Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السترات الواقية من الرصاص صنعت يوما من الحرير 

أهم مميزاتها أن تكون خفيفة الوزن وأنقذت حياة الكثيرين منهم الرئيس الأميركي رونالد ريغان والبابا يوحنا بولس الثاني 

السترة الواقية من الرصاص ساهمت في إنقاذ حياة البابا يوحنا بولس الثاني عام 1981 (غيتي)

ملخص

منذ اختراع البنادق المشتعلة بالفتيل والبارود والتي تطلق رصاصات كروية جرب الملوك الإيطاليون والرومان السترات الواقية من الرصاص، فقاموا بصناعة الدروع الواقية بطبقات من جلد الماعز والغزلان القاسية لتخفيف سرعة الرصاصات ووضعوا وسطها صفائح من المعدن لإيقاف اختراق الرصاصة.

كلما اخترع الإنسان سلاحاً كان يخترع مقابله ما يردّه، فالدرع مقابل السيف والترس مقابل السهم وأقنعة الغاز مقابل الغازات السامة والسترة المضادة للرصاص مقابل الرصاص وهي الأكثر انتشاراً في عصرنا الحالي بسبب انتشار الأسلحة الفردية كالمسدس والرشاش في كل مكان حول العالم، والتي يمكن لرصاصة واحدة منها أن تقتل من تصيبه، ما يعطي أهمية كبيرة للسترة الواقية. في كل يوم ينجو مئات رجال الشرطة وحفظ الأمن والعسكريون والسياسيون وأصحاب الأموال من الموت بسبب هذه السترة، ولكن من الحوادث المعروفة نجاة البابا يوحنا بولس الثاني في مايو (أيار) 1981 من الموت بعد إطلاق الشاب التركي محمد علي أقجا النار عليه في ساحة القديس بطرس في مدينة الفاتيكان بسبب ارتدائه السترة الواقية التي خففت من قوة الرصاصات ومنعت إصابته إصابات قاتلة. والأمر نفسه انطبق على حارس الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان الذي تعرض لمحاولة اغتيال في العام نفسه، فقد أسهمت سترة عميل الخدمة السرية تيموثي مكارثي الذي أصيب بطلق ناري في الصدر أثناء حماية الرئيس، من إنقاذ حياته وحياة الرئيس في الوقت ذاته، إذ قدر المحققون أنه لولا هذه السترة لتمكنت الرصاصات من اختراق صدر الحارس لتخترق صدر الرئيس. ويمكن عرض عشرات الحوادث المشابهة التي أسهمت السترة الواقية من الرصاص في إنقاذ مرتديها من الموت.

الحرير كان يقاوم الرصاص

منذ اختراع البنادق المشتعلة بالفتيل والبارود والتي تطلق رصاصات كروية جرب الملوك الإيطاليون والرومان السترات الواقية من الرصاص، فقاموا بصناعة الدروع الواقية بطبقات من جلد الماعز والغزلان القاسية لتخفيف سرعة الرصاصات ووضعوا وسطها صفائح من المعدن لإيقاف اختراق الرصاصة. كانت هذه الدروع صالحة لذلك النوع من البنادق البدائية ومع ذلك لم تقم بدورها على أكمل وجه في حينه. 

وللمفارقة أنه في أواخر القرن الثامن عشر طور اليابانيون دروعاً من الحرير، وقد تبين أن ما لا يبدو منطقياً من حيث المبدأ، هو فعال أي أن يتمكن الحرير الناعم من إيقاف الرصاصة. وأثبتت الدروع الحريرية المؤلفة من عدة طبقات مضغوطة أنها تؤدي دورها بسبب قوة خيط الحرير بطبيعته والذي يصبح أقوى بعد معالجته، وكانت هذه الدروع باهظة الثمن، وعلى رغم ذلك استخدمها الجيش الأميركي في القرن التاسع عشر، ولكن بعد اغتيال الرئيس ويليام ماكينلي في عام 1901 تخلى الجيش عنها، أولاً بسبب ارتفاع سعر الحرير حول العالم وثانياً لأنها لم تعد تتمكن من صد رصاصات الجيل الجديد من البنادق.

وانطلق العمل في معظم شركات إنتاج الأسلحة منذ بدايات القرن العشرين على تطوير سترات واقية من الرصاص تسابق التطور السريع للأسلحة ذات قوة الضغط المرتفعة، حتى الحرب العالمية الأولى حين تم إنتاج سترات مصنوعة من النايلون وهو العنصر الصناعي الجديد والمكتشف حديثاً، وكانت هذه السترات توفر الحماية من شظايا القنابل والقذائف المنفجرة في المعارك الضارية التي غالباً ما تقع وجهاً لوجه. وعلى رغم أن هذه السترات الجديدة لم تثبت جدارتها إلا أنها استخدمت على نطاق واسع لأنها كانت توفر الشعور بالأمان لمرتديها من الضباط والجنود. خلال الحرب العالمية الثانية، تم إجراء تحسينات على سترات الوقاية من الرصاص، مع إدخال الألياف الزجاجية. ومع ذلك، كانت هذه السترات الأولية ثقيلة وضخمة، مما قيد من جدواها عملياً.

سترات خفيفة الوزن وأكثر فعالية

في ستينيات القرن العشرين تم اكتشاف ألياف جديدة جعلت السترات المقاومة للرصاص أكثر تطوراً، واستمر التطوير حتى أوائل سبعينيات القرن العشرين، حين تم اختراع نسيج سمي "نسيج كيفلر دوبونت الباليستي"، وكان يتألف من قماش يهدف في الأصل إلى استبدال الأحزمة الفولاذية التي كانت لا تزال توضع في الإطارات. وتبين أن النسيج الجديد قوي جداً، فاختبره المعهد الوطني للعدالة الأميركي، وهو المعهد المنوط به إعطاء شهادة بجودة المصنوعات بعد تجربتها، ووجد المعهد أن السترات المصنوعة منه يمكنها أن توقف الرصاص الأكثر شيوعاً في حينه. وأكدت التجربة أن درع كيفلر يضمن احتمال البقاء على قيد الحياة بنسبة 95 في المئة بعد إصابته برصاصة من عيار 38 بسرعة 800 قدم/ثانية. ووجد أن احتمال الحاجة إلى عملية جراحية بعد الإصابة بهذه الرصاصة أقل من 10 في المئة.

وبناء عليه تقرر في عام 1976 أن السترات المصنوعة من قماش كيفلر تقاوم اختراق الرصاص بما يكفي ليرتديه ضباط الشرطة بشكل كامل، قبل أن تصبح هذه السترات متاحة تجارياً لجميع الشراة من الهواة والمحترفين والعامة والعسكريين. 

ومنذ ذلك الوقت جرى تحسين السترات الواقية من الرصاص، فأضيفت ألياف صناعية معروفة بقوة التحمل العالية وخفيفة الوزن والمرنة، وأضيفت مادة تسمى الداينيما وهي ألياف صناعية قوية أيضاً وخفيفة الوزن بشكل استثنائي، وصارت تستخدم جنباً إلى جنب مع مادة كيفلر لتعزيز القوة الإجمالية للسترة ومقاومتها للاختراق. وفي النهاية يأتي دور الشركات المصنعة في وضع التصميم المناسب وفي توفير الطبقات المختلفة وتخفيف الوزن لتأمين الراحة، في درجة كبيرة من الأهمية لإعطاء السترة الواقية انتشارها التجاري.

وباتت السترة المضادة للرصاص من المستوى IIIA تزن حوالي 5.5 رطل أي ما يقارب 2 كيلوغرام وهو وزن مثالي للارتداء والعمل فيه والتحرك خلال العمليات الأمنية، وكذلك وزن مثالي للمسؤولين والرسميين والرؤساء فلا يثقل عليهم حين ارتدائه، وباتت السترات الحالية تقاوم جميع أنواع الرصاص تقريباً.

التوفر التجاري

يعتمد رجال الشرطة في جميع أنحاء العالم على سترات الوقاية من الرصاص لحماية أنفسهم أثناء تأدية مهامهم ويمكن تتبع العديد من الحوادث التي نجا فيها ضباط الشرطة من إطلاق النار، سواء خلال الدوريات الروتينية أو العمليات ذات الخطورة العالية بسبب ارتدائهم سترات الوقاية من الرصاص. ووفقاً للرابطة الدولية لرؤساء الشرطة أنقذت السترات حياة أكثر من 3 آلاف ضابط منذ عام 1987. 

ويعتمد الأفراد في المهن ذات الأخطار العالية مثل حراس الأمن الشخصي والصحافيين الذين يغطون الأحداث في مناطق النزاع على سترات الوقاية من الرصاص لحماية حياتهم أثناء العمل في بيئات خطرة. 

أما بالنسبة لتوافر هذه السترات وسهولة شرائها فإن التشريعات المتعلقة ببيعها وامتلاكها تختلف من دولة إلى أخرى ومن سلطة إلى أخرى. في كثير من الأماكن، يكون من القانوني للأفراد شراءها وامتلاكها من دون الحاجة إلى تصاريح خاصة، إلا أن بعض الدول تصنفها من الفئة العسكرية فيحتاج شراؤها إلى ترخيص.

في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، من المشروع شراء وامتلاك سترات الوقاية من الرصاص للمدنيين، وتتوافر بسهولة لمجموعة متنوعة من التجار سواء عبر الإنترنت أو في المتاجر الفعلية، وهذا طبيعي طالما أنه يحق للمدنيين اقتناء السلاح الحربي من مختلف الأنواع. ويمكن أن تختلف أسعار سترات الوقاية من الرصاص بشكل واسع بحسب عوامل كثيرة مثل مستوى الحماية والمواد المستخدمة والعلامة التجارية، وتتراوح أسعار تلك المناسبة للاستخدام المدني ما بين الخمسين دولاراً إلى مئات الدولارات وبعضها يصل إلى أكثر من ألف دولار. 

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات