قال المتخصص الاقتصادي كامل العوضي، إن اضطرابات البحر الأحمر أثرت سلباً في الشحن البحري لكل من سفن الحاويات وناقلات النفط والغاز، إذ إن النوع الأول تأثر سلباً بارتفاع قدره 170 في المئة، فيما تأثر النوع الثاني بدرجة أقل.
أضاف العوضي في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن الأحداث الأخيرة والعمليات العسكرية في منطقة البحر الأحمر وبحر العرب، أثرت كثيراً على الشركات التي لديها سفن كبيرة حاويات كبيرة وناقلات نفط أو غاز عملاقة، عبر دفعها للإبحار غرباً عبر طريق رأس الرجاء الصالح، والابتعاد عن البحر الأحمر بسبب هذه العمليات، وهو ما يترتب عليه تأخير في وصول المواد الأولية والمصنعة والطاقة إلى الغرب.
وأشار العوضي إلى حمولات النقل البحري التجاري العالمي تمثل 12 مليار طن سنوياً، منها 15 في المئة بنحو 1.8 مليار طن تمر عبر البحر الأحمر، محملة بجميع أنواع النفط والغاز والحبوب والمواد الغذائية والسيارات، في حين أن النفط والغاز يشكلان نحو ثمانية ملايين برميل تعبر يومياً، وتقريباً 32 مليون طن غاز سنوياً على الترتيب، نصفها من الشرق إلى الغرب، فيما النصف الآخر يمر من الغرب إلى الشرق، وهو ما يبين أن عمليات التبادل التجاري في مجال الطاقة تسير في الاتجاهات كافة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تأخر وصول السفن
وتحدث المحلل الاقتصادي عن الإجراءات التي اتخذت وتأثيرها في الاقتصاد العالمي. وقال إن "قيمة السفن عالية للغاية، إذ تراوح بين 50 و200 مليون دولار، أما قيمة الشحنة على متن السفينة فقد يتجاوز حتى ضعفي قيمة السفينة، وتتأخر هذه السفن السريعة أسبوعاً، في حين أن ناقلات النفط تتأخر أكثر إلى نحو أسبوعين، نظراً إلى بطء السرعة، من ثم رفعت شركات الشحن أسعارها فوراً إلى الضعفين، بسبب وجود نقص في السفن، إذ إن كثيراً من هذه السفن كان محملاً قبل عطلة رأس السنة الصينية، ولتغطية الوقود وأيام الإبحار الإضافية، وناقلات النفط لم تستطع الحصول على أي زيادة حتى الآن، وذلك بسبب وجود فائض منها في الأسواق، ولوجود الإنتاج والتصدير المرتفع للغاية إلى الولايات المتحدة ودول حوض الأطلسي".
لم يغفل المتخصص في حديثه أن الحرب الروسية - الأوكرانية تدخل عامها الثالث بعد أيام، وجرى التعامل إثرها مع حاجات الغرب من الطاقة في هذه الأثناء، وفسر عدم ارتفاع أسعار النفط والغاز، بسبب المخزون الاستراتيجي، واستخدامه في تغطية حاجات الدول الأوروبية.
وتحدث عن تأثر مدخول قناة السويس نتيجة تحويل السفن للإبحار حول طريق رأس الرجاء الصالح بحسب تصريحات مسؤولي القناة، بنسبة 40 في المئة، وهو ما يدفع إدارة القناة لاتخاذ قرارات تجارية، وعقد جلسات استماع مع ملاك السفن، للمحافظة على هذا المدخول.
ويضيف العوضي "لعل أنابيب نقل النفط لها أهمية كبيرة في توفير هذه المواد للأسواق العالمية، وهناك اختلاف بين ملاك سفن الحاويات وملاك حاملات النفط، فعدد ملاك السفن محدود بنحو 15 شركة يشكلون اتحاد نقل الحاويات، ويضعون الأسعار بحسب قراراتهم، ورفعوا أسعار شحن الحاويات 170 في المئة دفعة واحدة حين وقعت أحداث البحر الأحمر، وحوَّلت مسارات السفن إلى رأس الرجاء الصالح لتغطية كلفة الوقود والوقت الإضافيين في الرحلات، بينما ملاك الناقلات بعضهم ملاك شركات نفطية عالمية أو حكومات أو أفراد، وهم معروفون بصورة أكبر في أسواق العرض والطلب، وهؤلاء لم يستطيعوا رفع أسعار نقل الشحنات بسبب أن غالب نفط الخليج يتجه شرقاً، وأن هناك زيادة في عرض الناقلات، ولكن بدأت الآن أسعار النقل في الارتفاع ببطء".
ارتفاع كلفة التأمين على السفن
وعن العلاقة بين شركات التأمين وملاك السفن والناقلات، يتحدث العوضي أنه "من بداية تاريخ التجارة البحرية وهي معرضة للأخطار مثل العواصف أو القرصنة أو الحوادث، من ثم صناعة التأمين البحري تعمل بصورة متلازمة مع ملاك السفن للمحافظة على الممتلكات، من سفن أو بضائع أو أفراد، والناقلات يؤمن عليها تأميناً بحرياً، ولكن هناك تأميناً إضافياً على دخول مناطق العمليات الحربية الخطرة، فدخول البحر الأحمر وعبوره في سبعة أيام فقط، هناك رسم تأمين إضافي يقدر حالياً بـ0.07 في المئة من قيمة الناقلة، فإذا كانت القيمة 100 مليون دولار تصبح الكلفة 700 ألف دولار، وهو مبلغ كبير للغاية، وللعلم رسم التأمين الإضافي لدخول البحر الأسود حيث العمليات الحربية بين روسيا وأوكرانيا هو ثلاثة في المئة فقط من قيمة السفينة، فالخيار أمام ملاك السفن إما شراء التأمين الإضافي لعبور المنطقة أو تحويل مسار السفينة إلى مكان آخر، وهناك طريقة أخرى هي عدم شراء التأمين الإضافي والمخاطرة بالسفينة، وهو قرار خطر للغاية، لأن شركات التأمين وملاك السفن على اتصال دائم لأخذ القرار المناسب، لكن القرار في النهاية بيد أصحاب ناقلات النفط".