Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تسرع القاهرة خطوات إنهاء حرب السودان؟

تعد الزيارة خطوة على الطريق بعد مثيلتها في دول الجوار تستهدف توحيد الجهود

جاءت زيارة رئيس وفد "تقدم" عبدالله حمدوك بعد أيام من زيارة عبدالفتاح البرهان إلى القاهرة (رويترز)
 

ملخص

تنسيقية "تقدم" تجمع كل الجهود والمبادرات عبر منبر جدة الذي أقر الطرفان أنهما سيعملان من خلاله باعتباره السبيل الأمثل لإيقاف الحرب

بعد محطات عدة قضتها تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) برئاسة عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق التي تضم عدداً من القوى السياسية والمدنية والمكونات النقابية في جولات أفريقية لحل الأزمة السودانية وإيقاف الحرب المشتعلة منذ الـ15 من أبريل (نيسان) الماضي، وصل وفدها إلى القاهرة، إذ أجرى محادثات مع أطراف سودانية ومصرية، وأخيراً التقى حمدوك أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

وصفت زيارة حمدوك بـ"المهمة"، وبأنها جاءت في توقيت مناسب، وتوقع بعض المراقبين أن يكون لها أثر إيجابي، لا سيما أنها تعد الأولى إلى القاهرة بعد الانقلاب الذي نفذه المكون العسكري بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان والفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) على حكومة الفترة الانتقالية برئاسته عام 2021.

ويرى آخرون أن الفترة التي قضاها حمدوك في رئاسة الوزراء لم تسفر عن أي نتائج لحل أزمة الحكم في السودان، بل كانت مخيبة للآمال مما أفقده الدعم الشعبي. وينطلق هؤلاء أيضاً من أن التنسيقية حديثة التأسيس، ولم تتوافق عليها كل القوى السياسية، إذ أنشئت خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأديس أبابا، وانخرطت في اجتماعات مع الآلية الأفريقية رفيعة المستوى المعنية بالسودان التي شكلها الاتحاد الأفريقي. وتعد هذه الآلية موضع خلاف بين قائد الجيش وقائد قوات "الدعم السريع"، إذ يتهمها البرهان بمحاباة حميدتي.

تركيز الجهود

لم تمر هذه الزيارة بسلاسة، إذ رافقها كثير من التشويش، رده أعضاء التنسيقية لأعضاء النظام السابق، إذ أوردت بعض المواقع المحسوبة على النظام السابق، تصريحاً منسوباً للمتحدث باسم مجلس الوزراء المصري المستشار محمد الحمصاني يقول فيه إن "الحكومة المصرية لم تتقدم بدعوة رسمية لعبدالله حمدوك وتنسيقية تقدم لزيارة القاهرة".

لكن المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري نفى ما تداولته هذه المواقع على لسانه بعدم وجود دعوة رسمية من الحكومة المصرية، وأوضح أن ما جاء غير صحيح، وأن "مجلس الوزراء المصري ليس الجهة المعنية بالزيارة أو نفيها". وقال إن "زيارة حمدوك تأتي بناءً على طلب شخصي منه بهدف لقاء قادة القوى السياسية السودانية المقيمة بمصر حالياً، فضلاً عن لقاء بعض النخب الأكاديمية والإعلامية المصرية". وأكد "أهمية تركيز الجهود المحلية والدولية على كيفية وقف إطلاق النار في السودان وتقديم كل سبل الدعم لمساعدة الشعب السوداني في أزمته الحالية". وأضاف "إمكانية التشاور يمكن أن تأتي كأولوية لاحقة مع مختلف القوى السياسية والمجتمعية السودانية حول كيفية المضي قدماً في عملية التحول الديمقراطي وإعادة الإعمار في السودان".

أوراق القاهرة

على رغم استضافة القاهرة لأعداد كبيرة من اللاجئين السودانيين، كما التأمت فيها قمة دول جوار السودان بمشاركة سبع دول أفريقية، في الـ13 من يوليو (تموز) 2023، وهي مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، وضمت اجتماعات ائتلاف قوى الحرية والتغيير - الكتلة الديمقراطية، إلا أن دورها المباشر والحقيقي في جهود الوساطة لإنهاء الحرب بالسودان قد تأخر كثيراً، ولم يظهر للعيان إلا عبر مشاركتها في اجتماعات المنامة بين الجيش و"الدعم السريع" إلى جانب الإمارات والولايات المتحدة، وذلك لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى الأستاذ المشارك في كلية التربية بجامعة سنار أبو بكر إسماعيل أن "مصر لديها جهود تاريخية في حل القضايا الأفريقية منذ القرن الـ20، ودورها في إنشاء بعض المنظمات الإقليمية والدولية لموقعها المميز على ساحل البحر الأحمر وفي منطقة القرن الأفريقي وخلال العقود الماضية".

وأضاف إسماعيل "تمثل هذه المنطقة أهمية كبيرة لمصر لارتباطها بأمنها وبسبب وجود منابع النيل الرئيسة وفروعها". ويؤكد أنه "تترسخ لدى مصر الرغبة في حماية هذه المنطقة وفقاً لتغير السياسات منذ ثورة يوليو (تموز) 1952، وما بعدها إذ لا يزال تسيطر عليها الرغبة في القضاء على أي نفوذ يهدد مستقبلها، لذلك عملت منذ ذلك الوقت على أن تكون شريكاً أساسياً في حل عديد من القضايا والنزاعات والصراعات الأفريقية لتضمن لنفسها موطئ قدم في القارة الأفريقية، خصوصاً بعد عضويتها في المنظمات الإقليمية والدولية، مما مكنها من القيام بدور رائد في الوقوف إلى جانب الدول الأفريقية في قضاياها المختلفة".

تحقيق المسار

قال فائز السليك المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك "زيارة رئيس الوزراء السابق ورئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) جاءت متكاملة ومكملة لتحركات سياسية ودبلوماسية، أطرافها هم الفاعلون السودانيون والإقليميون والدوليون. ولمصر ثقلها السياسي في ملف السودان، وبدأت أخيراً تتحرك بتنسيق مع السعودية والإمارات والولايات المتحدة متخذة منهج العلاقات المتوازنة مع جميع الأطراف السودانية".

وأوضح السليك "قدمت مصر الدعوة إلى (تقدم) ورئيسها حمدوك للتشاور حول كيفية التوصل إلى وقف إطلاق النار وتأمين المساعدات الإنسانية والتوصل إلى حل مستدام للأزمة السودانية. وما يعطي الزيارة أهمية هو أن ثمة أحاديث عن انحياز مصر لطرف دون آخر، لكن التحركات تعكس أن القاهرة متواصلة مع الجميع، حيث جاءت زيارة حمدوك بعد أيام من زيارة البرهان، ووجود قوى أخرى، كما شارك أحد مفاوضي (الدعم السريع) قبل أسابيع في ورشة حول القضايا الإنسانية بمشاركة فصائل دارفورية بالقاهرة. وقد حاول أعضاء نظام الرئيس السابق عمر البشير التشويش على الزيارة بمحاولة نفيها مرة ثم وصفها بأنها ليست رسمية، مرة أخرى". وتابع "يمكن تلخيص الزيارة بأنها تشير إلى توقع حدوث تطورات في الملف السوداني، خصوصاً بعد أن غيرت واشنطن سياساتها من الدبلوماسية الناعمة وسياسات إطفاء الحرائق إلى المواجهة والمشاركة في إشارة إلى دخول مجلس الأمن واتصالات وزير الخارجية أنتوني بلينكن بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والمصري سامح شكري والعمل على تنسيق وتعزيز الجهود الدولية لوقف الحرب".

ويرى السليك أن منبر جدة هو الأساس إلى اليوم "لأن الطرفين وقعا فيه اتفاقات عدة حتى لو لم تنفذ، إضافة إلى التنسيق القديم بين الرياض وواشنطن وأبوظبي". وتوقع "أن تستمر الرياض في العمل على تحقيق مسار وقف العدائيات والهدنة، على أن تستضيف جهة ما مسار التسوية السياسية، وربما تتولى القاهرة عقد لقاء بين حمدوك والفريق البرهان. في كل الأحوال ستكون مصر بحسب ما يتخلق من أفعال وتحركات جزء من تحالف يسعى إلى حل الأزمة السودانية بغض النظر عن ثمرات هذه التحركات".

السبيل الأمثل

أما القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) والأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان، فقد ذكر أن "أهمية مصر، كدولة شقيقة وجارة نابعة من مواقفها الإيجابية تجاه السودان، وهو ما جعل هذه الزيارة تأتي إضافة إلى اهتمام السعودية والإمارات، ولقاء قائد ثاني القوات المسلحة الفريق شمس الدين الكباشي، وقائد ثاني قوات (الدعم السريع) عبدالرحيم دقلو في المنامة. وهذه المحادثات مضت خطوات واسعة لتكون مصر مدخلاً لإيقاف الحرب".

وأضاف عثمان "على رأس ملفات زيارة وفد (تقدم) تمت مناقشة الأوضاع الإنسانية وأوضاع إقامة اللاجئين في مصر، ومعيشتهم وتعليم أبنائهم والمساعدات الإنسانية".

ونفى القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) علاقة زيارة وفد تقدم بزيارة الفريق عبدالفتاح البرهان الأخيرة إلى القاهرة قائلاً "زيارة وفد تقدم نوقشت في وقت سابق لزيارة البرهان ووضع أجنداتها ولا علاقة لها بزيارة البرهان، لكن في إطار بذل القاهرة لجهود كبيرة مع الطرفين لإيقاف الحرب". وأكد أن وفد "تقدم" سيستمع إلى نتائج هذه الجهود ورؤية القيادة المصرية، إذ وضعت قوى سياسية ومنها حزبه خريطة طريق وطرح مشروع إعلان المبادئ بالتوافق مع تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية، وفق رؤى مبذولة للجميع". وتابع "جاءت زيارة تقدم إلى القاهرة بعد سلسلة زيارات إلى جيبوتي وإثيوبيا وأوغندا وجنوب السودان، وكلها تصب في إطار توحيد الجهود". وأكد أن التنسيقية "ستجمع كل الجهود والمبادرات عبر منبر جدة الذي أقر الطرفان أنهما سيعملان من خلاله باعتباره السبيل الأمثل لإيقاف الحرب واتخاذ القرارات السليمة، وهي مرتبطة بإنهاء معاناة السودانيين والانتهاكات المستمرة منذ بداية الحرب، وإجراء عمليات محاسبة واسعة في حق كل من ارتكب أي انتهاكات في حق الشعب وجلب الضرر لكل من انتهكت حقوقهم جراء هذه الحرب، والسبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو إيقافها ومعالجة مسبباتها التي تعود إلى جذور تاريخية مرتبطة بالحروب الطويلة في السودان".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير