايا والشؤون المهمة، ولا يمكن بالتالي أن يستمر الحكام في مواقع السلطة إذا فقدوا الرضا الشعبي. تتعدد أشكال الحكم الجمهوري، فمنها النظام الرئاسي، حيث يتولى رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية، ومنها النظام البرلماني، حيث يتولى الرئيس مهام السلطة التنفيذية من خلال حكومة تكون مسؤولة أمام السلطة التشريعية. تفاصيل أكثر نكتشفها في معرض استعراضنا لأنواع الأنظمة المختلفة وفق معيار الفصل بين السلطات.

الفصل بين السلطات

فكرياً، ارتبط مبدأ الفصل بين السلطات بالفيلسوف الفرنسي مونتسكيو، الذي اعتبره مبدأً أساسياً لتنظيم العلاقة بين السلطات العامة في الدولة ومنع الاستبداد بالسلطة. غير أن أسس هذا المبدأ وضعها أولاً كل من اليونانيين أفلاطون وأرسطو، وتناولها أيضاً الإنجليزي جون لوك.

الفصل بين السلطات

فكرياً، ارتبط مبدأ الفصل بين السلطات بالفيلسوف الفرنسي مونتسكيو، الذي اعتبره مبدأً أساسياً لتنظيم العلاقة بين السلطات العامة في الدولة ومنع الاستبداد بالسلطة. غير أن أسس هذا المبدأ وضعها أولاً كل من اليونانيين أفلاطون وأرسطو، وتناولها أيضاً الإنجليزي جون لوك.

وظائف الدولة يجب أن تتوزع بالتوازن على هيئات مختلفة فلا تنفرد إحداها بالحكم، وتشمل:

  • مجلس السيادة
  • جمعية كبار المشرعين
  • كبار الحكماء ومجلس الشيوخ
  • هيئة قضائية
  • هيئة البوليس
  • هيئة الجيش وهيئة تعليمية.

قسم وظائف الدولة إلى ثلاث تتولاها ثلاث هيئات مستقلة عن بعضها وتتعاون في ما بينها، وهي:

  • وظيفة المداولة يتولاها المجلس العام
  • وظيفة الأمر والنهي يتولاها الحكام وكبار الموظفين
  • وظيفة القضاء أو العدالة تتولاها المحاكم

طرح في مؤلفه "الحكومة المدنية" (1690) تقسيم سلطات الدولة إلى أربع:

  • السلطة التشريعية تضع القوانين
  • السلطة التنفيذية تنفذ القوانين
  • السلطة الاتحادية تتولى العلاقات مع الخارج
  • سلطة التاج تشمل امتيازات الملك

شدد لوك على ضرورة الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

قسم وظائف الدولة في مؤلفه "روح القانون" إلى ثلاث هي:

  • سلطة تشريعية تسن القوانين
  • سلطة تنفيذية تعلن السلم والحرب وتعتمد الدبلوماسيين وتقيم الأمن
  • سلطة قضائية تقيم العدل وتحل النزاعات

أكد وجوب التوازن والتعاون بين هذه السلطات على أن توقف كل واحدة الأخرى منعاً لإساءة استعمال السلطة.

النظام الرئاسي

بناءً على تفسيرات مبدأ الفصل بين السلطات، نشأت أنظمة سياسية مختلفة، بعضها يعتمد الفصل المطلق بين السلطات كالنظام الرئاسي وشبه الرئاسي (المختلط)، وأخرى تعتمد فصلاً مرناً بين السلطات كالنظام البرلماني والنظام المجلسي.

النظام الرئاسي يقوم على الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية. يمنح صلاحيات واسعة للرئيس ويركز السلطة التنفيذية في يديه، فيشكل حكومة تنفذ برنامجه السياسي وتكون مسؤولة أمامه. وبحكم الفصل الصارم بين السلطات، لا صلاحية للبرلمان في إسقاط الحكومة كما لا تملك هي صلاحية حله.

المنتقدون يعيبون على النظام الرئاسي عجزه في كثير من الأحيان عن إدارة الخلافات السياسية بين المؤسسات والسلطات، ما يعرض البلاد للأزمات في ظل عجز البرلمان عن إسقاط الحكومة وعجز هذه الأخيرة عن الدعوة لانتخابات مبكرة. 

الولايات المتحدة الأميركية تعد الدولة الرائدة في انتهاج النظام الرئاسي منذ عام 1787. في هذه الدولة، يحتفظ الرئيس بصلاحيات كبيرة، إذ يقود السلطة التنفيذية في البلاد فيما يتولى مجلسا النواب والشيوخ الصلاحيات التشريعية. أما السلطة القضائية فتعلوها المحكمة العليا. وعلى رغم الفصل بين هذه السلطات، فإن العلاقات في ما بينها محكومة بنظام الضوابط والتوازنات كي لا تتعسف أي جهة باستخدام السلطة. ولهذا الغرض، يستطيع الرئيس نقض تشريعات الكونغرس وتقديم مرشحيه لترؤس الوكالات الفيدرالية ولعضوية المحكمة العليا. الكونغرس من جهته يصادق أو يرفض ترشيحات الرئيس، كما يمكنه عزل الرئيس في ظروف استثنائية محددة قانوناً. أما قضاة المحكمة العليا، المرشحون من قبل الرئيس والمعينين من قبل مجلس الشيوخ، فيستطيعون إبطال القوانين والقرارات المخالفة للدستور.

  • السلطة التشريعية
    الكونغرس الأميركي، يضم:
    مجلس النواب: ينتخب أعضاؤه مباشرة من الشعب كل سنتين
    ومجلس الشيوخ: يرأسه نائب الرئيس الأميركي، وينتخب ثلث أعضائه كل سنتين لولاية تمتد 6 سنوات
  • السلطة التنفيذية
    الرئيس، مجلس الوزراء، القوات المسلحة، المكتب التنفيذي لرئيس الولايات المتحدة
  • السلطة القضائية
    المحكمة العليا الأميركية
  • الناخبون
    ينتخبون مباشرةً أعضاء مجلسي النواب والشيوخ وأعضاء المجمع الانتخابي

النظام البرلماني

يقوم النظام البرلماني على الفصل المرن بين السلطات مع وجود تعاون وتوازن بين الحكومة والبرلمان، على أن يرأس الدولة رئيس يسود ولا يحكم، فيما يتولى رئيس الوزراء مسؤولية الحكم. يمتاز النظام البرلماني بمرونة في العلاقة بين السلطات، فالسلطة التنفيذية منبثقة من البرلمان ومسؤولة أمامه، هو من يمنحها الثقة أو يسحبها منها، بالتالي تتكون الحكومة من أعضاء الحزب أو الائتلاف الحائز الغالبية البرلمانية، إلا أنه في الوقت نفسه، تمارس الحكومة عملها باستقلالية تامة عن البرلمان ولها الحق بحله وبالدعوة لانتخابات مبكرة إذا فقدت دعم غالبية تمكنها من تنفيذ سياساتها. أما الرئيس فغالباً ما يتمتع في النظام البرلماني بصلاحيات محدودة وشرفية. دول كثيرة تعتمد تظام الحكم هذا، بما فيها بريطانيا وألمانيا وإسبانيا وهولندا والنرويج والدنمارك واليابان والهند وكندا.

النظام شبه الرئاسي

النظام الرئاسي لم ينجح في عديد من الدول، لا سيما في أميركا اللاتينية، حيث أنتج صراعات مستمرة بين الجهازين التنفيذي والتشريعي، مولداً أزمات متواترة كثيراً ما انتهت بانقلابات عسكرية، أو في أحسن الحالات بلجوء الرئيس إلى المراسيم التنفيذية لتجاوز البرلمان.

وبعد تجارب مريرة في الغالب، لجأ عديد من البلدان إلى النظام شبه الرئاسي أو المعروف بالنظام المختلط، الذي يجمع بين النظام الرئاسي والبرلماني. فينتخب الرئيس بالعادة مباشرة من الشعب ويتمتع بصلاحيات واسعة، لكن الحكومة تنبثق من البرلمان وتكون مسؤولة أمامه وأمام الرئيس.

ويعتبر منتقدو النظام المختلط أنه يعجز عن ضمان التوازن الدائم بين السلطات، لا سيما عندما يمكن حزب الرئيس من تحقيق الغالبية البرلمانية، لتتحول معه الغرفة التشريعية لسلطة تابعة للحكومة وسياستها. 

ومن أبرز الدول التي انتهجت هذا النموذج كانت فرنسا، بعد فشل النظام الرئاسي الذي أقره دستور 1848، والذي قاد لانقلاب عسكري بقيادة لويس نابليون بونابارت في ديسمبر (كانون الأول) 1851. وفي دستور جمهوريتها الخامسة عام 1958، اعتمدت فرنسا النظام المختلط، حيث ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع العام المباشر وليس بالتصويت في البرلمان. وكذلك الحال في كل من إيرلندا والنمسا وفنلندا، وفي غالبية دول أوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.

الناخبون

ينتخبون مباشرةً

  • رئيس الجمهورية
  • أعضاء الجمعية الوطنية
  • مجلس الشيوخ

الرئيس

  • يعين رئيس الحكومة
  • له الحق في حل الجمعية الوطنية
  • يعين ثلاثة أعضاء في المجلس الدستوري

السلطة التشريعية تضم الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ

  • تتولى سن القوانين
  • تمارس الرقابة على الحكومة وتمنحها الثقة
  • تعين ثلاثة أعضاء في المجلس الدستوري وتنتخب رئيسه

السلطة التنفيذية

رئيس الوزراء يعين الوزراء

النظام المجلسي

في النظام المجلسي، أو ما يعرف بنظام حكومة الجمعية، تكون السلطة التنفيذية تابعة للسلطة التشريعية، باعتبار هذه الأخيرة ممثلة للشعب. ونظراً إلى صعوبة مباشرتها مهام السلطة التنفيذية بنفسها، تختار السلطة التشريعية لجنة تنفيذية من بين أعضائها لتولي هذه المهمة، على أن تكون الهيئة التنفيذية خاضعة للجمعية النيابية تعمل تحت إشرافها ورقابتها ومسؤولة أمامها. وبناءً على ما تقدم، لا تمتلك الهيئة التنفيذية في النظام المجلسي أي تأثير في السلطة التشريعية، فلا حق لها بحل البرلمان أو بدعوته للانعقاد أو بتأجيل اجتماعاته. حالياً، لا تتبع النظام المجلسي في الديمقراطيات الغربية سوى سويسرا، دولة اتحادية تطبق الديمقراطية المباشرة بشكل واسع.

اختصاصات الجمعية العامة (البرلمان)، تشمل سن القوانين، وانتخاب المجلس الاتحادي ورئيس الاتحاد، وتعيين أعضاء المحكمة الاتحادية العليا، وتعيين قائد الجيش، وحل الخلافات المتعلقة باختصاصات السلطات الاتحادية. أما المجلس الاتحادي فيتألف من سبعة أعضاء ينتخبون لمدة أربعة أعوام، ويمارس السلطة الحكومية بصفة جماعية ولا يستطيع الاجتماع إلا بحضور أربعة من أعضائه. وبإمكان المجلس الاتحادي، الذي يتولى كل عضو فيه وزارة من الوزارات، تقديم مشاريع قوانين وتقارير بناءً على طلب من الجمعية العامة. كما تنتخب الجمعية العامة رئيساً للاتحاد من بين أعضاء المجلس الاتحادي، فيتولى مهامه لعام غير قابل للتجديد.

الشعب

ينتخبون أعضاء المجلس الوطني ومجلس الولايات

السلطة التشريعية

مناطة بالجمعية العامة التي تضم المجلس الوطني ومجلس الولايات

السلطة التنفيذية

مناطة بالمجلس الاتحادي

السلطة القضائية

تعلوها المحكمة الاتحادية العليا 

أنظمة إدارية متعددة

بالتوازي مع تعدد أنظمة الحكم السياسي في الدول، تتعدد أيضاً الأنظمة الإدارية التي يمكن أن تعتمدها الدول لإدارة شؤونها. فمنها من يعتمد نظاماً مركزياً تنبثق فيه جميع التشريعات والقرارات التنفيذية عن سلطات الدولة العليا، فيما تعتمد أخرى نظاماً لا مركزياً يمنح الأقاليم سلطات تنفيذية واسعة لإدارة شؤونها مع إبقاء السلطة التشريعية مركزية. ونرى دولاً تمنح بعض مناطقها ميزة الحكم الذاتي، فتتولى المنطقة إدارة شؤونها الداخلية كافة من دون العودة إلى الدولة المركزية، على أن تبقى تحت سيادة هذه الأخيرة. بعض الدول تعتمد الفيدرالية، حيث تتمتع الولايات أو الكانتونات باستقلالية واسعة في إدارة شؤونها عبر مؤسساتها وقوانينها الخاصة، فيكون لها برلمانها وحكومتها ومحاكمها التي تعمل بشكل مستقل لتسيير شؤون الولاية، فيما تتولى الحكومة الفيدرالية بشكل أساسي إدارة الشؤون الخارجية والدفاعية للدولة. في النهاية، ينبثق النظام السياسي والإداري في الدولة عن تجاربها التاريخية وخصائص مجتمعها، فلا يصلح تطبيق نظام واحد في كل الدول، ولا يجوز فرض مبادئ موحدة على جميع الأمم، بل على كل شعب أن يبحث عن النظام الأمثل الذي يجسد مبادئه ويترجم تطلعاته. 

كتابة
أحمد عبد الحكيم

تحرير وإعداد
إيليانا داغر

التنفيذ والغرافيك
عمر المصري

الإشراف على التنفيذ
نوف الحربي

رئيس التحرير
عضوان الأحمري