Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مستقبل مجهول لـ 450 ألف طالب في 120 جامعة سودانية

العام الدراسي على محك "التجميد" بعد حرق الأوراق وتدمير القاعات والمكتبات والمراكز البحثية

فداحة التدمير طاولت 104 من مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة (أ ف ب) 

ملخص

توقف 120 جامعة تضم نحو 450 ألف طالب عن الدراسة بسبب الحرب في السودان

تسببت الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، في توقف تام لمنظومة التعليم العالي بالبلاد في ظل حجم الدمار الذي لحق بالبنى التحتية وغيرها من المرافق الخدمية، بخاصة المنشآت والمراكز البحثية والمكتبات، إضافة إلى بعض مساكن أعضاء هيئة التدريس والطلاب.

فداحة التدمير الذي تعرضت له 104 من مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة وضع العام الدراسي كله في هوة المجهول، إذ يعيش آلاف من طلاب الجامعات حالة من اليأس والقلق على مصيرهم ومستقبلهم الذي بات في مهب الريح بعد أن تعطلت الدراسة.

أضرار وإحصاءات

أشارت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في السودان إلى حجم الأضرار التي تعرضت لها المؤسسات والجامعات السودانية، متهمة قوات "الدعم السريع" بالتدمير الممنهج للمؤسسات التعليمية على مستوى الأرواح والبنى التحتية والأصول الثابتة والمتحركة والممتلكات الشخصية، وطالبت المجتمع الدولي بإدانة هذه الممارسات.

وأضافت الوزارة في بيان "منذ بداية الحرب تكونت لجنة لحصر الأضرار المادية التي لحقت بمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات الحكومية والخاصة ومنسوبيها والمراكز البحثية والصندوق القومي لرعاية الطلاب، واستقت معلوماتها من مصادر موثوقة ذات صلة"، لافتة إلى أنها فقدت عدداً من علمائها قتلوا أثناء الحرب، فيما طاول التخريب كل مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي بولاية الخرطوم وعدداً من الولايات الأخرى، وتأثرت هذه المؤسسات كلياً أو جزئياً، وعددها 104 منها الحكومية والخاصة، إلى جانب المراكز البحثية والصندوق القومي لرعاية الطلاب، إضافة إلى رئاسة الوزارة التي تضررت باشتعال النار في عدد من طوابقها، واحتراق عدد كبير من المكاتب".

وتابع البيان "تضررت جامعات كثيرة بكلياتها المختلفة في البنى التحتية من المعامل والورش والمكتبات، وكذلك القاعات والمكاتب الإدارية حرقاً ونهباً وتكسيراً، وفي ولاية الخرطوم طاولت الأضرار جميع الجامعات الحكومية بكلياتها، إلى جانب أكثر من 10 جامعات خاصة، و20 كلية جامعية وجامعتين أهليتين"، لافتاً إلى تأثر كليات ست جامعات حكومية وعدد من الكليات الجامعية الخاصة في الولايات.

ونوه البيان إلى "سرقة كل وسائل النقل والحركة في هذه الجامعات، وإتلاف وتدمير كبير في المباني والممتلكات، كما لم يسلم الصندوق القومي لرعاية الطلاب ومكاتبه والمراكز البحثية بمعاملها ومكاتبها وورشها من النهب والتخريب والحرق، إلى جانب استهداف ممنهج لممتلكات ومساكن أعضاء هيئة التدريس والعاملين في مناطق كثيرة من العاصمة وبعض الولايات".

تدمير ممنهج

يرى المحاضر الأكاديمي معتصم الزاكي دونتاي أن "الأضرار التي لحقت بمؤسسات التعليم العالي جراء الحرب تسهم بشكل فاعل في وضع مستقبل الطلاب على محك التجميد"، مضيفاً أن "ما ورد في بيان وزارة التعليم العالي في مجمله صحيح بدرجة كبيرة، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بمؤسسات تعليمية في إقليم دارفور ومناطق في كردفان".

وأبدى دونتاي استغرابه ودهشته من أسباب التدمير الممنهج للجامعات، و"كأنما مقصود بالصراع المسلح تحديداً أساسات الدولة"، مردفاً أنه "من غير المعقول أن تقتحم جهة عسكرية مؤسسات تعليمية ليس لديها صالح في الحرب، ثم تقوم بحرق المكتبات ونهب الأصول والمعينات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع المتحدث "الجانب الأهم أن هناك تعطيلاً للطلاب ومستقبلهم الأكاديمي، واللافت في الأمر حتى الولايات الآمنة التي يفترض أن تستأنف فيها الدراسة قررت وزارة التعليم العالي إيقاف الخطوة باعتبار أن الجامعات تضم طلاباً من أقاليم السودان كافة، بالتالي من الصعب استمرار الدراسة دون التحاق طلاب الولايات المتأثرة بالحرب، خصوصاً دارفور وكردفان، فمن غير المعقول حرمانهم من حقهم في التعليم".

ولفت دونتاي النظر إلى أن "مستندات ووثائق الطلاب في عدد من المؤسسات تعرضت للحرق بشكل كامل، فضلاً عن نهب المعامل وتدميرها". وتطرق لأزمة الأجور، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم يتسلم الموظفون والعاملون في التعليم العالي رواتبهم لأشهر عدة، مما فاقم معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية، كما تسبب القتال في نزوح أعداد كبيرة من الكفاءات إلى خارج البلاد، وربما لن يعود كثر للسودان حتى لو توقفت الحرب".

خطة التأهيل

ونبه المحاضر في الجامعات السودانية إلى أن "معالجة آثار تدمير مؤسسات التعليم العالي يحتاج إلى كلفة مالية عالية للغاية وجهود كبيرة من أجل إعادة الجامعات إلى سيرتها الأولى"، منوهاً بأن التعليم العالي يشكل رأس الرمح في مستقبل البلاد، ولذلك حال لم يتم تأهيل البنى التحتية والمعامل والورش ومراكز البحوث والمكتبات بصورة علمية لن تفلح الجهود في عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة من جديد".

وطالب دونتاي الدولة والمنظمات الدولية ذات الصلة بالتعليم بدعم "مشروع إعادة تأهيل المؤسسات والجامعات من أجل إعادة الطلاب لمقاعد الدراسة وضمان عدم ضياع مستقبل الآلاف".

إيقاف الحرب

ولفت المحاضر في جامعة العلوم والتقانة حمدي صلاح الدين إلى أن "الأضرار التي وقعت على الجامعات الحكومية والخاصة كبيرة للغاية، فضلاً عن توقف العام الدراسي الجامعي لنحو خمسة أشهر في ظل عدم التكهن بانتهاء أمد الحرب، بالتالي بات العام الدراسي في مهب الريح، ولمعالجة الأزمة قدم عدد من الباحثين أوراقاً عن وضع الطلاب والطالبات في السودان"، مشيراً إلى ورقة متخصص الهندسة بجامعة الخرطوم أمجد عثمان عبداللطيف التي قدمها قبل أسابيع ترصد "توقف 120 جامعة تضم نحو 450 ألف طالب عن الدراسة لأنها تقع في مناطق غير آمنة بسبب الصراع المسلح في الخرطوم، سواء في أقاليم دارفور وكردفان والنيل الأزرق".

وأضاف صلاح الدين أن 65 في المئة من الشعب السوداني يقع تحت خط الفقر، فيما ستزيد الحرب معاناة الآلاف، كما أن هجرة الطلاب والطالبات خارج البلاد لإكمال دراستهم عملية في غاية الصعوبة، مشيراً إلى أنه إذا كان هناك بعض المقتدرين تمكنوا من ابتعاث أبنائهم وبناتهم للالتحاق بجامعات في دول المهجر، لكن الغالبية العظمى ما زالوا موجودين داخل السودان".

ورهن حمدي عودة الدراسة في الجامعات بتوقف الحرب وعودة الأمن والاستقرار في العاصمة الخرطوم والأقاليم الأخرى، بخاصة المتأثرة بالصراع المسلح.

مؤسسات التعليم

ويصل عدد مؤسسات التعليم العالي في السودان إلى 155 منها 39 جامعة حكومية بينها ثماني جامعات في الخرطوم، إضافة إلى 116 مؤسسة تعليم عالٍ خاصة منها 17 جامعة و65 كلية في العاصمة بين أهلية وأجنبية، ويبلغ عدد طلاب هذه المؤسسات وفقاً لإحصاءات حديثة 719 ألفاً و575 طالباً.

ويدرس في الجامعات الحكومية نحو 300 ألف طالب والبقية يتابعون تحصيلهم العلمي في الجامعات والكليات الخاصة والأجنبية، وتحتضن كل من الولايات الـ17 الأخرى في السودان جامعة واحدة في الأقل.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي