Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتهاكات خفر السواحل الليبي تحرج داعميه الأوروبيين

تلاحقه اتهامات بممارسة التهريب والتعذيب والاتجار في البشر والقائمون عليه أمراء حرب وقادة ميليشيات

دعوة الأمم المتحدة إلى وقف الدعم الموجه من الاتحاد الأوروبي لخفر السواحل الليبي لم تكن الأولى من نوعها هذا العام (أ ف ب)

ملخص

طالبت الأمم المتحدة الاتحاد الأوروبي خصوصاً إيطاليا بوقف الدعم المالي واللوجستي لخفر السواحل الليبي لارتكابه انتهاكات مروعة في حق مهاجرين.

"الاستخدام السيئ لصلاحياته وممارسة التهريب على متن القوارب التي يصادرها من مهربي البشر في عرض البحر"، تهمة جديدة قديمة تلاحق جهاز خفر السواحل الليبي المثير للجدل الذي اتهمته تقارير دولية كثيرة بممارسة انتهاكات واسعة خلال الأعوام الماضية.

الادعاء الأحدث من نوعه جاء في مقالة نشرتها مجلة "فورين بوليسي" ليضاف إلى قائمة طويلة ومتنوعة من الاتهامات الموجهة لخفر السواحل الليبي من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والعنف وإعاقة جهود المتطوعين لتنفيذ عمليات الإنقاذ، ضمن إدانات أخرى عدة، خصوصاً أن الجهاز مشكل من جماعات مسلحة عدة كانت في الغالب ميليشيات سابقة تورطت في شبكات لتهريب البشر. 

تكرر هذه الاتهامات الموجهة لحراس الشواطئ الليبية تسبب بانتقادات شديدة لهم في الداخل والخارج، ومطالبات محلية بحل الجهاز الذي بات سيئ الصيت ودعوات دولية إلى وقف الدعم الذي تمنحه له منذ أعوام منظمات دولية كثيرة، أهمها الاتحاد الأوروبي، المتضرر الأول من أفواج المهاجرين الوافدين من ليبيا.

إحراج للداعمين

التقارير المتواترة عن انتهاكات مروعة لخفر السواحل الليبي باتت تسبب الحرج للسلطات في إيطاليا والاتحاد الأوروبي أكثر مما تحرج السلطات الليبية لأنهما دعما الجهاز الليبي بالمال والمعدات والتدريب أكثر مما فعلت الحكومات في بلاده.

على سبيل المثال، قالت بعثة تابعة للأمم المتحدة لتقصي الحقائق في شأن ليبيا في مارس (آذار) الماضي إن "دعم الاتحاد الأوروبي للسلطات الليبية التي توقف المهاجرين وتحتجزهم يعني أنه ساعد وحرض على ارتكاب انتهاكات بحق المهاجرين".

وأوضح المحقق في البعثة الأممية لتقصي الحقائق شالوكا بياني، "لا نقول إن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه ارتكبوا هذه الجرائم، ما نريد قوله إن الدعم المقدم ساعد وحرض على ارتكابها".

وكان المتحدث الرئيس للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو ذكر في إفادة صحافية قبل إصدار التقرير "نقدم الدعم لمساعدة ليبيا في تحسين أدائها في ما يخص البحث والإنقاذ، سواء كان ذلك يتعلق بالسفن أو المعدات أو التدريب مع التركيز على حقوق الإنسان".

دعوة متكررة

دعوة الأمم المتحدة إلى وقف الدعم الموجه من الاتحاد الأوروبي لخفر السواحل الليبي لم تكن الأولى من نوعها هذا العام، فسبق أن طالبت الحقوقية الإيطالية جوليا ترانشينا في تقرير على موقع منظمة "هيومن رايتس ووتش" في يناير (كانون الثاني) الماضي، كلاً من إيطاليا والاتحاد الأوروبي بتعليق الدعم لخفر السواحل الليبي التابع لحكومة الوحدة الوطنية بسبب اتهامات بانتهاكات بحق المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى الأراضي الليبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودعت ترانشينا إلى "ربط أية مساعدة مستقبلية بإحراز تقدم ملموس من جانب السلطات الليبية في ما يتعلق باحترام حقوق المهاجرين ووصولهم إلى العدالة"، كما رأت أن "دعم خفر السواحل الليبي، مع العلم أنه سيسهل عودة آلاف الأشخاص لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، يجعل إيطاليا والاتحاد الأوروبي متواطئين في مثل هذه الجرائم".

واستندت الحقوقية الإيطالية إلى بيان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الذي قال إن "الجرائم ضد المهاجرين في ليبيا قد تشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب".

تعنت إيطالي

وانتقدت ترانشينا استمرار دعم الحكومة الإيطالية للسلطات الليبية على رغم تقارير المنظمات الدولية لحقوق الإنسان والتوصيات المتكررة لتعليق المساعدة من الأمين العام للأمم المتحدة ومفوض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، وقالت إن "رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني زارت ليبيا لتوقيع صفقة غاز كبيرة مع البلاد، وأعلنت أن إيطاليا ستزود خفر السواحل الليبي بخمسة قوارب مجهزة بالكامل".

ووصفت الجهود المبذولة لتوفير مسارات قانونية لإجلاء المهاجرين من ليبيا بأنها "مجرد ورقة توت"، مشيرة إلى أن "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين باشرت جهود إجلاء نحو 9 آلاف لاجئ فقط من خلال آلية الطوارئ منذ عام 2017".

ونبهت إلى أن هذه الجهود "لا تعفي إيطاليا والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من مسؤوليتها عن إعادة نحو 108 آلاف مهاجر إلى ليبيا للانتهاكات منذ 2017 وعن مقتل مهاجرين في البحر أو رهن الاحتجاز على يد السلطات الليبية".

قيادات مطلوبة دولياً

من أهم أسباب التي عززت السمعة السيئة لجهاز خفر السواحل الليبي خلال الأعوام الأخيرة أن عدداً من قادة الميليشيات وأمراء الحرب المشبوهين يترأسون مراكز قيادية فيه وبعضهم مطلوبون للعدالة داخل البلاد وخارجها.

من أبرز هذه الأسماء عبدالرحمن البيدجا الذي قاد الجهاز لسنوات في فترة حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج وحكومة الوحدة التي تسيطر على طرابلس حالياً بقيادة عبدالحميد الدبيبة.

واتهمت لجنة خبراء الأمم المتحدة عام 2017 البيدجا، إلى جانب أعضاء آخرين من خفر السواحل، بـ"التورط بشكل مباشر في غرق قوارب المهاجرين باستخدام الأسلحة النارية".

وبحسب اللجنة، "افتتح البيدجا مركزاً لاحتجاز المهاجرين في الزاوية، حيث وقعت انتهاكات ضد المهاجرين، وكان أيضاً متعاوناً مهماً في تهريب الوقود".

وألقت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق السابقة القبض على البيدجا في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020 بناء على أوامر قبض صادرة عن مكتب النائب العام، وأفرجت السلطات عنه في الـ11 من أبريل (نيسان) 2021 لعدم كفاية الأدلة حول تورطه في قضايا الاتجار بالبشر.

ورصد تقرير سابق لموقع "InfoMigrants" المعني بالهجرة والمهاجرين، على لسان مهاجرين غير شرعيين، انتهاكات البيدجا في مراكز الاحتجاز الليبية، واصفاً إياه بـ"الرئيس المخيف لخفر السواحل الليبي في الزاوية".

"البيدجا" ينفي

وكان القائد السابق لخفر السواحل الليبي المطلوب دولياً، عبد الرحمن ميلاد الشهير بـ"البيدجا"، هاجم رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، في تصريح نادر له بفيديو على صفحته على فيسبوك العام الماضي بعد فتح الدبيبة تحقيقاً في التهم المنسوبة لخفر السواحل.

ونفى البيدجا في المقطع المصور كل ما نسب إلى الجهاز في فترة إدراته له قائلاً "سكتنا على الظلم وحفاظاً على السياده الليبية، ولم نتكلم عن حقوقنا المشروعة كبحرية ليبية، ولم تتنبهوا إلى ما أنجزنا في فترة الحكومة الوهمية". وأضاف، "لم تعط الحكومة الوهمية أهمية للبحرية على الرغم من أن رئيسها وزير دفاع، ولم تنظر ماذا فعل حرس السواحل في البحر، ولم تنظر للأكاديمية البحرية التي يدرس فيها من جميع ربوع ليبيا ولا للشعب الليبي".

خفر السواحل الليبي

تمتلك ليبيا حالياً قوتين لمهمات خفر السواحل، الأولى هي الإدارة العامة للأمن الساحلي التي تنضوي تحت نطاق وزارة الداخلية، وخفر السواحل الليبي الذي هو جزء من البحرية الليبية ويقع ضمن مسؤولية وزارة الدفاع.

ووفقاً لمصادر الاتحاد الأوروبي، فإن ما مجموعه 336 مليون يورو سلمت إلى خفر السواحل الليبي منذ عام 2014 من خلال برامج تتعلق بالمهاجرين في ليبيا في إطار صندوق الاتحاد الأوروبي الائتماني لأفريقيا، تم إنفاق 91.3 مليون يورو منها على تدريب وتجهيز خفر السواحل الليبي من بين أمور عدة أخرى.

كما تم استثمار مبلغ 91.3 يورو في "الإدارة المتكاملة للحدود والهجرة" التي تتضمن برنامجين، يتشارك كل منهما مناصفة في المبلغ الإجمالي، ويهدف البرنامج الأول الذي تم تبنيه في يوليو (تموز) 2017 إلى "تعزيز قدرات إدارة الحدود لدى السلطات الليبية".

أما البرنامج الثاني الذي تم تبنيه في ديسمبر (كانون الأول) 2018 وتنفذه وزارة الداخلية الإيطالية، فيشمل "دعم خفر السواحل الليبي، بخاصة مركز تنسيق الإنقاذ البحري وشراء وصيانة زوارق الدوريات".

وتقوم إيطاليا أيضاً بتدريب وتجهيز وتمويل وتنسيق عمليات خفر السواحل الليبي بشكل مباشر بعد اتفاق بين الحكومة الإيطالية وليبيا في (شباط) 2017 بهدف إعادة السفن والمهاجرين إلى الأخيرة.

المزيد من تقارير